نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. مدينة سلمان الصناعية ومستقبل التنمية (2)

تاريخ النشر : 15 يناير  2010 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تحدثنا في مقال سابق عن افتتاح جلالة الملك لمدينة سلمان الصناعية وما يعنيه ذلك من التركيز على النمية الصناعية والانتاجية وكيف ان المدينة سوف تساهم في رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي وما توفره من فرص عمل للبحرينيين من امثال المتفوقين الذين كرمتهم وزارة العمل. ان الهدف المعلن لمساهمة القطاع لاصناعي في الناتج المحلي هو 26% بحلول عام 2014 واذا وضعناه في اطاره العام بافتتاح ميناء خليفة قبل مدة نجد اننا بصدد خطوات نحو مستقبل افضل للصناعة اذا ما توافرت اسس اخرى برزت من خلال كلمة الرئيس التنيفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية. فما هي هذه الاسس الذي تحدث عنها؟

اولا هناك عملية اقامة الصناعات وما تحتاج اليه من اجراءات وتسهيلات وخدمات توفر المناخ المناسب للمستثمرين لاقامة استثماراتهم ويختصر الروتين الاداري من خلال النافذة الواحدة. وهذا بطبيعة الحال يحتاج الى زيادة كفاءة العمل الاداري في الوزارات. وفي الواقع فان الحكومة خطت في هذا المجال من خلال برنامج التميز الاداري الذي يقوده مكتب سمو رئي الوزراء. غير ان المركز مازال يتناول الجانب الاجرائي ولم يتطرق حتى الان الى الجانب التنظيمي والاستراتيجية.

ثانيا: احتواء المدينة على حاضنات صناعية اضافية ليصل عدد الحاضنات الى 130 وحدة لخدمة المشاريع المتوسطة والصغيرة وهي بمثابة تربة صالحة لغرس الافكار والمشاريع التي ابتكرتها عقول بحرينية تحتاج الى مساعدة في خطواتها الاولى . وقد حققت هذه الحاضنات نجاحات في ايجاد اعمال ناجحة بمساعدة قيمة من بنك التنمية وهيئة سوق العمل (تمكين).

ثالثا كشفت وزارة الصناعة عن توجيهات ملكية لابتعاث متفوقين من العاملين في هذه المدينة للتخصص في ادارة المشاريع الصناعية. ونضيف ان هناك حاجة الى تخصصات في مجالات صناعية عديدة اخرى لتغطية الثلاثين الف وظيفة التي ستوفرها المنطقة. فكيف سيتم توفيرها من خريجي الجامعات والمدارس؟ هذا يتطلب جهدت مشتركا بين وزارة الصناعة ومجلس التنمية ووزراة التعليم ومجلس التعليم العالي لوضع التصور الشامل لهذه المتطلبات وكيفية توفيرها. وفي هذا المقام يجب الاشارة الى انه توجد جهود كبيرة في تعديل المناهج. غير انها تحتاج الى اعادة نظر في كثير من التخصصات والمناهج لضمان تلبية متطلبات هذه المؤسسات والشركات.

رابعا: الغاء الضرائب على المواد الخام والمعدات الصناعية وقيود التصدير لتشجيع الاستثمارات الاجنبية والخليجية يحتاج الامر الى توقف عند ضرورة الغاء الضرائب. هل هذا مستحب وفي مصلحة البلد؟ صحيح ان دول الخليج الغت الكثير من الضرائب ومنطق المنافسة الاقليمية قد يحتم هذا، ولكن في ظل ما تعانية الحكومة من شح الموارد المالية التي قد يضطرها الى دراسة الرسوم والدعم لسلع حيوية. فهل من الانصاف الاعفاء الكلي؟ وماذا عن ضريبة لصالح البحث العلمي التي سوف تصب في صلب استراتيجية التنمية وتطبقها بعض دول الخليج. 

خامسا : وضع بنك التنمية هدفا لتنمية الصناعة بمعدل 9% سنويا. هذه النسبة تعتبر انجازا مهما. لكن الاهم هو ما نوع الصناعات التي ستنمو. هل هي صناعات بتقنية مملوكة للاجانب ام صناعات بتقنيات محلية. وان كانت اجنبية فما هي خطة توطينها؟ وهل هي صناعات تقليدية ام حديثة. ملوثة للبيئة ام مستدامة وصديقة للبيئة. وما نوع الوظائف التي سوف تنتجها وكم سيكون نصيب البحرينيين من الوظائف فيها؟ لم تتضح من كلمات المسئولين اجابات شافية لمثل هذه الاسئلة.

سادسا واخيرا اقامة هيئة ملكية صناعية في المنطقة المغمورة بالقرب من المدينة الصناعية، لاحتضان الصناعات المتقدمة والصديقة للبيئة. وان المشروع يُقَيَّمْ الان مع الاستشاريين. والذي سيكون مركزا مهما للصناعة يمكن ان ينقل المملكة الى مصاف الدول الخليجية المتقدمة. نتمنى ان يفصح مجلس التنمية الاقتصادية عن مزيد من المعلومات حول هذه الهيئة في الوقت المناسب ليتم مناقشتها واثرائها.

في وارد الاجابة عن بعض التساؤلات يورد الرئيس التنفيذي لمجلس التنمي ةالاقتصادية ثلاث مبادرات لتعزيز القطاع الصناعي وهي: اولا تعظيم الاستفادة من القاعدة الصناعية الحالية. ثانيا تطوير مشتقات صناعية جديدة من المنتجات الصناعية الحالة. وثالثا تشجيع الانشطة التصنيعية القائمة على الابتكار. والسؤال هو : ما هي الالية التي سوف تتبع لتحقيق هذه المباردات الثلاث؟ وما هو المقصود بتعظيم الاستفادة وكيف سيتم تطوير مشتقات صناعية جديدة من المنتجات الحالية؟ وكيف سيتم تشجيع الانشطة الاقتصادية القائمة على الابتكار؟ اليس هذا يحتم النظر في اقامة مراكز ابحاث وتطوير؟

وللمساهمة في انجاز المبادرات الثلاث في اعوام قادمة والاجابة عن التساؤلات المصاحبة لها، لا بد من وجود قيادة صناعية تنفيذية تعمل يدا بيد مع مجلس التنمية الاقتصادية والحكومة لترجمعة هذه المبادرات الى واقع واكمال المنظومة التشريعية التي تساعد في ذلك وتهتم بالصناعات الاستراتيجية ضمن استراتيجية صناعية وطنية. لذا فاننا نكرر نداءنا الذي اطلقناه في مقال سابق لشركة ممتلكات ان نغير من طريقة تفكيرها ونطاق تخويلها وان تصبح مؤسسة تنموية بالاضافة الى كونها استمثارية. مؤسسة تكمل جهود الحكومة ومجلس التنمية. اي ان عليها ان تخصص جزءأ من استثماراتها لقيادة النهضة الصناعية والبحثية في الاتجاه الذي يحقق هذه المبادرات ويعظم الاستفادة من القاعدة الصناعية كما يريد مجلس التنمية الاقتصادية. اما في الوقت الحاضر فان معظم المؤسسات والشركات الواقعة في منطقة الحد الصناعية هي شركات اجنبية. لن يكون همها تعظيم القاعدة الصناعية، بل لها اولويات مختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *