نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

 اكتشاف النفط الجديد فرصة سانحة للتنمية المستقبلية

نبارك للبحرين قيادة وشعبا اكتشاف النفط الصخري الجديد كما نامل ان يكون قدوم خير وبركة علينا جميعا وان يفتح الله من خلاله طريقا جديدا لتنمية مستدامة تقوم على أسس إنتاجية تمكننا من التخلص من اقتصاد مهدد بتقلبات أسعار النفط والاتكال عليه. من حق شعب البحرين ان يفرح بهذا الاكتشاف فقد صبر كثيرا وعانا واليوم عاوده الامل في تحسين مستوى معيشته المادية اسوة بأقرانه من دول الخليج. غير ان تحسين مستوى المعيشة المادي  يجب ان يكون نتيجة التنمية. وهذا ما نتمنى ان نوجه انظارنا اليه مستعينين بإيرادات النفط الجديد.

وفق المعلومات المتوفرة فان هذا الاكتشاف يقدر بحوالي 80 مليار برميل من النفط الخام وكذلك ما يقارب 14 تريليون قدم مكعب من الغاز. يقع البئر في مياه ضحلة وقريب من آبار النفط الحالية مما قد يساهم على تقليل كلفة الإنتاج. في الخمس سنوات المقبلة سوف تتحدد كلفة الإنتاج وكذلك النسبة التجارية الممكن استخراجها من الكمية الكلية (80 مليار برميل). وفق تجارب دول مثل أمريكا فان النسبة الممكن استخراجها تتراوح بين 5% الى 10%. وبذلك فان النفط الممكن استخراجه سيكون بين أربعة الى ثمانية مليارات برميل. السؤال ماهي الكمية التي سوف تضخ يوميا؟ وما هي كلفة استخراجه؟ هذا سؤال يحدده المختصون في الوقت المناسب. 

على افتراض ان الكمية المتاحة هي 10% من الكمية الكلية، وكلفة الاستخراج تتراوح 50 دولار (الحد الأعلى في امريكا). واذا اعتبرنا متوسط سعر برميل النفط ستين دولار، وقسمنا الايراد على خمسين سنة، سيكون صافي الايراد السنوي 600 مليون دينار وفي حالة ارتفع سعر النفط الى سبعين دولار سيكون الايراد مليار ومائتين مليون دينار. هذه حسبة بدائية وفي انتظار ما ينشره لنا المختصون. كون هذا النوع من النفط الصخري في المياه الإقليمية هو الأول من نوعه، فهذا قد يغير كثيرا من هذه التقديرات.

أيا كانت الإيرادات فان إدارة هذه الثروة يجب ان لا تكون كما كانت في الماضي. لا ينبغي ان نتبع نفس السياسة ونقع في نفس المطب. اليوم الأولوية يجب ان تكون للإنفاق الإنتاجي وليس الاستهلاكي. تمويل الميزانية والعجوزات وتسديد الدين يجب ان يخضع لمنطق الاقدر يدفع، ولا مناص من الاعتماد على ضرائب الدخل وضرائب الثروة. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا بد وان تسود في هذه الإيرادات منطق الشفافية والافصاح واعلام المجتمع ماهي خياراته وبدائله وليكن القرار مشترك مع باقي فئات المجتمع وبشكل خاص الجمعيات السياسية وغرفة التجارة ونقابات العمال والمختصون من الجمعيات المهنية.

هناك فرص استثمارية يمكن ان تدخل فيها الدولة لتنويع الاقتصاد مثل تطوير الجزر والسواحل لزيادة السياحة وهناك المشروع اللوجستي الذي تسعى البحرين لتطويره يحتاج الى استثمارات كبيرة. والأهم من هذا وذلك هو الاستثمار في الصناعة وفي الاقتصاد المعرفي الذي يتطلب منظومة تعليمية تختلف عن ما هو لدينا اليوم. المجالات الصناعية الممكنة قد تكون في استعمال النفط والغاز الجديد في الصناعات بدلا من التصدير الخام. مثل هذه الصناعات المتطورة من شأنها ان تخلق وظائف ذات نسبة كبيرة من المعرفة  للبحرينيين وليست وظائف متدنية المهارة تجتذب الأجانب. 

وفق دراسة قام بها مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية قدم فيها عدد من التوصيات يرى ان هناك أولويات محددة تبدأ بمواجهة الخلل السكاني في المنطقة وهذا يشمل البحرين وان كان بنسبة اقل. يتم ذلك من خلال تحويل الاقتصاد نحو اقتصاد معرفي يعتمد على التدريب المهارات والمعرفة والتكنولوجيا المتقدمة بدلا من العمالة الرخيصة. ثانيا يرى التقرير الحاجة الى ثورة في منظومة التعليم بكل عناصرها ومراحلها. وهذا لا يتم بمجرد وضع اهداف وانما يحتاج الى استثمارات في التدريب والتعليم وفي الصناعات المعرفية. كذلك يحتاج الى تغيير في الثقافة المجتمعية ترفع من شأن المهن والحرف والعمل اليدوي وفي نفس الوقت ترفع مكانة المعلم والمدرب الاجتماعية. ثالثا توصي الدراسة بإحداث اصلاح مالي في الانفاق الحكومة وفي أنظمة الخدمة المدنية ووضع الأولويات الاستراتيجية ووقف الانفاق المظهري والتفاخري. ورابعا السعي للتعاون الاقتصادي مع الدول الأخرى على المستوى الخليجي والعربي وفق مصالح مشتركة وليس شعارات. 

مع العلم بان استثمارات القطاع الخاص اكثر كفاءة من استثمارات القطاع العام الا ان الوضع يفرض علينا عدم الاعتماد عليه. على مدى خمسة عقود لم يتمكن من خلق اقتصاد قوي. قطاعنا الخاص وبسبب طول مدة الدولة الريعية اصبح يعتمد على الربحية المضمونة من التجارة، ونمت لديه عقلية تجارية من الصعب تغييرها في وقت قصير، لذللك تصبح استثمارات الدولة ذات أهمية كبيرة. في الوقت الذي تتوفر مثل هذه الأموال يصبح استثمار القطاع العام واجب وطني تحتمه الظروف التي نعيشها. هذا لا يعني ان يُعفى القطاع الخاص ولكنه يعني تحفيزه وشده الى ساحة الاستثمار بشراء اسهم في المشاريع الناجحة وانسحاب القطاع العام تدريجيا. ثانيا دخول القطاع الخاص بتشجيع من القطاع العام يفتح امام الدولة قاعدة ضريبية يمكن ان تستفيد منها لتمويل مشاريعها الاجتماعية وتحقيق العدالة في توزيع الثروة والعدالة في الدخل من خلال نظام ضريبي تصاعدي. لتحقيق الاستفادة هذه يصبح من الضروري خلق مناخ من الشفافية وتوفر المعلومات تجعل الجميع مطمئن الى حسن استخدام المال العام وايرادات الضرائب والنفط. 

لا بد ان نتعلم من الماضي والاخطاء التي وقعنا فيها في توظيف الثروات والطفرات النفطية المتتالية، وكانت النتيجة ديون وعجوزات. الان يتطلع المواطن الى رؤية افضل واستخدام اكثر كفاءة للموارد والنظر بعين الاعتبار لخلق امل ومستقبل لشبابنا. 

mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *