نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

وزارة العمل والخطة الوطنية للتوظيف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ١١ مارس ٢٠٢٠ – 02:00

مقال الاسبوع – لدينا عاطلين ولدينا وزارة مطلوب منها خطة للتوظيف لم تضعها من المسئول؟؟ رفض الاستجواب هو اضعاف المساءلة البرلمانية وهذا يضعف التجربة الديمقراطية ويمنع تقدمها ويضر بالتنمية الاقتصاد ومستوى معيشة الناس. الامور مترابطة والاصلاح يعتمد على المساءلة. مهمة النواب تقوية المجلس وليس اضعافه. وهذا يتم من خلال المساءلة.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1203353

قضيةُ الشبابِ الباحث عن عمل هي قضيةٌ محورية في المجتمع البحريني. وهي قضية أمن وطني وقضية تنموية تتعامل مع موردٍ بشري مهم نعتمدُ عليه في تحقيق الرخاء الاقتصادي. أي أن البطالة هي هدرٌ لطاقة الشباب وضياع ثروة منتجة ناهيك عن ما تمثله من تأثيرٍ نفسي على هؤلاء الشباب وتعزز الشعور بالإحباط الذي يحول الشباب إلى طاقة غير مأمونة الجانب. رأينا نتائجها في الوطن العربي في الدول التي شهدت ما أطلق عليه تسمية ـ«الربيع العربي» وفي الموجة الجديدة التي حدثت وتحدث في الجزائر وتونس ولبنان والعراق. أي أن هذه القضية هي على درجةٍ كبيرة من الأهمية لا ينبغي الاستهانة بها.

استجابة لارتفاع أصوات أولياء الأمور والشباب والمطالبة بفرص عمل، قرر مجلس النواب القيام بتحقيق في هذه القضية. قدمت اللجنة تقريرها واتضح منه أن هناك بعض القصور في ست وزارات حمَّلتها اللجنة المسؤولية كل في اختصاصه. ونرى أن هذه النتيجة تثبت ما ذكرناه سابقا من أن قضية البطالة ليست مسؤولية وزارة بعينها بل هي مسؤولية شاملة لأكثر من وزارة وهي نتيجة توجه تنموي ركَّز في المراحل السابقة على النفط والخدمات وخضع للفكر الليبرالي الحديث من جهة، وعدم مواءمة مخرجات التعليم من جهة أخرى، وبالتالي فهي قضية معقدة تتطلب مستويات كبيرة من الاهتمام وفهم منظومي شمولي.

إن وجود خطة وطنية للتوظيف هي قضية محورية للبحرنة إلا أن لجنة الجدية ومجلس النواب رفضا الاستجواب. رفضت هذه اللجنة الاستجواب دون أن تضع تصورات لحلول بديلة. فالوضع القائم هو أن هناك درجة من البطالة ستضر بالمجتمع، وهناك قانون يفرض وجود خطة وطنية للتوظيف لم تقم وزارة العمل بوضع الآليات الوافية لتحقيق التوظيف المأمول، وهناك مسؤولية على الوزارة في عدم وضع هذه الخطة. ولابد من التحرك بفاعلية أكثر لحل المشكلة.

في مقابلة لسعادة وزير العمل يقول: إن «التوظيف ومكافحة البطالة تحظى بأولوية في برنامج عمل الحكومة، وأن هناك منظومة متكاملة لرصد مؤشرات سوق العمل واتخاذ القرارات بناء عليها»، ويضيف أن «التعامل المجزأ مع هذه الحزمة لا يعطي الصورة الكاملة عن حالة سوق العمل. ووزارة العمل هي جزء من هذه المنظومة».

توصيف الوزير بأن المشكلة معقدة وتتعدد فيها المسؤوليات يجعل وضع الخطة أمرا ضروريا لمعالجة البطالة. فهناك مخرجات تعليم وهناك خلق فرص عمل وهناك توجه اقتصادي وهناك العديد من القضايا تفرض وجود خطة تنسق هذه الجهود وتحدد أهدافها ومؤشراتها وتتابع أداءها وتصحح مسارها.

نقول لمن رفض الاستجواب من النواب إن هناك حالة أو درجة بطالة قائمة. وقانون هيئة تنظيم سوق العمل يطالب وزير العمل بوضع خطة لتوظيف البحرينيين ويقال إنه لم يتم وضعها كما هو مستهدف. وبما أن الوزير تسلم الوزارة في عام 2011 ولم تكن هناك خطة وطنية للتوظيف، فمن الطبيعي أن يبدأ الوزير بوضع هذه الخطة أو أن يطالب بتعديل المادة لإعفاء الوزارة من الاضطلاع بتك المسؤولية وحدها،. إذًا، هناك مشكلة حقيقية تحتاج إلى معالجة، وشباب يتطلع إلى بناء مستقبله، فإذا كان وزير العمل ليس وحده في هذا الشأن، فمن يمكن أن توجَّه إليه المساءلة؟ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نرى أن كل عمل من هذا النوع وبهذا الحجم يحتاج إلى جهة مركزية تنسق بين الجهات المختلفة وتضع خطة أداء ومتابعة نتائج تمثل خارطة طريق توحد الجهود وتتحمل مسؤولية الأداء النهائي. فمن سيقوم بذلك؟

من المؤسف أن تضيع المسؤولية في مثل هذه القضية بين دهاليز اللجان والهيئات وتاريخ تعيين الوزراء وبرنامج الحكومة، ونفقد القدرة على المحاسبة بسببها. القضية التي نحن بصددها مسألة تعني أن لدينا مشكلة أكبر من مشكلة البطالة وهي كيفية إدارة الملفات الكبيرة والمعقدة والتي تؤثر في نتائج التنمية التي نعتمد عليها في بناء مستقبل أبنائنا. إن المساءلة البرلمانية قضية مهمة من أجل تنمية مسيرتنا الديمقراطية التي نعول عليها في معالجة مشاكلنا وفي تنمية اقتصادنا وازدهارنا واستقرارنا من خلال نظام مساءلة ومحاسبة فعَّال. 

إن الاستجواب هنا لا يُقصد منه إسقاط الوزير ولكن تعزيز فكرة المساءلة البرلمانية التي هي ركيزة لتطوير العمل ولتحقيق نتائج في أي ملف. من غير المقبول أن يُرفض استجواب من أسهم في اللجنة على مدى سنة كاملة وطرح تساؤلات بشان ما يراه البعض نوعا من التقصير. كتب النائب يوسف زينل يقول: «إنه امتنع عن التصويت لرفضه مبدأ وجود لجنة الجدية ويعتبرها غير دستورية ومعيقة لأداة الاستجواب التي هي أهم أدوات المساءلة». فهل مَنْ رفض الاستجواب لديه حل أخر لقضية المساءلة وتقوية مجلس النواب؟ مهمة المجلس اليوم هي تقوية أدواته الرقابية والتشريعية. وأن ما حدث ينبغي أن يدفع مجلس النواب إلى إعادة النظر في اللائحة الداخلية وعليه أن يشرح للناس كيف يمكن إكساب العمل البرلماني قدرًا أكبر من الفاعلية في المستقبل؟ أملنا أن نعمل على وضع حلول شاملة لمسألة البطالة وتحريك البحرنة في اتجاه يعيد الثقة في مستقبل أفضل. 

mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *