نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

الشمولية مطلوبة في هذا الوقت. وفي ظل الأزمة الحالية نرى أن الوقت قد حان لعمل خليجي مشترك. والاقتصاديون في البحرين لديهم ما يسهمون به من أفكار، لكنها تحتاج إلى من يتولى تنظيم نقاش معهم. فهل يبادر مجلس النواب بمثل هذا الحوار؟

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1112204

صدر عن مجلس التنمية الاقتصادية عدد من التصريحات التي تبعث على التفاؤل. فقد عقد المستشار الاقتصادي للمجلس مؤتمرا صحفيا، واستعرض الرئيس التنفيذي للمجلس أداء الاقتصاد البحريني وما يقوم به مجلس التنمية من مشاريع لتنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات.

أظهرت هذه التصريحات قوة الاقتصاد البحريني والنمو الذي تحقق في القطاع غير النفطي. لكننا نتساءل كيف سيؤثر ذلك على حياة المواطن وعلى الميزانية العامة وعلى الدين العام وعلى الرسوم والضرائب التي مازالت تتزايد؟.

يظهر من التصريحات أن قطاع السياحة من القطاعات الواعدة في كثير من دول المجلس، ويمثل القطاع الرئيس في اقتصاد دبي التي تنفق بسخاء في هذا القطاع لتنويع الخيارات المتاحة للسائح واستغلال السواحل وشق القنوات المائية وتوصيلها إلى داخل المناطق التجارية والسكنية لتضفي جمالا ومجالا للترويح وفرصا أكثر أمام السائح.

في جلسته بتاريخ 11 فبراير نوه المجلس الاقتصادي عن الجهود المبذولة للمحافظة على ما تحقق من نمو في القطاعات غير النفطية وإسهاماتها في الناتج المحلي وخلق فرص عمل وفرص لانتقال التكنولوجيا والخبرة العالمية.

بيَّن الرئيس التنفيذي للمجلس أن إجمالي النمو بلغ 3.6% وفي القطاع غير النفطي بلغ 4.8% خلال عام 2017 واستقطب استثمارات بلغت 733 مليون دولار وخلق 2830 فرصة عمل. وأن المتوسط السنوي للنمو غير النفطي منذ 2001 إلى اليوم بلغ 7.5% سنويا لتصبح المساهمة غير النفطية 80% من الناتج المحلي. وأشار الرئيس التنفيذي إلى دخول شركات كبرى إلى البحرين، ونوه إلى التحول في الاقتصاد الرقمي وتنمية البيئة الداعمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز البيئة الداعمة للقطاع اللوجستي والتصنيع.

على مستوى القطاع السياحي فقد ذكر أن البحرين تهدف إلى أن تكون مركزا إقليميا في قطاع السياحة والمعارض وبلغت الاستثمارات في البنية التحتية السياحية 48 مليار دولار. وبلغ عدد الزوار أكثر من ثمانية ملايين ونصف بزيادة قدرها 12.8% عن العام الماضي 60% منهم من الشقيقة المملكة العربية السعودية، ووصل النمو السنوي في هذا القطاع 3% وهو أقل من متوسط النمو في القطاعات غير النفطية.

هذا الأداء يعبر عن ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد البحريني ويعبر عن مدى ارتباط الاقتصاد البحريني باقتصاد الخليج وبالذات المملكة العربية السعودية، وأن البحرين قادرة على تقديم خدمات مالية وتقنية وسياحية على مستوى المنطقة. غير أن هناك إشكالية تتعلق بنسبة البحرنة في هذا القطاع. فقد اتضح أن نسبة البحرنة متدنية لا تتجاوز 10%. فما هو السبب وما هي الخطط التي وضعت لزيادة هذه النسبة وهل سيستمر القطاع يعتمد على أجانب؟ وهل السبب هو الثقافة المحلية التي ترفض العمل في الفنادق؟ الإشكالية الأخرى هي الاستنتاج من هذا الأداء أن القطاع الخاص هو المحرك لهذا النمو قد يكون استنتاجا في غير محله ومتسرع ما لم تساهم رؤوس أموال وطنية في هذا النمو.

يذكر التقرير مثلا أن الاستثمار المباشر بلغ 730 مليون دولار، نستشف من الخبر أنها استثمارات أجنبية، فما هي نسبة رأس المال المحلي في هذه الاستثمارات؟ ولماذا لا يساهم التجار ورجال الأعمال والأثرياء في هذا الوطن في هذه الاستثمارات؟ وكيف يمكن الاعتماد على قطاع خاص لا يساهم في مثل هذه الاستثمارات أو الاستثمارات الصناعية بشكل عام؟

ثانيا، وفق بعض الاقتصاديين فإن الاقتصاد البحريني في طريقه إلى التعافي. وأن تحسن سعر النفط قد يقلل من الدين العام، ما يدعو إلى الاهتمام بالبنية التحتية وتحسين المناخ الاستثماري لاستقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. لكن ذلك التحسن مرتبط باتخاذ إجراءات تصحيحية في إطار التشريعات الخاصة بالاستقرار الاقتصادي، ووضع خطة بناء لحل المشاكل في أسوأ الظروف.

ثالثا، هناك تفاؤل بأننا خرجنا من عنق الزجاجة ويسير الوضع نحو الاستقرار غير أن الاقتصاديين يوصون بضرورة تقنين المصروفات وترشيد الإنفاق ووضع خطط إصلاحية من قبل الدولة. ويحذرون من تأثير الحروب في المنطقة من ناحية، ومن تأثير الإسراف والبذخ في بعض العائلات، ومن تأثير الرسوم والضرائب على المواطن وعلى المؤسسات وخصوصا الصغيرة منها. ويرون عدم التسرع في فرض ضريبة القيمة المضافة قبل استعداد المؤسسات لها.

ما ورد في مثل هذه التصريحات والتوصيات والآراء التي تداولها المجلس والمقابلات الصحفية بها كثير من المعلومات والمقترحات والتوصيات لكنها لا تمثل منظومة واحدة من الحلول والإصلاحات المتماسكة التي تشير إلى تحسن مستقبلي. كذلك لا نرى آلية تبين كيف سينعكس هذا الأداء الجيد على معيشة المواطن البحريني، وكيف يستفيد من فرص العمل الذي بينت الأيام أنها تذهب إلى الأجانب. وبدون إستراتيجية للاستفادة من الفرص المتاحة فإن تأثيرها على الدين العام والعجز في الميزانية سيكون محدودا وبالتالي فهي لن تؤدي إلى تقليل الضرائب والرسوم على المواطن وتعزيز الدعم على بعض السلع أو رفع الرواتب وخلق فرص عمل مجزية للشباب.

لا يتضح من التصريحات التي تنشر أن الدولة سوف تفرض ضرائب دخل على هذه الأنشطة الاقتصادية لتحسن من الدين العام وعجز الميزانية، ولا توجد مقترحات لتحسين مخرجات التعليم لكي يستفيد الخريجون من الفرص المتاحة، وتطوير تعامل وزارة التربية والتعليم مع الاقتصاد الرقمي.

الشمولية مطلوبة في هذا الوقت. فهناك مثلا توصيات خرجت من وزارة الاقتصاد – دولة الإمارات العربية المتحدة في دراسة تتلخص في حزمة من المبادرات مثل تنويع موارد الميزانية وتنويع الصادرات وتوسيع التجارة البينية وتوسيع الاستثمار المتبادل بين دول الخليج وخلق فرص عمل للمواطنين. هذه التوصيات تتطلب عملا خليجيا مشتركا، وفي ظل الأزمة الحالية نرى أن الوقت قد حان لمثل هذا العمل الخليجي المشترك. والاقتصاديون في البحرين لديهم ما يسهمون به من أفكار، لكنها تحتاج إلى من يتولى تنظيم نقاش معهم. فهل يبادر مجلس النواب بمثل هذا الحوار؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *