نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء 23 نوفمبر 2022

مقال الاسبوع – افرزت الانتخابات تقدم #الجمعيات_السياسية وعاقب المجتمع اخرى ومستقلين خذلوه في مواقفهم. التقدم بالتجربة يقتضي التكتل داخل المجلس تكون نواته جمعيات سياسية وتغيير قانون الانتخابات ليكون خمس محافظات فقط وليس 40 دائرة، وتشكيل مجالس اهلية تساعد النائب وتتابعه.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1316628

التجربة البرلمانية .. تأملات في انتخابات 2022

نبارك لجلالة الملك المعظم وللمجتمع نجاح الانتخابات، ولجميع الفائزين وخصوصا جمعية المنبر التقدمي التي تمكنت من زيادة عدد ممثليها في المجلس، وجمعية تجمع الوحدة الوطنية وجمعية الرابطة الاسلامية على فوز مرشحهما. هذا النجاح يعكس مزاج المجتمع تجاه الجمعيات والنواب المستقلين الذين لم يلبوا مصالح اكثر ناخبيهم.

تركت الانتخابات النيابية والبلدية انطباعات مشجعة لدى شرائح كبيرة من المجتمع في الامل في التغيير والتقدم بالتجربة الديمقراطية وتصحيح المسار. فقد شملت شعارات بعض المترشجين الدعوة للتغيير وتصحيح المسار ويبقى للمجتمع ان يحدد ماذا يعني التغيير وتصحيح المسار، وكيف سيتمكن المجلس القادم والذي يليه من تحقيق هذا التغيير، وماهي الاليات المناسبة. لذلك نرى ان دراسة البرامج الانتخابية واجراء الحوارات والاستطلاعات والندوات مع المترشحين من قبل الصحافة والمجالس الاهلية والجمعيات السياسية سيكون له تاثيرا في تعميق الوعي السياسي وتحديد معالم التغيير والتقدم بالعمل البرلماني الى الامام.

من الملاحظات الهامة التي برزت اولا، تطور مستوى الوعي لدى الناخبين والذي اتضح من المطالبة بالاستقلالية في القرار والتصويت. من اهم سمات هذه الوعي لدى شرائح كبيرة من المجتمع هو اصرار هذه الفئة على رفض التدخلات من اي طرف كان. انعكس ذلك كذلك على فوز عدد كبير من النواب الذين وقفوا مع المواطن في قضايا الضرائب والتقاعد ومعاقبة من خذل المجتمع. يقول وزير الخارجية في توصيفه “الوعي بحقوق المواطنين السياسية، واصبحت لدينا قيم كمجتمع”. نعتقد باهمية هذا الوعي وهذه القيم، فهي مهمة لسلامة المجتمع وتقدمه، ولا بد ان نطرح السؤال “كيف يتمكن المجتمع التمسك بهذا الوعي والقيم اذا لم يحددها ويعرِّفها تعريفا واضحا، ويضع الاليات للتاكد من انها تنمو ومطبقة في ممارساتنا العملية للحياة السياسية والادارية وفي وضع البرامج والمشاريع التنموية والضمان الاجتماعي وتوزيع المال العام. الوعي بالحقوق السياسية وسيادة القانون تعتبر من العوامل الهامة في اي عملية ديمقراطية، وتنمية هذا الوعي يتم من خلال المشاركة في الحوارات والمناقشات المجتمعية والانخراط في العمل الجماعي المؤسسي والتنظيمي. وبدون ذلك يبقى الوعي ناقصا والجهود مشتتة.

الملاحظة الثانية التي لا بد من الاستفادة منها هي ان النظام الانتخابي بوضعه الحالي اخرج عدد من الكفاءات والقدرات خارج المنافسة. ففي حالة وجود عددا من القدرات والكفاءات الجيدة في دائرة واحدة، يفرض القانون الانتخابي الحالي فوز احد منهم وخسارة الاخرين الذين قد يكونوا افضل بكثير من فائزين في دوائر اخرى لم تشهد منافسة من هذا المستوى. من المؤسف ان يخسر بعض المترشحين الاكفاء، فقط لكونهم في دائرة واحدة. لذلك نرى ان تطوير التجربة البرلمانية تدعونا الى النظر في معالجة ذلك خصوصا في بلد صغير كالبحرين. هذه قضية تحتاج الى اعادة النظر في القانون الانتخابي من مبدأ ان النائب يمثل البحرين وليس دائرة معينة. فقد اتضح ان هذا التوزيع ينعكس على اداء النائب ومحاولته ارضاء ناخبيه في الدائرة ويجعله يزاحم النائب البلدي في التعامل مع متطلبات اهل الدائرة، ويحاول التوسط لدى الجهات الحكومية لتوظيف ابنائهم وغيرها، الدخول في مثل هذه الترتيبات قد تضعف موقف النائب في المساءلة. وبما ان النائب يمثل البحرين ككل فالحاق الترشح بموقع السكن فقط فيه نوع من التعارض بين وظيفة النائب الشمولية وطريقة وصوله الى المجلس المقتصرة على الدائرة. لذلك قد يكون من المناسب توسيع مجال النائب الى المحافظة كمرحلة اولى.

ثالثا شهدت هذه الانتخابات عدد كبير من المترشحين بلغ 507 مترشح نيابي وبلدي، تنتهي مرحلة الانتخابات وتستقر النتيجة عن اربعين نيابيا وثلاثين بلديا من مجموع 507 مترشحا. الفريق الفائز اصبح في الواجهة ومطالب بالعمل وتمثيل المجتمع. بعض الذين خسروا مقاعدهم البرلمانية مثلوا تطلعات المجتمع بشكل اكبر من غيرهم، وكانوا من الناشطين المدافعين عن قضايا المجتمع لذا حصلوا على العرفان من خلال الاستغراب على خسارتهم وحثهم على مواصلة العمل. يشكل هؤلاء مع الباقين من المترشحين الجدد كتلة كبيرة كان لكل منهم برنامجا انتخابيا ورؤية للتقدم بالتجربة الديمقراطية، ومن المؤسف ان ينزوي كل من لم يحالفه الحظ في بوتقة منفصلة عن المجتمع نادرا ما يتواصل معه من خلال مؤسساته او صحافته او انشطته الاجتماعية او التواصل الاجتماعي. باختفائه تختفي معه تجربته البرلمانية (بالنسبة للبعض) رؤيته وافكاره وتطلعاته في طرح قضايا المجتمع التي ذكرها في برنامجه الانتخابي. هنا لا بد ان نطرح عليهم السوال التالي: اذا كان الانسان مؤمنا بما طرح في برنامجه الانتخابي، فلماذا يهمله وكان شيء لم يكن؟ اليس من الاجدر ان يستمر في اعلانه لهذه المبادئ والقيم والرؤى ويشكل مع زملائه وحدة فكرية يستفيد منها المجتمع وتثري النقاش المجتمعي وتسهم في تطوير العمل البرلماني وتعزيز التفاعل المجتمعي؟ لذلك نامل من المترشحين الذين لم يحالفهم الحظ الاستمرار في الظهور والتفاعل وطرح وتوضيح مواقفهم وآرائهم من القضايا المهمة وقضية تطوير صلاحيات وقدرات المجلس. المجتمع بحاجة الى طرح جميع هذه الافكار وبلورتها وصياغتها بما يتناسب مع ما يطرح من تغيير وتصحيح المسار.

واخير من القضايا التي اثيرت ايضا الحاجة الى تشكيل كتلة فاعلة في هذا البرلمان تكون نواتها الجمعيات السياسية وعددا من النواب الراغبين في التكتل والمؤمنين به. صحيح ان التكتل قد يفقد النائب بعض المرونة في المواقف، ولكن يكسبه في نفس الوقت قدرة وقوة على التفاوض وتحقيق مكاسب اكبر للمجتمع. مثل هذا التوجه لا بد له من الاتفاق على مبادئ عامة كبرى تعبر عن رؤية تنموية طويلة المدى نسبيا، لتفادي الاختلافات على القضايا الفرعية.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *