نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. مفهوم المواطنة في التربية والتعليم 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تاريخ النشر 16 سبتمبر 2007

قبل عدة ايام حضرت اجتماع دعت اليه مدرسة إعدادية للبنات لاولياء الامور وكان الموضوع هو محاولة من ادارة المدرسة بالتشاور مع اولياء الامول حول تحسين تحصيل الطالبات واوضحت ادارة المدرسة أهمية تعاون البيت مع المدرسة في حث الطالبات على الدراسة ومراقبتهن ومتابعة علاماتهن والاطلاع على كراساتهن وملاحظة تصرفاتهن, وهذا بطبيعة الحال مبادرة إيجابية من المدرسة وندعوا الى الاكثار من هذه اللقاءات.

لكن أهم ما لفت نظري هو مطالبة اولياء الامور بحث بناتهن بعدم الاهتمام بما لا يعنيهن مثل تعطل اجهزة التكييف او دورات المياه او الماء. تقول المحاضرة ان “هذه امور من اختصاص ادارة المدرسة وهي تتابع اصلاحها مع الجهات الرسمية في الوزارة وليس من اختصاص الطالبات”. استغربت كثيرا لمثل هذا الكلام وتصورت لو ان جميع المدارس في البحرين توجه التلاميذ الى عدم الاكتراث والتدخل في هذه الامور التي هي من اختصاص المدرسة. كيف يمكن للطالب ان لا يهتم لامور معيشته وما يعكر عليه القدرة على الدراسة والتحصيل اذا زادت مدة الاصلاح عن الحد المعقول؟ وتساءلت هل هذه سياسة الوزارة ام اجتهاد من ادارة مدرسة معينة؟ واطلعت على كتاب المواطنة للصف الاول اعدادي ووجدت انه يحث على عكس ما تقوله المدرسة، فالكتاب يتحدث عن حقوق المواطن وواجباته السياسية والاقتصادية والثقافية وانه يهدف الى خلق مواطن صالح يعرف حقوقه وواجباتع وكيف يدافع عنها اذا تعرضت الى تجني او اهمال. 

وارى ان دور المدرسة هو تدريب الطالب على كيفية تأدية واجباته والمحافظة على حقوقه والمطالبة بها بالاسلوب الحضاري السلمي وكيف يصعد المطالبة بها من مستوى الى اخر دون ان يلجأ الى العنف او الشغب. كان بودي ان تقول ادارة المدرسة بانها تدرب الطالبات على ملاحظة امور حياتهن في الامدرسة والمحافظة عليها من العبث والابلاغ عن أي اهمال او تقصير الى الجهات الرسمية. كان بودي لو ان المدرسة تدرب الطالبات على اسلوب التصعيد في المطالبة بالحقوق من القول ومن ثم الكتابة الى ادارة المدرسة ومن ثم طلب مقابلة مديرة المدرسة ومحاورتها عن سبب عدم الاصلاح، واذا لم يجدي ذلك تشجع ادارة المدارس الطالبات بالكتابة الى الوزارة مباشرة وطلب مقابلة الوزير اذا فشلت جميع المحاولات. وفي اخر المطاف الاعتصام والتظاهر السلمي المنظم لتوصيل صوتهن الى القيادة السياسية في البلد.  

هذا التدريب في الاسلوب الحضاري في الحوار والمطالبة سوف يشكل ضغط على الجهات الرسمية والقيادية بالقيام بواجبها بشكل جدي ويخلق مواطن ايجابي (فالمسلم القوي خير من المسلم الضعيف). اما اسكات الطلاب وافهامهم بان هذا ليس من شئونهم وان عليهم الاهتمام بدروسهم فقط، فهذا ليس من التربية في شيئ (من لم يهتم بشئون المسلمين فليس منهم). كما ان ذلك من شأنه خلق مواطن سلبي غير قادر على التفاعل مع الاحداث بالوسائل السلمية والحضارية ويكون عرضة للانحراف والدخول المباشر في الشغب والاخلال بالامن وقد يصل الامر الى الجماعات الارهابية.

انا واثق من ان وزارة التربية لا تقر مبدأ اسكات الطلبة والطالبات وانها حريصة على خلق المواطن الصالح الحريص على مصالحه ومصالح امته والاهتمام بشئون وطنه وامته العربية والاسلامية.  فالمدرسة هي تربية بالدرجة الاولي وليس اهم من تربية المواطن الصالح الذي يعرف كيف يتصرف وكيف يشارك المسلمون همومهم والمشاركة في الدفاع عن مصالحهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *