نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. هيئة ضمان الجودة واصلاح التعليم

تاريخ النشر 27 نوفمبر 2013 طباعة 1

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

بدعوة كريمة من الدكتورة جواهر المضحكي الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب (هيئة صمان الجودة) اقيمت حلقة عرض ومناقشة حضرها عدد من الكتاب المهتمين بقضية التعليم في البحرين والذين يشاركون الهيئة همها في اصلاح التعليم.

اولا نود ان نقدم شكرنا وتقديرنا على مبادرة الهيئة في هذه الخطوة التي قل ان نراها من وزارات الدولة، وهذا في حد ذاته دليل على ادراك اهمية التعاون والتشاور والاصغاء الى النقد ومختلف الاراء من اجل التطوير. هَدفَ اللقاء الى التعرف عن قرب على ما تقوم به الهيئة والتواصل وتبادل الافكار حول كيفية المساهمة في تطوير عملها وبالتالي منظومة التعليم.

قدم السئولون في الهيئة، كل ضمن اختصاصه، عرضا لانشطتها وتمت مناقشة العديد من التساؤلات حول دور الهيئة في ابراز جوانب القصور في التعليم. يتضح من التقارير ان الوضع الحالي غير مرض. على الرغم مما توحي به نتائج الامتحانات من تقدم في العملية التعليمية فان تقارير الهيئة تبين ان اكثر من 70% من المدارس تحصل على تقدير مرض او غير ملائم.

الامتحانات هي عادة معيار لتقييم المستوى، ولكن اتضح من النقاش ان العملية يشوبها كثير من التشويه. فمستوى الغش في المدارس غير معروف، بعضه لاسباب تنظيمية مثل لجان المراقبة وطبيعة قاعات الامتحانات، وبعضها ذاتية تتعلق بالتلاميذ انفسهم، وبعضها من المدرسين وعلاقاتهم بالطلبة في الدروس الخصوصية. بالاضافة الى ذلك يبدو ان هناك توجها لدى الوزارة الى زيادة العلامات بشكل منهجي بدليل زيادة التفوق سنة بعد سنة. وبالتالي فان المستوى الحقيقي للتعليم لا يبرز الا عندما يتقدم الطالب المتخرج للعمل او في امتحانات قبول الجامعات. عندها نظهر المستويات المتدنية الصادمة. لذلك يمكن القول بان الوسيلة الموثوقة والصادقة لمعرفة المستوى الحقيقي للتعليم غير متوفرة حتى الان، هذا في حد ذاته مدعاة لعملية اصلاح حقيقية جادة.

في تقرير وزير التربية والتعليم المقدم الى اليونيسكو يربط الوزير نظام التعليم بالتنمية بقوله “ان تعزيز الانتاجية والابتكار يتم من خلال حصول البحرينيين على اعلى مستوى ممكن من التعليم يستطيعون من خلاله مواصلة الحصول على المهارات المطلوبة لتحقيق طموحاتهم”. نتفق مع الوزير في الربط بين التعليم واهداف التنمية لكن هل يتحقق ذلك على ارض الواقع؟ يتطلب الامر فتح حوار مفتوح ليس مع الهيئة فقط وانما مع وزارة التربية حول مدى قدرتها على إحداث التغيير المطلوب في ضوء المفاهيم واساليب التدريس والادارة السائدة. اي اننا بحاجة الى مراجعة شاملة لسياسة التعليم. من اسلوب تعيين القيادات التعليمية الى اسس فلسفة التعليم والغاية منه وماذا تريد الوزاة تحقيقه.

هل الوزارة وحدها قادرة على ذلك؟ تبدأ عملية الاصلاح بالتعامل مع التعليم على انها منظومة لا تستطيع وزارة التعليم او هيئة ضمان الجودة اصلاحها بسبب وجود لاعبين اخرين يؤثرون في عملية التعليم ويجب ان يشاركوا في الاصلاح. تقييم الهيئة لا يمكن ان يشمل كل شيء. فمثلا السياسات التي تحكم عملية التعليم صادرة عن الحكومة والرؤية العامة للدولة. والفلسفة العامة للوزارة والبيئة المجتمعية التي تعيش فيها المدرسة ومستوى حرية الفكر والنشر والتعبير والضغط المجتمعي والثقافي كل هذه امور لها علاقة بالتعليم وهي خارج عملية التقييم وحتى بعضها خارج نطاق وزارة التربية والتعليم. هذا يطرح العديد من الاسئلة حول مدى قدرة الوزارة على اصلاح التعليم من دون اصلاح اشمل يشترك فيه جميع الاطراف.

هذا يتطلب في اعتقادنا امرين. الاول ان تتبنى وزارة التربية تقاشا مجتمعيا يحدد المشاكل وكيفية الخروج منها وان يكون لديها الاستعداد النفسي والذهني للدخول في مثل هذا الحوار ليس بذهنية المدافع عن “انجازاته” ولكن بذهنية المقر بالمشكلة والباحث عن حلول. وان تحتذي الوزارة بمبادرة الهيئة في اشراك المهتمين بعملية التعليم والمختصين من خارج الوزارة في هذه المناقشة.

ثانيا نفتقر الى وجود دراسات رصينة في هذا الصدد، الحكومة والوزارة لا تقومان بمثل هذه الدراسات وان قامتا فان عدم وجود الشفافية الكافية واتاحة المعلومات لدراسات مستقلة يجعل مصداقية هذه الدراسات مثار شك وجدل. في هذه الدراسات لا بد ان ننظر الى التعليم على انه جزء من منظومة اشمل. المنظومة هي بطبيعتها خاضعة لبيئة خارجة عن سيطرتها وبالتالي فان النظر الى البيئة المحيطة في هذه الدراسات يعطي عمقا وشمولية واحاطة. اي الا تنحصر الدراسات على وزارة التربية والتعليم بل تتعداها الى المجال الاوسع ليشمل البنية الاقتصادية التي تخلق الطلب على مخرجات التعليم وقدرة الاقتصاد على دعم مخرجات التعليم، والمجتمع ومتطلباته وتطلعاته. كما تشمل الوضع الثقافي والاجتماعي والسياسي العام في الدولة وتاثيره على التعليم.

الخلاصة هي ان عملية التقييم السنوي لا تكفي لاصلاح التعليم. الهيئة وما تقوم به من تقييم تشير الى مواطن الخلل. ولكن لا تستطيع ان تجبر احد على اخذ الدواء. اصلاح التعليم وجعله اكثر مواءمة مع متطلبات سوق العمل ومتطلبات المجتمع وتقدمه ونهضته وتمكين الانسان من بلوغ قدراته هي مسئولية الحكومة ووزارات الدولة ومنها وزارة التربية والتعليم. واصلاح منظومة التعليم تتطلب دراسات معمقة تنظر الى المشكلة في كليتها. هذا لا يعني ان ما تقوم به الهيئة او القائمون على التعليم غير مجد ولكن لا يمكن ان نطالبهم باكثر من قدراتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *