نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

نويع الاقتصاد تحتاج الى حلول شاملة

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٠١ مارس ٢٠١٧ –

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1060224

بعد انخفاض اسعار النفط في منطقة الخليج ياخذ الوضع الاقتصادي المساحة الاكبر في الصحف وفي تصاريح الحكومات وفي مناشدتها للشعوب لتقبل التقشف والسياسات الضريبية المختلفة وزيادة الرسوم، واستدعاء الوطنية والصبر والتضحية بالمصالح الفردية لصالح المصلحة العامة. مع ان هذه المناشدة موجه كما يبدوا الى المواطن العادي فانه يرى ان هذه المناشدات لا تطال الكثير من السلوك الحكومي او المسئولين. بالاضافة الى ذلك فان المناشدة للتقشف تطالب من هم على حد الكفاف تقريبا بمزيد من التقشف والتضحية. 

فمثلا في تصريح وزير العمل سعادة جميل الحميدان، يقول بان هناك 45 الف عائلة دخلها اقل من 300 دينار وهناك 15 الف يستلمون معونات غلاء المعيشة. هذا يعني ان ما يزيد على 30% من البحرينيين يعيشون على اقل من 300 دينا. وضعت الرؤية الاقتصادية خط الفقر النسبي في البحرين بواقع 374 دينار. مقارنة هذه الارقام تدعو الى التفكير في حلول لتنشيط الاقتصاد وفتح فرص عمل مجزية للبحرينيين. واذا وضعنا في الاعتبار التنازل عن البحرنة مقابل مبلغ سنويا (300 دينار) يدفعها صاحب العمل عن كل موظف اضافي غير بحريني، ندرك ان المنافسة تشتد على البحريني. ومع ذلك فان وزارة العمل تبدو متفائلة في قدرتها على فتح فرص عمل. 

الصورة قد لا تكون قاتمة فهناك بعض ما يدعو الى التفاؤل. من المؤشرات التي تدعو الى التفاؤل هو الاعلان عن ارباح الشركات التي قد تشير الى ان وضع السوق مازال بخير. من الاخبار التي تدعو الى نوع من التفاؤل ايضا هو استقطاب استثمارات في 2016 قدرها 106 مليون دينار ستخلق 1600 فرصة عمل على مدى ثلاث سنوات (معدل 550 فرصة عمل سنويا)، نامل ان يستفيد منها البحرينيون. ان اي مساهمة في جلب الاستثمار هي اضافة الى الاقتصاد ولكن نظرا لكون مجلس التنمية الاقتصادية هو الاداة الرئيسية لدينا في تحريك الاستثمارات نرى ان هذه المساهمة على مدى عام كامل تعتبر محدودة ونحتاج الى جهد اكبر. فخلق 550 فرصة عمل في السنة، في حين ان الطب للبحرينيين فقط يزيد على 6000 فرصة عمل سنويا هي مساهمة متواضعة من مجلس التنمية الاقتصادية.

بين حين واخر تعلن وزارة العمل عن فتح فرص عمل وتوظيف اعداد من العاطلين، فمثلا في الاسبوع الماضي اعلنت الوزارة عن توظيف ما يقارب الفين مواطن في القطاع الخاص من خلال معارض التوظيف.  ولكننا نعلم ان وزارة  لا تستطيع معالجة كل هذه المشاكل منفردة، ويحتاج الامر الى جهد حكومي شامل لرفع مستوى الرواتب وتقليل اعداد من هم في مستوى الفقر خصوصا بعد زيادة الاعباء التي سوف يتحملها المواطن من فرض الرسوم والضرائب. الجواب الذي ينتظره الجميع لمعالجة البطالة وتدني الرواتب واجتياز مرحلة تدني اسعار النفط هو تنويع الاقتصاد وهذا الى الان لم يحدث.

التقرير الصادر في اغسطس 2016 من UBS بنك السويسري يرى ان المجال فسيح لدول الخليج لتحقيق نجاح في التنويع الاقتصادي في مجالات الطاقة والسياحة والمال والرعاية الصحية. يواصل التقرير بان الاصلاحات لن تكون سهلة لتحقيق تقدم في هذه المجالات وتحتاج الى واقعية ومزيد من الجهد في التعليم وتحقيق مساواة في الدخل، وان يتم تبني سياسات تدعم نقل التكنولوجيا والابتكار وسياسات تدعم التوظيف والاستدامة الاقتصادية. يوصي التقرير بمزيد من الاستثمارات في التعليم والتدريب واكتساب العلوم الاجنبية لتسريع التنمية في اقتصاد المعرفة وتحويل توفير فرص العمل الى القطاع الخاص بدلا من تركيز التوظيف في القطاع العام.

تأكيدا على هذا التحليل قد يكون من المفيد استعراض ما جاء على لسان معالي رئيس مجلس الشورى السيد علي صالح الصالح في الندوة التي عقدتها جمعية الصحفيين، يقول معاليه بان المواطن يتحمل مسئولية في ترشيد السلوك الاستهلاكي غير الضروري للاسهام في تجاوز الازمة التي تمر بها البحرين، ويرى ان التكالب على الاقتراض الشخصي هو حالة مرضية اجتماعية تحتاج الى معالجة. والمسئولية في نظره تتوزع على السطات في الدولة ووسائل الاعلام من حيث الدفاع عن حقوق المواطنين محدودي الدخل. ويرى ان يتحمل المواطن مسئولية الدفاع عن نفسه ومستوى معيشته من خلال محاربة السلوك الاستهلاكي ورفض الاقتراض الاستهلاكي. ويضيف باهمية بناء مواطن منتج، وضرورة ومواجهة معدلات البطالة، وتعزيز كقاءة الجهاز الحكومي. يحدد كذلك معالية عدد من التحديات منها محدودية الموراد، ضيق مساحة الاراضي، نقص المياه، وارتفاع الدين العام الذي يستخدم في تسديد تكاليف متكررة ، العجز الاكتواري في صندوق التقاعد، ووجود بطالة بين الشباب يهدد مستقبلهم وقد يؤدي الى انحرافهم ، التحدي السكاني الذي يتزايد بنمستويات غير طبيعية واخيرا تزايد الارهاب الذي يهدد قدوم الاستثمارات. 

تحت هذا الكلام يكمن عدد من الدلالات اولا ان هناك مستوى من البطالة غير مقبول ويحتاج الى مواجهة ومعالجة، ثانيا لدينا بعض اجهزة الدولة دون المستوى المقبول من الكفاءة لا يمكن تحمله في الوقت الراهن من الضائقة المالية. وثالثا ان الكلام يوحي بوجود فرضية هي ان هذه الازمة هي مؤقته وان اسعار النفط سوف تتعافي وتعود الحياة الى حالتها السابقة من الانفاق البذخي والتبذير على مستوى المواطن والدولة.

السؤال بعد كل ذلك هو هل يمكن ان تنحصر الحلول في الجانب الاقتصادي ام اننا بحاجة الى معالجة شمولية للوضع تطال الجانب السياسي والاجتماعي والثقافي والمعرفي؟ 

mkuwaiti@batelco.com.bh   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *