نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

هل الاقتصاد فعلا ضحية السياسة؟

 تاريخ النشر :١٦ يوليو ٢٠١٤ 

بقلم: د.محمد عيسى الكويتي  

مقال الأسبوع- الشعوب (الربيع العربي) ليست مسؤولة عن تردي الأوضاع الاقتصادية بل الحكام الذين فضلوا القمع بدلا من الحلول السياسية والمشاركة الفعلية.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13263/article/33105.html

في دراسة لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية (أخبار الخليج 10 يوليو 2014 ص18) يرى المركز ان المسؤولية تقع على الشعوب التي لم تصبر على قدرهاوتتحمل ظروفها وشح فرص العمل فثارت وعرضت دولها للخطر بقيامهابالتظاهرات والاحتجاجات والانتفاضات. أدى ذلك إلى تراجع الاقتصادوالإنتاج وزادت معاناة الفقراء والعمال.

ما يمر به العالم العربي من صراع (خفي وعلني) على السلطة منذالخمسينيات أنتج فوضى وتشظيا وحروبا أهلية طائفية وتهديدا للامنوالاستقرار، أضافة إلى تدني مستويات المعيشة وبطالة بين الشباب مهدرةللطاقات، وفقر وجهل تحدثت عنه العديد من التقارير الأممية. طال التخلفجوانب متعددة منها التعليم والصحة والبحث العلمي والإنتاج الصناعي. وإذاأضيف اليه مظاهر البذخ والفساد يمكن القول ان العالم العربي في طريقه إلىالخروج من التاريخ. والسؤال الضمني الذي يطرح في الكثير من الكتاباتوالدراسات حول الوضع بعد الربيع العربي هو من المسؤول عن كل ذلك؟  

في دراسة لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية (أخبار الخليج 10 يوليو 2014 ص18) يرى المركز ان المسؤولية تقع على الشعوب التي لم تصبر على قدرهاوتتحمل ظروفها وشح فرص العمل فثارت وعرضت دولها للخطر بقيامهابالتظاهرات والاحتجاجات والانتفاضات. أدى ذلك إلى تراجع الاقتصادوالإنتاج وزادت معاناة الفقراء والعمال. 

أطروحة الدراسة تفترض إمكانية فصل السياسة عن الاقتصاد. ويرى إمكانيةتحقيق تنمية وثورة صناعية بعيدة عن الإصلاح السياسي المفضي إلى مشاركةسياسية ديمقراطية. أي انه يطرح إمكانية فصل إدارة شؤون الانسانوالمجتمعات (السياسة) وبين سعي الفرد/ المواطن في اكتساب معيشته(الاقتصاد). وفي معرض طرحه هذا فهو يُحمِّل شعوب (الربيع العربي) مسؤولية تدهور الأوضاع في الوطن العربي لأنهم استعجلوا التغيير وطالبوا بهفتحول العالم العربي إلى فوضى. 

نود ان نذكر المركز ان الأنظمة العربية حكمت لأكثر من ستين سنة، منذ أوائلالخمسينيات مع ابتعاد يكاد يكون كاملا للشعوب عن النزاع على السلطة أوالمطالبة بالديمقراطية أو الحقوق. فماذا حدث؟ ماذا فعلت الأنظمة بهذاالاستقرار؟ في نفس الوقت نذكر المركز بأن النمور الآسيوية ومنها كورياوسنغافورا وتايوان وغيرها – التي يستشهد بها المركز – تمكنت من بناء نهضتهاالصناعية والتنموية في اقل من ثلاثين سنة، وتحولت إلى نظم ديمقراطية فياقل من عشرين سنة، لماذا فشلت أنظمة العرب في الوقت الذي نجحت فيهالدول الأخرى؟  

كان بودنا ان يركز المركز على مثل هذه الأسئلة ويطرح تفسيرا موضوعيا رزينابدلا من تبرير فشل الأنظمة واتهام الشعوب بعدم الصبر وسوء إدارة الاقتصادوالحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. استخدمت الأنظمة التنوع فيالشعوب لخلق خلافات وصراعات أوصلت الأمة إلى حروب أهلية وتشرذموتقسيم. كما ان الفساد وسوء إدارة الثروات والاستئثار بها افرز تطرفا إسلاميافي معظم هذه الدول. قضت الأنظمة العربية هذه العقود الستة وهي توهمالشعوب بالعيش الكريم وتمنيها بالحياة الرغدة وتطالبها بالتضحية، تارةلمحاربة الاستعمار والصهيونية، وتارة للتغلب على المؤامرات. تطالبها بالتخليعن حقوقها في التنمية والحرية والمساواة والكرامة الإنسانية والعدالةالاجتماعية من اجل الوطن، في الوقت الذي يتم فيه انتهاك حرمات الوطنوتبديد ثرواته. 

صحيح ان التدني في الأداء الاقتصادي تفاقم بعد الحركات الاحتجاجية، وهذاأمر طبيعي حدث في كثير من الدول التي مرت بمثل هذه الظروف، لكن هلكانت الأحوال أفضل قبل الربيع العربي؟ المركز نفسه يقر بأن اقتصاديات دولالربيع العربي أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبل الأحداث، وفي ذلك إقرار بأنالاقتصاد كان سيئا قبل الأحداث وأن الشعوب لم تكن السبب في ذلك؟ وهذاالإقرار يظهر التناقض في أطروحة المركز بأن «الاقتصاد ضحية السياسة». وكما يقال في الإدارة «لا يوجد عامل مهمل بل يوجد مدير فاشل». أي ان ترديالأوضاع قبل الثورات وبعدها يتحمل مسؤوليته القيادات كونها المسؤولة عنإدارة شؤون المجتمع. 

الفشل الذي سبق الربيع العربي موثق في التقارير الأممية المتعددة. فالمؤشراتالاقتصادية والعلمية والبيئية التي تنشرها منظمات أممية ومحلية تبين مدىالتخلف الذي يعاني منه المواطن <span class=”s6″ style=”line-height:21.

ردإعادة توجيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *