نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

معرض الصناعة فرصة للتامل في تنويع الاقتصاد

  تاريخ النشر :15 فبراير ٢٠١٧

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1058242

تم في يوم الثلثاء الموافق 7 فبراير افتتاح معرض الخليج للصناعات 2017 الذي تنظمه سنويا شركة الهلال للمعارض والمؤتمرات والذي يستمر 3 ايام في مركز البحرين الدولي للمعارض والمؤتمرات. شارك في المعرض العديد من الشركات الصناعية الكبرى في البحرين وفي المنطقة. يحسب للمعرض استمرارية اقامته سنويا واستقطاب الشركات الصناعية وطرح فرص استثمارية كما يمثل جزء مهم من الترويج للصناعة في المنطقة. 

زيارة المعرض تشعرنا بالاهمية القصوى لقطاع الصناعة في التنمية. يقول الكاتب (روتشير شارما في كتابه صعود وهبوط الدول) بانه لا توجد دولة حققت نهضة اقتصادية كبيرة ودخلت في تعداد الدول المتقدمة الا وكان ذلك اعتمادا على قطاع صناعي متطور ومنافس عالميا. الصناعة هي التوجه الحقيقي والاهم في تنمية القدرات الانتاجية وتحقيق رخاء الشعوب. اما الدول التي تعتمد على المواد الاولية فان اقتصادياتها متذبذبة وتعتمد على سعر بيع هذه السلع. فحتى دول كبرى مثل روسيا تتضرر لكونها تعتمد على تصدير مواد اولية وضعف في القطاع الصناعي. 

اعلنت البا عن توجه بزيادة الانتاج الى 1.5 مليون طن بعد اتمام الخط السادس الذي تم عرض موجز عنه في المعرض. هذه الزيادة في الانتاج قد تشجع الصناعات التحويلية المنبثقة عن انتاج الالمنيوم. في هذا المجال يحتاج الامر الى التوجه نحو الانتاج ذو القيمة المضافة العالية. وهذا يتطلب استراتيجية صناعية تأخذ ذلك في الحسبان. 

من الصناعات التي تلفت النظر والتي تمثل قيمة مضافة عالية هو مشاركة مصنع لانتاج الواح الطاقة الشمسية (سولار ون). هذا توجه متقدم تكنولوجيا ويمكن ان يمثل حافزا لصناعات اخرى تحتاجها هذه الصناعة. كذلك يبرز المعرض اصرار ومثابرة استثمارات الزياني في تطوير الصناعة ومنها ميدال كيبل التي يزداد طلبها على تصنيع الالمنيوم بدلا من تصديره كمواد خام. لكن بالرغم من قدم هذه الصناعة لا نرى تطوير لهذا التوجه، فمازالت كميات كبيرة من الالمنيوم تصدر للخارج كمواد خام وليست مواد مصنعة. 

التحدي الذي يواجه البحرين بشكل خاص هو حجم السوق الصغير مما يجعل صناعتها تعتمد على الصادرات وبالتالي الحاجة الى رفع القدرة التنافسية. لذلك فان السوق الخليجية والتكامل الخليجي والعربي (ان قدر له) سوف يشكل فرصة كبيرة للصناعة المحلية والخليجية. هذا يعتبر هدف استراتيجية لدول الخليج بالذات ينبغي ان تعمل على تحقيقه باقصى قدر ممكن. فالدول العربية يمكن ان تشكل السوق الواعدة للصناعات المحلية والخليجية والعربية، وبالذات الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة مثل مصر والسودان والمغرب العربي. 

من المناسب في هذا الوقت ان يصدر تقرير “تقييم الامكانات الانتاجية للدول” (productive capacity). احتلت البحرين مرتبة متقدمة في هذا المقياس 42 من 181 دولة. هذا المؤشر يقول بان البحرين لديها امكانيات انتاجية، ولكن لا يقول بانها تستخدمها افضل استخدام لتحقيق انتاج صناعي وخدمي قابل للتبادل التجاري الذي يوسع القاعدة الانتاجية ويساهم في تنويع الدخل كتعويض عن النفط. بلوغ ذلك يتطلب عمل وخلق مؤسسات واصلاحات في مجالات عدة. 

كذلك هناك بعض المؤشرات التي تشير الى تقدم في قطاع التصنيع وامكانية ان يقود هذا القطاع في خلق القاعدة الانتاجية وتنويع مصادر الدخل. فمثلا الاستطلاع الذي اجرته مؤسسة غلف تالنت (gulf talent) يقول بان المستقبل يشير الى تقدم قطاع الصناعة في التوظيف وانه يخطط لزيادة عماله وموظفيه. وان موجة خفض الموظفين التي بدأت مع تدني اسعار النفط قد نتجاوزها في 2017. هذا التفاؤل مفيد لسوق التصنيع كما هو مفيد للاقتصاد بشكل عام، لكن يتطلب ذلك عمل من الحكومة لاستثماره والضغط في اتجاه مساعدة قطاع الصناعات.

ان اول مساعدة نسديها لقطاع الصناعة هو الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي وتخريج اعدا اكبر ونوعيات افضل من المهندسين والفنيين. وهذا الى الان غير واضح كيف سيتم في ضوء واقع التعليم لدينا؟ فما زال التعليم بحاجة الى تطوير في جميع مراحلة وخصوصا في المرحلة الجامعية والتدريب المهني لكي يستفيد من فرص التوظيف التي تتحدث عنها دراسة غلف تالنت. 

ثانيا ان المنافسة اليوم مع الدول الكبرى والمتقدمة تشكل تحديا كبيرا على دول الخليج فيما لو ذهبت كل منها منفردة تصارع عمالقة الاسواق العالمية. يدعونا ذلك الى المطالبة بالاسراع في التكامل الاقتصادي الخليجي ومحاولة بناء سوق عربية مشتركة. هذا يتطلب النظر الى الاصلاح السياسي بجدية اكبر وجعله في سلم الاولويات بالاضافة الى الدفع في تصليح العلاقات العربية العربية لتشجيع الاستثمار بين الدول العربية لانعاشها ورفع القدرات الشرائية لديها واهمها مصر والسودان واليمن. 

الحديث عن الحاجة الى سوق عربية يبعث الى الشاؤم في امكانية انتعاش الوضع الاقتصادي، فالجميع يدرك، من التجربة والواقع العربي، ان ما نطالب به هو صعب للغاية ان لم مستحيلا، ومع ذلك نقول بان التنافسية العالمية تحتم علينا الاصرار والمطالبة بتكامل خليجي يتطور في المستقبل الى سوق اقليمية تكون قاطرة للنمو الاقتصادي العربي.   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *