نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. التكامل الاقتصادي في اجتماعات وزراء المالية العرب

تاريخ النشر : 17 اكتوبر  2011 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

اجتمع وزراء المالية العرب في بداية شهر سبتمبر لتدارس اوضاع التكامل الاقتصادي العربي الذي ظل يجانبهم على مدى سبعة عقود يجتمعون من أجهل الحضوة به وخطب وده كل سنة ولكنه مازال مستعصيا عليهم ولا يبدوا ان احدهم يعرف كيف يروض هذا المارد الذي انطلق منذ قيام الجامعة العربية في 1945. في كل سنة تخرج علينا الدول بقائمة من التوصيات والتمنيات سرعان ما تتبخر قبل عودة الوزراء الى بلدانهم اما تحت ضغوط اجنبية او تحت وطأت الخلافات الطاحنة بين القادة.

بيان وزراء المالية العرب في الامارات يقول بان هناك حاجة الى مزيد من الاصلاحات والتنسيق البيني لمواجهة تداعيات الازمات الاقتصادية والاحداث العربية التي اوجدت ضرورة لعلاج مشكلات البطالة والمعيشة؟ ان القضايا الاقتصادية من بطالة وتحسين المعيشة اصبحت مشاكل مزمنة في العالم العربي لكن حكوماتنا تطرحها في كل اجتماع وكانها مشكلة عرضية حدثت مؤخرا بسبب الازمات المالية العالمية او بسبب تفجر الاوضاع الامنية. فمنذ 1953 حيث ابرمت اتفاقية تسهيل التبادل التجاري والحديث يجري عن زيادته ومازال يراوح. 

في هذا الاجتماع الاخير تم مناقشة التحديات التي تواجه الامة العربية والتي اوجدتها الازمات المالية والحركات التحررية على زعمهم وقد لخصها المجتمعون في:

  1. وضع حلول شمولية لمشكلة البطالة،
  2. تطبيق سياسات التنمية المستدامة وايجاد فرص عمل لجميع شرائح المجتمع،
  3. انتهاج سياسات هيكلية متعددة الاوجه على المدى القصير والمتوسط،

مزيد من الاصلاحات الكفيلة للوصول الى نمو اوسع ينعكس في تحسين المستويات المعيشية لمختلف طبقات وفئات المجتمع.

فكيف سيواجه القادة هذه التحديات؟ وماهي رؤيتهم لمعالجتها؟ وما هي الحلول التي يرونها؟ على المدى القصير يرى الوزراء اهمية التركيز على خلق فرص عمل واستقرار اقتصادي ومالي. اما على المستوى المتوسط والطويل فان الحلول المقترحة تشمل تعزيز التعاون والاندماج الاقتصادي والمالي بين الدول العربية، وزيادة جذب الاستثمارات البينية العربية والاجنبية ووضع تشريعات تحمي رؤوس الاموال الاجنبية والمحلية. وكالعادة، ولاكمال الديكور والبروتوكولات، تقدم الدولة المضيفة مبادرة، في هذه الحالة الامارات العربية، شملت اصلاحات اقتصادية ومالية تعتمد على مشاركة مؤسسات دوليية وعربية.  تسعى المبادرة الى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتطوير النظام المالي، وتحسين مناخ الاعمال ودعم التجارة البينية، ومواجهة متطلبات الامن الغذائي.

كثير من هذه العناوين تتكرر في الكثير من الاجتماعت والمناسبات ومازالت الدول العربية تراوح في مؤخرة الركب التنموي، كما ان قليل من هذه التحديات تمت مواجهتها باستراتيجيات متماسكة تخرج بحلول فاعلة تصل الى مرحلة التنفيذ. 

ساهم صندوق النقد العربي في محاولات لانقاذ الاقتصاد العربي وتقدم بورقة اقترح فيها تعزيز الاندماج الاقليمي ودعم متطلبات التجارة والاستثمار المباشر العربي البيني ودعم تنافسية وتنويع التجارة العربية البينية. مثل هذا المقترح يمكن ان ينجج لو ان الدول العربية دول منتجة تتبادل مختلف السلع فيما بينها. ولكن في ظل كون الدول مستهلكة بالدرجة الاولى واقتصادياتها متماثلة ومرتبطه بالنفط، فكيف يتم التبادل فيما بينها في ضوء قلة السلع والمنتجات المحلية ليتم تبادلها؟ وادراكا من صندوق النقد العربي لهذا القصور في الانتاج فان احد مقترحاته هو الحاجة لتطوير البنى التحتيتة والانتاجية للمنطقة العربية ووضع استراتيجية مشتركة للامن الغذائي والاستعداد لادارة الصدمات الناتجة من اضطراب اسواق الغذاء العالمية. مثل هذه المقترحات لو كتب لها ان تتحقق فسوف تساهم في زيادة التجارة البينية بين الدول العربية. لكن يبدو ان رئيس صندوق النقد يدرك عدم جدية الدول العربية في التمويل فقد دعى الى ارسال رسالة الى رئيس البنك الدولي ومدير عام صندوق النقد الدولي يطلب توفير الدعم المالي من قبل المؤسسات الدولية على المدى القصير للمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي. اي ان الدول العربية تطلب المساعدة المالية مع العالم بينما اموالها ترسل الى الغرب وتودع في سندات حكومية او في حسابات بنكية خاصة خسرت اكثر من نصف قيمتها بسبب الازمات المالية.

ان ما يتغافل عنه هؤلاء القادة والوزراء هو ان ما يسعون له من اصلاحات اقتصادية وما يجتمعون من اجله لن يحقق اي نتائج تذكر للمواطن العربي مالم يدركوا أمرين. اولا على المستوى القطري فان المناخ السياسي الديمقراطي هو اهم عنصر في تطوير الاقتصاد وتحقيق الامن والاستقرار السياسي الذي تركز عليه معايير التنافسية. وهذا لا يتحقق مالم نؤمن بان الانسان هو أساس التنمية وغايتها وانه هو المالك الحقيقي للثروة وان الحكومة تعمل لحسابه وعليها ان تأْتمر بامره وان تحفظ حقوقه في الثروة وتشاركه في السلطة. وبدون هذا الادراك فان جهود التنمية وجهود التكامل العربي الذي نراوده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لن يتحقق. 

ثانيا على المستوى العربي فبحسب تحليل الدكتورة سميحة فوزي (المركز المصري للدراسات الاقتصادية 2004) فان الاسباب تكمن في ثلاث عوامل 1) عدم رغبة القادة السياسيين، 2) عدم ايجاد الاطر المؤسسية، 3) عدم تنازل القادة عن جزء من السيادة القطرة. باختصار لا يرى القادة مكاسب لهم من التكامل. لذلك عارضه معظمهم وسوف تستمر المعارضة من قبل الانظمة غير الديمقراطية التي لا تمثل شعوبها. الامل الذي يلوح في الافق ان هذه الغمامة بدأت تنقشع وبدأت الشعوب تاخذ زمام المبادرة وتنتفض لاخذ حقها في السلطة ونتمنى ان لا تُختطف هذه الثورات وتستمر في طريقها نحو الديمقراطية والتحرر من التبعية عندها سوف تتجه نحو التكامل لانها الوسيلة الوحيدة والمنطقية لمستقبل هذه الامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *