نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الأزمة المصرية ومسئولية مجلس التعاون الاستراتيجية

  تاريخ النشر :١٦ يناير ٢٠١٣ 

 بقلم : د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع- دول مجلس التعاون عليها مسئولية نجاح مصر في معالجة ازمتها المالية ومساعدتها كما فعلت في معالجة الازمة المالية الامريكية.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12717/article/2862.html

شَكَّل العراق نقطة تحول في التاريخ العربي الحديث في اكثر من محطة. ففي مرحلة سابقة وبالتحديد بعد غزو الكويت، ودخول العالم في حصار العراق وبعدها قرار غزوها بقيادة امريكا دخل مجلس التعاون وعدد من الدول العربية هذا الحلف ضد العراق. كان ذلك قمة التبعية العربية لمخطط امريكي يهدف الى السيطرة على العالم العربي. وشكَّل ذلك سقطة استراتيجية كبيرة لم تدركه دول مجلس التعاون. 

 ان ما يحدث اليوم في العراق قد يكون ذا تأثير كبير واستراتيجيا على مستوى العالم العربي بشكل عام وعلى الخليج بشكل خاص. ما يحدث في العراق اذا ما قدر له النجاح في تكريس الديمقراطية ونبذ الطائفية وتخفيف النفوذ الأجنبي والإقليمي له أهمية كبيرة، ليس من منظار طائفي بقدر ما هو مهم من منظور استراتيجي عربي قومي قد يقود الى بروز تكتل عربي له مشروع يقود الى صحوة توازي حجم التحول في الربيع العربي.

 بعد غزو الكويت واجه العراق سلسلة من العقوبات انهكته وخسر خلالها قدراته العلمية والعسكرية التي بناها على مدى عقود وكان لها اثر كبير في تشكيل نوع من التوازن في منطقة الخليج العربي كما شكل اضافة هامة في موازين القوى مع العدو الصهيوني. غير ان ما بُني على باطل فهو باطل. بُني هذا التسليح والعلم على أشلاء المواطنين العراقيين ونال من كرامتهم وهجَّر الملايين خارج العراق وعرض العراق للاستبداد والظلم على يد النظام السابق.

 يتيح التاريخ الآن فرصة لدول المجلس ان تصحح ذلك الخطأ الاستراتيجي من خلال وقوفها مع دول الربيع العربي، وبصفة خاصة مصر، لإخراجها من محنتها الاقتصادية وتقويتها لتستعيد الامة مكانتها وتحقق استقلالها الحقيقي. ان تخلي دول المجلس عن مصر في هذا المرحلة تحت اي ذريعة سواء كانت بسبب اختلافها مع الاخوان المسلمين، او بسبب ضغوط أجنبية او تحت اي ذريعة أخرى سوف تكون سقطة اكبر من السماح بغزو العراق.

 اظهر غزو العراق قُصر نظر السياسات العربية والخليجية التي قبلت ان يتم اقتلاع بوابتها الشرقية مما جعلها مكشوفة وسلموا بذلك العراق الى النفوذ الاجنبي بأشكاله المختلقة. هذا السلوك يبين مدى تسلط امريكا على القرار العربي والخليجي وكيف يمكن جعل الدول العربية ان تتخذ قرارات وتشارك في أعمال ضد مصالحها القومية ومصالح شعوبها. 

 الحالة الثانية من قصر النظر الخليجية التي تعتبر سقطة استراتيجية هو ما يحدث في مصر، وأهمية الوقوف معها اقتصاديا لتكون العون للامة العربية والخليج العربي بشكل خاص. علينا ان لا نجعل الوضع السياسي الداخلي المصري يقف عائقا لتحقيق اهداف استراتيجية كبرى تنهض بالأمة وتعالج مشاكل خليجية وعربية اصبحت مزمنة مثل التخلف العلمي والتهديد الديمغرافي والتهديد بالتقسيم، والصراع الطائفي والصراع الخليجي الايراني والمواجهة مع العدو الصهيوني.

 في قمة 2011 لدول مجلس التعاون صدر في البيان الختامي في الفقرة السياسية فيما يتعلق بمصر «رحب المجلس الأعلى بإنجاز المرحلتين الأولى والثانية من انتخابات مجلس الشعب في مصر الشقيقة. وأعرب عن أمله أن تتضافر كافة الجهود لتحقيق تطلعات الشعب المصري الشقيق نحو الأمن والرفاه والنماء». هذه التمنيات لا تكفي لحماية مصر من مطب الافلاس. مصر يجب ان تنجح ويتوقف الكثير على دول الخليج لتقديم المساعدة. وعدم مساعدتها يعتبر خطأ استراتيجيا آخر.

 في مقال للدكتور عبدالله القويز، المدير التنفيذي لبنك التنمية الاسلامي يقول ان التحدي الاستراتيجي الأهم هو ما يحدث في العالم العربي من تحولات سياسية (الربيع العربي) وما صاحبها من تدهور «مؤقت» لاقتصاديات هذه الدول تقدر بحوالي 32 الى 50 مليار دولار، واذا أضفنا ما يحدث في سوريا ودمار ليبيا فقد تتضاعف هذه التقديرات. بالرغم من ذلك فان الفوائد على المواطن كانت كبيرة أهمها زوال خوفه من السلطة وزيادة وعيه السياسي. هذا الوعي جعل المواطن العربي يربط النجاح الاقتصادي بصلاح النظام السياسي وخضوع القيادات للمساءلة والمحاسبة والمساواة امام القانون وقيام المؤسسات التي تخدم المجتمع وليس النخب الحاكمة. الفائدة الثانية هي ان المواطن العربي اصبح يربط مستقبل ابنائه بنجاح هذه الثورات وقدرتها على خلق بيئة صالحة منتجة خاضعة للحكم الرشيد. هذه الفوائد تستحق التضحيات ومطلوبة من الجميع. 

 هذا يضع مسئولية على دول المجلس في مساعدة دول الربيع العربي وبصفة خاصة مصر على الخروج من الأزمة المالية الناتجة من عدم الاستقرر المصاحب للثورات. فهل تستطيع دول المجلس القيام بذلك؟ ام انها ستنشغل بما يشاع حول «مؤامرة الاخوان». مساعدة مصر والاستثمار فيها وفي مستقبلها هو استثمار في مستقبل الامة ومستقبل دول الخليج نفسها. حكم الاخوان في مصر حكم شرعي أتى عن طريق الانتخابات وسوف يتغير من خلال الانتخابات والشعب المصري لن يتراجع عن المسار الديمقراطي. 

 في دراسة معمقة قام بها معهد اكسفورد لدراسات الطاقة، توصلت الى نتائج وتوصيات أهمها ان فائض إنتاج النفط متوفر في ثلاث دول فقط هي السعودية والكويت والامارات، وبالتالي فإن أي توقف او نقص في الإنتاج العالمي لا يمكن تغطيته الا من قبل هذه الدول الخليجية الثلاث، وان نصف إنتاج الغاز ياتي من دول عربية. ويرى ان ذلك يضع على دول مجلس التعاون مسئوليات دولية وإقليمية كبيرة.

 تجاوبت دول المجلس مع مسئوليتها تجاه العالم وتكبدت الكثير من أعباء إنقاذ الاقتصاد العالمي، فقد خصصت مبالغ ضخمة كبيرة لتحفيز الاقتصاد العالمي بعد الأزمة المالية ضمن إطار دول العشرين الكبر02G) كان نصيب المملكة العربية السعودية 400 مليار دولار يدفع على خمس سنوات بدأت في .2009 فماذا عن مسئولياتها تجاه الأمة العربية؟ ولنا لقاء.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *