نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الاساءة الى الرسول الكريم… دعوة للتنمية والتطوير

تاريخ النشر : 15 مارس  2008

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

منذ نهاية الحرب العالمية الاولى مرت المنطقة العربية والاسلامية باحداث اثرت تاثيرا بليغا في تطورها ونهضتها ابتداء من نقض الانجليز عهودهم واتفاقية سايس بيكو الى تقسيم فلسطين مرورا باالعدوان الثلاثي ونكبة 67 وحروب الخليج وتعدى اليهود على المسجد الاقصى وتدنيس القرآن الكريم والاساءة لرسولنا الكريم وسياسة الولايات المتحدة التي لا تقيم اي وزن للحقوق الفلسطينية وتعتبر العالم العربي مصدرا للنفط وسوق للاستهلاك وبالرغم من ذلك يعتبرها حكام العرب صديقا. وخلال هذه الفترة تناقص تاثير العرب والمسلمين على الساحة الدولية واصبحت مصالحهم مستباحة وكلمتهم غير ذات قيمة. مما جعل العرب والمسلمون يشعروا بالمهانة والضعف والياس من امكانية احداث تغيير في هذا الواقع المؤلم. واصبحت الجامعة العربية جهاز مشلول غير قادر على اتخاذ اي قرار او تنفيذ اي توصية. وما حدث للعرب من تشرذم وتهميش حدث لكثير من الدول الاسلامية ويتم التعامل مع منظمتهم (منظمة مؤتمر الدول الاسلامية) التي لم يستطيعوا ان يطلقوا عليها اكثر من مؤتمر بنفس القدر من الاهمال واللا مبالاه.

ان ما تعرض له الرسول الكريم من الاساءة واصرار الغرب على عدم الاعتذار والتمادي في الاساءة بحجة حرية التعبير هو في الواقع من صنع ايدينا ويعكس هذا الواقع المؤلم. فقد اهملنا مقومات النجاح في هذه الدنيا واهملنا اسس ومقومات القوة والمنعة ومكنا العدو منا واعتمدنا على صناعتهم وانتاجهم وعلومهم ولغتهم وثقافتهم. اهملنا اسس قوتنا من العدل اساس الحكم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وحرمنا على انفسنا الجهاد في سبيل الله (خشية من الحكام على انظمتهم)، وتكالب علماؤنا على ارضاء الحكام ومنعوا كلمة الحق، واهملوا العلم والتنمية. ولو تتبعنا ما كتب عن نصرة الرسول (ص) نجد ان معظمها لا تتجاوز تكرار الايات القرآنية التي تتحدث عن مناقب الرسول الكريم والاحاديث التي توضح سماحة الاسلام وعظم هذا الدين. وفي نظري فان ذلك ردة فعل آنية تفيد في رفع الحرج ولكن لا تمثل الحل على المدى البعيد ولن تمنع تكرار الاساءة واستباحة حقوقنا وحقوق الشعب الفلسطين المرتبط ارتباطا وثيقا بعزة الاسلام والمسلمين. 

غير ان ما تعرض له الرسول الكريم من الاساءة وما حدث من ردة فعل وخروج الملايين من المسلمين في جميع الدول الاسلامية في تظاهرات احتجاجية ومقاطعة للمنتجات الدنماركية يبعث الامل على ان الشعوب العربية والاسلامية مازالت قادرة على تصحيح الاوضاع. فقد برزت مؤخرا مؤشرات ايجابية في العالم العربي والاسلامي نقرا فيها وجود رأي عام يتبلور وشعور بالقوة في الوحدة كما تبرز الحاجة للاجماع على رأي موحد.

والسؤال الواجب طرحة هو كيف نستفيد من هذه الصحوة في استعادة الارادة العربية والاسلامية ولكي لا نجعل كل ما حدث من هذه الاحتجاجات عبارة عن ثورة عارمة وعواطف جياشة سرعان ما تهدأ وتعود الامور الى سابق عهدها وكان شيأ لم يكن. الجواب يكمن في العمل المنظم وحشد الطاقات والموارد وتوجيهها في الجوانب الهامة والمؤثرة واتباع الوسائل القانونية السلمية الحضارية لدفع الحكومات العربية على تبني افكار ومشاريع حيوية وهامة لخلق المعرفة وقيادة التنمية الاقتصادية والتي من خلالها يتم تحرير الارادة العربية والاسلامية من تبعية الغرب

يقول احد الكتاب ان بالمال يمكن تجاوز الزمن والمسافة. اي ان المال هو مفتاح تقدم الشعوب اذا استغل احسن استغلال. ولحسن الحظ -ام لسوء الحظ- فان لدينا من المال ما يكفي لخلق تنمية حقيقية قائمة على العلم والانتاج نستطيع من خلالها ان نطعم انفسنا ونصنع سلاحنا ونخلق نهضتنا العلمية والفكرية. والفوائض النفطية تتيح الفرصة للنهوض واثبات القدرة على التاثير وتقرير المصير. وهذا يتطلب عمل مستمر وتخطيط بعيد المدى. وعندها فقط سوف نستعيد احترامنا لانفسنا واحترام العالم واستعادة حقوقنا كما فعل غيرنا مثل اليابانيون والكوريون وغيرهم.

والتحدي الذي امامنا هو كيف نوظف الجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في تبني ذلك ودفع الحكومات على القيام بعمليات تحرر مبني على استراتيجيات طويلة المدى قائمة على ثلاث عناصر اساسية هي الامن القومي، والتنمية المستدامة والتعليم، والديموقراطية. اي العمل على جبهتين، الاولى اصلاحية تشمل التنمية والتوافق الوطني والثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم، والثانية خارجية تشمل اسماع صوت العرب والمسلمين الرافض للهيمنة الامريكية. وقد يتطلب ذلك تشكيل حزب سياسي يتبنى هذه الافكار بالتعاون مع الاحزاب والجمعيات القائمة لتكوين جبهة موحدة للتنسيق فيما بينها. ويبدوا ان النواة قد تم تشكيلها في البحرين من خلال التيار العربي القومي الاسلامي الذي عقد مؤتمره في نادي العروبة بتاريخ 13 مارس 2008.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *