نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. التعليم ونتائج مبهرة.. ولكن إلى أين؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/AAK/images/date_icon.jpg  تاريخ النشر :٢٩ يونيو ٢٠١٦


بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

مقال الاسبوع- ان فشل التعليم يؤدي الى فشل جميع خطط التنمية- النتائج توحي بفشل كبير ولا توجد مساءلة.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13977/article/28426.html

انتهى العام الدراسي وتم اعتماد النتائج النهائية والتي شهدت طفرة كبيرة في عدد المتفوقين، مستوى النجاح في الثانوية يفوق ال 95%. والاهم ان المتفوقين بلغ عددهم 635 متفوقا، اشاد وزير التربية بالتربويين وبقيادات المدارس والمعلمين لتحقيق هذه النتائج. فما دلالة هذا المستوى من النجاح؟
بلغ عدد الطلبة المتقدمين للامتحانات 6111 طالبا منهم 2206 ذكور و3905 إناث. عدد خريجي (الدور الاول) هذا العام هو 5800 طالب، ومحتمل الزيادة (في الدور الثاني) إلى ستة آلاف، بالإضافة إلى 1700 خريجي المدارس الصناعية والمهنية مما يجعل الخريجين قريبين من ثمانية آلاف طالب. هؤلاء في حاجة إلى وظائف أو مقاعد جامعية أو تقنية، فهل مخططو الاقتصاد في البلد مستعدون لذلك؟ والسؤال الاهم هل الخريجون مؤهلون لسوق العمل وللدراسة العليا؟ 
الظاهرة الملفتة في هذه السنة والسنوات الماضية هي النسبة العالية من المتفوقين، والتي بلغت 11% هذا العام. والملفت اكثر هو حصول من يزيد على اربعين شخصا على درجات تفوق 99%، والبعض حصل على (100%). هذا يجب أن يدق ناقوس الخطر ويجعل وزارة التربية تنظر إلى معايير التفوق وإلى نظام التدريس ككل ونظام الامتحانات لترى أين الخلل، وليس الاحتفاء بذلك فقط .
أعداد المتفوقين بدأت في التزايد منذ التسعينيات حيث بلغ متوسط المتفوقين 500 متفوق. وبذلك يكون لدينا منذ 1990 إلى اليوم، اي على مدار خمس وعشرين سنة ما يزيد على اثني عشر ألف متفوق بلغت درجاتهم في الثانوية العامة اكثر من 95%. هؤلاء يفترض ان يكونوا قد التحقوا بجامعات وبدأوا يدخلون سوق العمل ومجالات الابتكارات والبحث العلمي والريادة في الاعمال والسلك الحكومي. ويفترض ان تظهر نتائج تفوقهم على الاقتصاد وعلى التعليم وعلى الوضع الاجتماعي وخصوصا ان بعضهم مضى على تخرجه في الجامعات 20 سنة؟ أين هؤلاء المتفوقون؟ وما تفسير وزارة التربية لعدم ظهورهم في المجتمع؟
هذا يدعونا إلى التساؤل: هل تطرح وزارة التربية السؤال حول ما هي المواصفات التي يريدها المجتمع والقطاع الخاص والجامعات وبرامج وخطط التنمية التي تضعها الحكومة ومجلس التنمية؟ ما هي المهارات التي ينبغي ان يتمتع بها الخريجون والمتفوقون؟ وهل منظومة التعليم ممثلة في وزارة التربية تعمل على توفير المهارات والقدرات والسلوك والقيم المطلوبة لسوق العمل والمجتمع؟
ما يدور في المجتمع من حديث على مدى الثلاثة عقود الماضية يدل على غياب التفات وزارة التربية إلى هذه التساؤلات. فمثلا في تقرير نشر قريبا على موقع بيت دوت كوم المختص بالتوظيف يقول ان السوق بحاجة إلى مهارات لا تتوافر في خريجي المدارس والجامعات، وهي القدرة على النقاش والنقد والابتكار والابداع وحل المشاكل واستقلالية التفكير. فإذا كان مثل هذا الجهاز يستطيع ان يحلل متطلبات السوق ويصل إلى نتيجة فلماذا لا تستطيع وزارة التربية الوصول إلى نتيجة مماثلة؟ 
وعلى مستوى أفراد ورجال اعمال في المجتمع البحريني فإن ما دار في مجلس إبراهيم زينل حول التعليم ونشر في الصحافة يوضح الكثير من القصور. يقول احد الضيوف ان نسبة كبيرة من الناجحين حصلوا على علامة كاملة 100% وهذا امر مستغرب وخصوصا ان بعض المتفوقين لا يستطيعون الاجابة عن اسئلة بسيطة ضمن تخصصهم الذي حصلوا فيه على علامة كاملة، مما يطرح علامة استفهام بشأن نظام التعليم واعتماده على الحفظ والتلقين بل والاجوبة المعلبة التي تنسى بعد الامتحان. ويرى اخر ان العلة تكمن في «انخفاض مستوى المدرسين ورواتبهم مقارنة بالمهن المماثلة الاخرى». ويقول اخر ان مستوى المدارس الخاصة افضل «لأنهم تخلصوا من عمليات التلقين والحفظ». وعلى رأي احد ضيوف المجلس ان «مخرجات التعليم هي كل شيء ان صحت صح كل شيء وإن فسدت فسد كل شيء». وصل الامر إلى ان البحوث تباع وتشترى من دون اي جهد يبذل من الطالب وبمعرفة وزارة التربية ومجلس التعليم العالي والجامعات!!
على مستوى مجلس التعاون، كلف المجلس الأعلى وزراء التربية والتعليم تقديم دراسة لتطوير التعليم، وتم تشكيل هيئة استشارية في 1998 من مهامها الاساسية تطوير التعليم، وتقاريرها في متناول وزارات التربية. وفي القمة الخليجية عام 2002 في قطر أكّد قادة مجلس التعاون على دور التعليم في التنمية وحددت كلمة المضيف اهمية «بناء شخصية الانسان الخليجي لكي يتمكن من المساهمة في تطوير مجتمعه»، وأكَّد ضرورة «الارتقاء بالمؤسسات التعليمية وإعطائها المزيد من الاستقلالية لإطلاق طاقات الابداع».
التساؤل البديهي هو لماذا تستمر وزارة التربية في اعتماد معاييرها الخاصة لجودة التعليم بالرغم من كل ما يقال داخليا وعلى مستوى مجلس التعاون، من قبل الافراد والمؤسسات؟ لماذا لا تبحث المطالبات برفع مستوى التعليم وتوفير متطلبات سوق العمل؟ لو كانت الوزارة مصنعا ينتج بضاعة لا توافق متطلبات «الزبون» لخسرت بدرجة ما، وخصوصا ان 30% من مدارس (مصانع) الوزارة، بحسب هيئة ضمان الجودة، غير جديرة بالثقة. فهل بإمكان وزارة التربية تغيير سياسة التعليم أم انها اصبحت مؤطرة ومقيدة بهذه السياسة؟ إلى متى تستمر معاناة الكثير من العائلات التي لا تجد حلا سوى تحمل الانفاق على مدارس خاصة؟
في عالم اليوم الذي تزداد فيه حدة التنافس بين الشعوب، وتناقص إيرادات النفط، يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم تأهيل الشباب لهذه المنافسة، والمساهمة، مع باقي اجهزة الدولة في تطوير المجتمع والدولة لتكوين رأس المال البشري والاجتماعي، ومنحه المهارات والقدرات الابداعية والابتكارية التي تمكنه من استيعاب علوم العصر وتقنياته وثقافته لخلق سلع وخدمات وإضافة معرفة (علم وتقنية) ترفع من مستوى معيشة المجتمع. فهل وزارة التربية والتعليم مستعدة للتغيير؟

mkuwwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *