نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. البطالة بين الشباب العربي في يومهم العالمي

http://www.akhbar-alkhaleej.com/AAK/images/date_icon.jpg  تاريخ النشر :٣١ أغسطس ٢٠١٦


بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

مقال الاسبوع: مشكلة الشباب في العالم العربي مضاعفة فهي الفئة التي تدفع ثمن التخلف العلمي والكبت السياسي وتعثر التنمية.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/14040/article/38144.html

مقال الاسبوع: مشكلة الشباب في العالم العربي مضاعفة فهي الفئة التي تدفع ثمن التخلف العلمي والكبت السياسي وتعثر التنمية.


احتفل العالم في هذا الشهر باليوم العالمي للشباب. على مستوى العالم بلغ عدد الشباب المصنف من الفئة العمرية (15 إلى 29 سنة) مليار وثمانمائة مليون. تقدر نسبة الشباب في العالم العربي بنحو 20% من مجمل سكان العالم العربي (أي قرابة 50 مليون شاب وشابة). يزداد هذا العدد سنويا بمعدلات تفوق معدلات التنمية الحقيقية. 
في عام 2013 صدر تقرير من مؤسسة خاصة في المملكة العربية السعودية (الخبير المالية) تقول فيه ان شريحة الشباب من الفئة العمرية 15 إلى 29 سنة قد نمت بنسبة 2,7% متجاوزة المتوسط العالمي. ووفقا لصندوق النقد الدولي فإنه من المتوقع أن تستمر الزيادة على هذا المنوال في العقد المقبل حيث يدخل 10,7 ملايين شاب عربي جديد إلى سوق العمل كل عام. ويبلغ متوسط البطالة بين الشباب في دول مجلس التعاون 23% ويتراوح بين 13% و43%. يعزو التقرير اسباب تراجع الانظمة العربية والخليجية في ايجاد فرص عمل إلى عوامل عدة منها ضعف التعليم وغياب سياسات التنمية الفاعلة.
تتحدث التقارير الرسمية وشبه الرسمية في الدول العربية على أن مشكلة الشباب تنبع بالأساس من خلل في سياسات التنمية والإعلام والتشغيل والتربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية والسياسية. في عام 2014 استهل تصدير التقرير الصادر عن (ASDA›A BURSON-MARSTELLER) بعبارات يمكن ان تتعاظم اهميتها اليوم. يقول التقرير «لم يشهد العالم قط هذا الكم من الشباب. إن الطريقة التي نلبي بها احتياجات هؤلاء الشباب وطموحاتهم هي التي ستحدد صورة مستقبلنا المشترك. فالتعليم أمر حاسم الأهمية. ولا بد للمهارات والمعارف التي يكتسبها الشباب أن تكون وثيقة الصلة بالاقتصاد الراهن وأن تمكنهم من الانضمام إلى صفوف المبتكرين والمفكرين والقادرين على حل المشاكل».
التحدي الذي يواجهه العالم وعالمنا العربي بشكل خاص يتمثل في انتاج هذا النوع من الشباب المبدع والمبتكر والمفعم بالامل والمسؤولية والقادر على المشاركة في صنع المستقبل. هذا يستوجب طرح السؤال: ماذا يحتاج منا شباب اليوم؟ ماذا يحتاج من الحكومات ومن المنظمات الاهلية ومن المفكرين والباحثين؟ كيف يمكن للتعليم ان يحقق طموحات الشباب؟ وماذا يُعَلَّم؟ وكيف يُعَلَّم؟ الشباب يمثل تحديات ضخمة للمجتمعات كما يمتلك امكانيات هائلة، والمستقبل يتمحور حول الشباب. فماذا أعددنا له؟
في السنوات الخمس الأخيرة مر على العالم العربي طوفان قاده الشباب ومازال الطوفان مستعرا في خمس دول عربية، تحول العالم العربي إلى ساحات صراع سياسي يختبئ تحت عباءات من المذهبية والعرقية والقبلية. كيف للعالم العربي الخروج من هذا المآزق؟ الاجابة عن هذا السؤال تستوجب فهم: لماذا دخلنا في هذا النفق المظلم؟ وكيف يمكن لنا اليوم مستعينين بالشباب الخروج منه؟ 
هذا شباب فلسطين يئن تحت نير العدو الصهيوني، بينما شباب باقي الدول العربية منشق على نفسه، تائه بين ميوله الطبيعية للعمل والاجتهاد والمشاركة في صنع المستقبل وبين العابثين بعقله والمجندين له لدخول حروب ليست حروبه بل هي حروب الماضي وحروب قيادات لا يخطر على بالها سؤال الشباب: ماذا يريد قبل تدمير مستقبله بأفكار الحقد والكراهية والانانية؟
تقول التقارير الاممية ان السياسات التي تساعد الشباب على بلوغ طموحاتهم هي السياسات التي تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية معا. اما بعض القيادات العربية فلا تفعل غير المناداة بالاستثمار في الشباب وكأنهم آلات تحركها متى ما أرادت بزيادة الاستثمار فيهم. عبارة «الاستثمار في الشباب» هي عبارة سلبية وتعني ضمنا أن الشباب ليسوا سوى مستفيدين سلبيين من «عملية الاستثمار» أو أنه لا يمكنهم أن يفعلوا غير ذلك. 
هذه النظرة الدونية للشباب مضللة. فبمقدور الشباب، بل يجب عليهم، أن يكونوا مبادرين وشركاء لا غنى عنهم في عملية التنمية. يقول احد المستطلعة آراؤهم انه «من خلال مشاركتي في منظمات الشباب، رأيت بصورة مباشرة أنه بمقدور صغار السن، إذا ما حصلوا على الدعم الصحيح، أن يتمتعوا بالقدرة على حل المشاكل، وأن يصبحوا مبتكرين قادرين على تحطيم الحواجز، وإيجاد سبل جديدة لتصريف الأمور». الشباب هم في أفضل وضع يمكنهم من فهم احتياجاتهم واحتياجات أقرانهم، وهم وحدهم القادرون على ضمان التنفيـذ. لكن هذا يتم بتهيئة البيئة الحرة المستقلة المعترفة بكيان الانسان وحقه في الاختلاف والمجاهرة بالرأي. في الوقت الحالي الحياة السياسية في العالم العربي لا تسهم في خلق مثل هذه الروح وبالتالي فإن الاستثمار لن يجدي. 
لن ندخل في تفاصيل لماذا لم تتمكن الدول العربية والخليجية بشكل خاص من معالجة مشكلة البطالة وقضية الشباب بشكل عام؟ فقد كتب في ذلك الكثير والحكومات لديها من التقارير والمعلومات التي تمكنهم من وضع تصورات لمعالجة المشكلة. لكن هل هذه التصورات هي في الواقع ما يحتاج إليه الشباب؟ 
لماذا لا يتم التفاعل مع الشباب مباشرة؟ لن يتم معالجة مشاكل الشباب أو معالجة التنمية والاستثمار الفعال في تنمية قدراتهم ما لم نتوجه إلى الشباب انفسهم لمعرفة متطلباتهم. وهذا لا يتم بالطرق المعتادة التي تتبعها بعض الحكومات في ورش عمل مخطط لها بدعوات منتقاة وفي أجواء تخلو من الصراحة والقدرة على الحديث الذي يصل إلى عمق المشاكل. الاستماع إلى الشباب يجب أن يتم بطرق اخرى مبتكرة تحرر الشباب من الحذر في الخطاب وفي طرح القضايا وفي طرح الحلول والمناقشة المفتوحة التي تبرز تطلعات الشباب الحقيقية وليست المعلبة.
mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *