نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم د. محمد عيسى الكويتي

8 نوفمبر 2021

البطالة والحاجة لسياسة تنموية وعمالية مختلفة

تشغل قضية البطالة المجتمع باسره والحكومة ووزارة العمل بصفة خاصة لما لها من اهمية على حياة الناس وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. تضع الدول حلولا عدة اهمها التامين ضد التعطل. يتراوح سخاء هذه البرامج وفق رؤية المجتمع للمشكلة وكيف يرون سلوك العاطل. تنظر بعض الدول الاوروبية الى العاطل على انه مواطن لم توفر له الدولة والمجتمع فرصة عمل وبالتالي توفر له الدولة دخل يمكنه من العيش بكرامة وتتولى اعادة تدريبه، ان تطلب الامر، لكي يحصل على عمل.

في جميع الحالات نسبة محدودة من البطالة (2-4%) تعتبر امرا طبيعيا بسبب الدورة الاقتصادية وعملية التسريح والتوظيف الطبيعي. يستخدم الانفاق الحكومي في التعويض عن ضعف الطلب لتخفف من اضرار الركود. غير ان هناك اسباب اخرى للبطالة منها عدم تكافؤ فرص العمل المتاحة مع مهارات الباحث عن عمل، او عدم قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل كافية ومتنوعية (بطالة هيكلية). بالنسبة لنا لدينا اشكالية اخرى هي وجود عمالة وافدة تفرض منافسة شرسة على الوظائف تضغط على الاجور للاسفل من جانب، ومن جانب اخر تجعل العمل في بعض المهن غير مناسب للمواطن وغير مقبولة مجتمعيا. كذلك تفضل المؤسسات العامل الاجنبي ليس فقط بسبب تدني الاجور ولكن كذلك بسبب عدم تمتعه بحقوق العامل البحريني والاعتقاد بانه يوفر سرية اكثر وضمان عدم تعرض المؤسسة لمشاكل عمالية ناتجة من النقابات. سبب اخر اثر بشكل كبير في سوق العمل هي عمليات الخصخصة التي انتهجتها الدولة وتم بموجبها الاستغناء عن نسبة كبيرة من العمالة الوطنية.

التعامل مع البطالة على انها ارقام فيه اجحاف بحق العاطلين وعدم الاحساس بمعاناتهم ومعاناة اسرهم بالاضافة الى كونها خسارة طاقة انتاجية هامة. التعامل مع البطالة يعكس رؤية الدولة والمجتمع للغاية من التنمية ومدى تقديرها لكرامة الانسان وحقه في العمل والحياة الكريمة. لذلك فان اعلان وزارة العمل عن “نجاح البرنامج الوطني للتوظيف في نسخته الثانية” (8 اغسطس 2021) يعتبر استباق للاحداث وتقييم ذاتي لا يتوافق مع معدلات البطالة المحسوسة في المجتمع ولا تعززها احتساب عدد الداخلين في سوق العمل وماتعلنه الوزارة من توظيف.

في حوار شامل مع احدى الصحف المحلية بين وزير العمل حول المشاكل التي واجهتها الوزارة جراء جائحة كورونا واضطرار بعض الشركات تسريح عمالة وطنية بسبب ضعف الطلب على السلع والخدمات، يقول الوزير ان البحرين تجاوزت هذه المرحلة بفضل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة، والان تحقق الوزارة معدل توظيف 2000 مواطن شهريا وان بنك الشواغر ارتفعت من 1500 الى 5300 شاغر متاح امام الموطنين. وانه تم توظيف 12642 عامل في النصف الاول من 2021 وعدد مماثل في 2020.

بغض النظر عن نوعية هذه الشواغر، ترى الوزارة ان هذه الارقام تعتبر مؤشرا حقيقيا لحركة التوظيف واستقرار سوق العمل وكفاءته”، غير ان المؤشر الحقيقي هو كيف يرى المجتمع هذه الكفاءة وفعالية جهود التوظيف. وكم هي الاعداد التي تدخل سوق العمل ومانسبة ما يتم توظيفهم في تخصصاتهم ونسبة من يتم توظيفهم في تخصصات اخرى احتاجت الى اعادة تدريب؟ وكم هي العمالة البحرينية غير الماهرة التي تم توظيفها؟

معالجة البطالة يحتاج الى اعادة هيكلة الاقتصاد من خلال رفع مستوى الاستثمار في الصناعات المعتمدة على التكنولوجيا والمعرفة لكي تخلق فرص عمل ذات محتوى تقني وفني وعلمي تحتاج الى تدريب ومهارات وبالتالي اجور مرتفعة يستفيد منها المواطن. هذا التحول الاقتصادي يتطلب رؤية جديدة في المنطقة نتمنى ان تكون خطة التعافي الاقتصادي بداية جديدة في هذا الاتجاه.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *