نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

١٦ فبراير ٢٠٢٢

مقال الاسبوع- ليس من الانصاف ما يحدث ل #لمتقاعدين من تعدي على حقوقهم في المحافظة على مستواهم المعيشي. ايقاف الزيادة 3% تجعلهم يخسرون 40% من مستوى معيشتهم خلال عشر سنوات فقط. هذا يمثل ضريبة تفرض عليهم من دون افراد المجتمع. هناك خيارات اخرى لاصلاح النظام يبدأ بالمحاسبة والحوكمة ورفع يد الحكومة.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1285348

مناقشة في اصلاحات قانون التقاعد

تثار قضية التقاعد في المجتمع وفي المجلس النيابي والجمعيات السياسية. عبر بعض اعضاء جميعات المتقاعدين والمجتمع عن موقفهم في الصحافة وفي التواصل الاجتماعي، وشاركهم كثير من نشطاء المجتمع في ضرورة اعادة النظر بعض المقترحات. مازالت القضية مطروحة للنقاش والمداولة بين الحكومة والنواب لم تنتهي، ودخلت غرفة التجارة على الخط. القضية ذات ابعاد وتداعيات على المتقاعد وعائلته والمجتمع، فماهي المعالجات المطروحة؟

اولا يؤثر قانون التقاعد في حياة شريحة كبيرة من المجتمع. بلغ عدد المتقاعدين حوالي 74 الف، مع عائلاتهم يصل العدد الى 350 الف مواطن، بالاضافة الى من هم على وشك التقاعد يرتفع العدد الى نصف مليون تقريبا. كثير من المتقاعدين لديهم التزامات تجاه اولادهم القصر والبالغين والمتزوجين ونسبة كبيرة من المتقاعديو تعاني امراض مزمنة تحتاج الى عناية خاصة وعلاجات. هذا يستلزم الاهتمام بمستوى معيشتهم التي اعتادوا عليها والمحافظة عليها كي لا تنحدر. في اي نقاش للتقاعد يجب الاخذ في الاعتبار ارتفاع كلفة المعيشة سنويا جراء التضخم بما لا يقل عن 5%، مما يعرض الراتب التقاعدي للتآكل (اذا كان الراتب 1000 دينار تصبح قوته الشرائية بعد عشر سنوات 600 دينار تقريبا، بانخفاض 40%). ادركت الحكومة ذلك منذ امد فاقرت زيادة سنوية 3% كتعويض عن ارتفاع كلفة المعيشة، وبالتالي فان الزيادة 3% ليس لها علاقة باصلاح صندوق التقاعد بل هي تعويض عن التضخم.

اليوم ونتيجة الضغوط المالية التي يتعرض لها صندوق التقاعد يجري الحديث عن مراجعة القانون واجراء تعديلات “لاطالة عمر الصندوق”. الملاحظ ان هذه المراجعة لا تشمل مناقشة اداء استثمارات الصندوق ولا تشمل جودة الادارة والحوكمة بشكل كافي مثل تغيير سياسات الاستثمار وضبط تحصيل الاموال لدى مؤسسات وبنوك تخص صندوق التقاعد؟ تحصيل هذه المبالغ المعلن عنها والتي تصل الى 200 مليون تكفي لتغطية كلفة الزيادة 3% لمدة اثني عشر سنة.

عبر المجتمع عن رفضه لكثير من التعديلات واعتبر ان الدولة هي الضامنة للرفاة الاجتماعي وفق المادة 5 فقرة ج من الدستور” تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحة”. والضمان الاجتماعي اوسع من التقاعد ويشمل العاطلين واصحاب الاحتياجات الخاصة. وهذه الخدمات ينبغي ان تتطور وتتقدم وفق تقدم المجتمع وان يعمل لها حساب في الميزانية العامة وفي خطط التنمية على انها جزء من رفاه المجتمع، والمحافظة على الطبقة الوسطى وزيادة تاثيرها لتساهم في استقرار المجتمع. كذلك اشار المشاركون في ندوة نضمتها الصحافة المحلية الى ضرورة تعزيز مبادئ الحوكمة في هيئة التامينات وايقاف عملية منح قروض لاي جهة كانت، او معاملة موظفيها بشراء مدة خدمة لا تتفق مع قانون التقاعد. فالهيئة مؤتمنة على اموال الناس ولا يجوز التصرف فيها. كذلك تعزيز مبادئ الافصاح عن جميع الاستثمارات لديها وتعاملها مع موظفيها، وممارسات تخرج عن ما هو معمول به في الوزارات وفق القانون. تاكيدا لهذه المسئولية اقر مجلس الشورى ضرورة الرقابة على ادارة اموال صناديق التقاعد.

مناقشة اصلاح صندوق التقاعد يتطلب اولا الاتفاق على مبدأ ان التقاعد عملية تكافلية بين المجتمع. كما ينبغي ان يوضع في الاعتبار بالدرجة الاولى الغاية من الصندوق وما هي اهدافه طويلة المدى. ثانيا تحديد المسئولية عن حسن ادارة الصندوق واستدامة.

الغاية من النظام التقاعدي هي المحافظة على مستوى معيشة المتقاعد وتامين حياة مستقرة له ولعائلته واستقرار المجتمع. وبالتالي فان التعديلات لا بد ان تراعي المحافظة على هذا المستوى من المعيشة للمتقاعد. لذلك فان ايقاف 3% على المتقاعدين، تُحمل المتقاعد مسئولية العجوزات والقصور وتجعله يدفع ثمن تراجع اداء الصندوق وتَحمُّل نتائج بعض القرارات بتخفيض مساهمة الشركات في 1986. كذلك تحمله مسئولية القروض التي منحها الصندوق او الاستثمارات التي لا يتجاوز عوائدها 2%. هذا يتنافى مع منطق العدالة وروح الدستور.

تَقَدم المجتمع ومنظماته بعدد من المقترحات الاول يتعلق باصلاحات في هيئة التأمنيات تتجه نحو مراجعة سياسات هيئة التأمينات واعادة النظر في ضبط سياسات الاقراض من الصندوق باعادة هيكلة مجلس الادارة وزيادة تمثيل المتقاعدين والعمال في مجلس الادارة وتخفيض تمثيل الحكومة. ثانيا اصلاح سوق العمل  لتخفيض البطالة والاستفادة من اشتراكاتهم. ثالثا زيادة ايرادات الصندوق من خلال رفع كفاءة الاستثمار، وزيادة المشاركين في الصندوق، مثل ادخال العمالة الاجنبية كما كانت في قانون التقاعد قبل ايقافها، مع العلم بان الاموال المقتطعة، اذا ما تحقق اصلاح صندوق التامينات، فانها سوف تُضخ في الاقتصاد وتُستثمر من قبل مجتمع الاعمال لصالح الجميع.

في نهاية المطاف نرى ان اصلاح التقاعد لا بد ان يكون جزء من عملية اصلاح اقتصادي واجتماعي تؤمن دخل مناسب للمواطن وتضمن قدر اكبر من المساواة. واذا اتفقنا على ان مخصصات التقاعد هي جزء من الضمان الاجتماعي؛ وان الضمان الاجتماعي مسئولية الدولة؛ واذا اتفقنا على ان الاقتصاد بطبيعته يتعرض لتذبذبات دورية في كل دول العالم ويعالج اما بتقليل الانفاق الحكومي او زيادته لتحفيز الاقتصاد او كبحه، في جميع الحالات يتحمل المجتمع ككل الاعباء من خلال نظام ضريبي تصاعدي يبدأ بالدولة والشركات وينتهي ليشمل كل مقتدر ليحقق التضامن المجتمعي وتقليل الفوارق في الدخل والثروة ويتحقق الاستقرار النفسي والمعيشي للفرد والعائلة والمجتمع.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *