نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

لا نعرف سبب رفض الحكومة لفكرة ايجاد جهاز تخطيط بالرغم من ظهر الحاجة في اكثر من مناسبة وبالذات في التنمية وخلق فرص عمل

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1075003

في هذه الأيام تحتل قضية العمالة البحرينية الأولوية التي ينبغي أن تمنح للبحريني في التوظيف على أنه الخيار المفضل أو تحت شعار «البحريني أولا» وبالتالي فإن أي حديث عن التنمية المستدامة وفتح فرص عمل ومحاربة الفقر يصب في نفس المحاور التي تتحدث عنها هذه الحركة.

في هذا السياق استضافت البحرين يوم 16 مايو الجاري، المؤتمر الخامس عشر للتنمية المستدامة تحت رعاية سمو رئيس الوزراء حضرها بالنيابة وزير العمل واستمر 3 أيام ناقش المؤتمر الثورة الرقمية لنظم المعلومات وتداعياتها الاقتصادية وتأثيراتها على طبيعة الأعمال والفرص المتاحة في المستقبل، ثانيا تأثير التكنولوجيا الرقمية على تطبيق سياسات المدن الذكية في المنطقة، وثالثا تأثير التكنولوجيا الرقمية في تحسين الأداء في القطاعين العام والخاص.

الطموح في الحكومة بالنسبة إلى التنمية المستدامة كما يبدو هو أن الاستثمار في هذه التقنية سوف ينعكس على زيادة فرص النجاح في الاقتصاد المعرفي وفي استقطاب رؤوس الأموال وبالتالي تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل.

وفي هذا الصدد يقول وزير العمل إن التكنولوجيا الرقمية أصبحت فاعلا في الاقتصاد العالمي ومنافسا للوظائف التقليدية وفتح فرص عمل جديدة ذات قيمة مضافة، ما يحتم على صناع القرار وضع العلوم التكنولولجية ضمن أولويات السياسة والاستراتيجيات المستقبلية. فما هي خطتنا لذلك؟

أكد الوزير أن التحول الرقمي يعني أن التكنولوجيا الرقمية من شأنها أن تغير طبيعة فرص العمل المتاحة ورفع محتواها التقني ما يتطلب قدرات مختلفة من المتقدمين لمثل هذه الأعمال وبالتالي تقليص فرص العمل العادية والمتدنية التقنية. هذا يضع تحديات كبيرة على نظام التعليم لوضع العلوم والتكنولوجيا ضمن أولويات السياسة والاستراتيجية المستقبلية.

وفي ضوء عدم التوافق الموجود بين سوق العمل ومخرجات التعليم فإن الوزارة وباقي الوزارات عليها القيام بجهد كبير للارتقاء بالتعليم إلى هذا المستوى. فكيف سيتم ذلك؟

وزارة التعليم تتحدث كثيرا عن التحول الرقمي، لكن ماذا يعني بالضبط هذا التحول عمليا؟ ما هي المشاريع التي وضعتها الوزارة لتخريج طلبة قادرين على التعامل مع التحول الرقمي وكيف سوف يتم تقييم نتائج هذه المشاريع ومن سيقوم بالتقييم؟

أما رئيس الجامعة الأهلية (منظمة المؤتمر) فيقول إن التنمية المستدامة هي العنوان الأهم لمواجهة التحديات التنموية، بما في ذلك النمو السكاني الكبير والفقر ونقص المياه ما يتطلب مزيدا من البحث العلمي والدراسات والرؤى والأفكار لمواجهتها، ليس فقط لمواجهة الحاضر بل لمواجهة المستقبل من خلال العدالة والاستدامة والتنافسية، في ضوء الإنفاق المحدود على البحث العلمي على مستوى الدولة، كيف سيتحقق ذلك؟

يختم رئيس الجامعة الأهلية قوله إن البحرين جادة في التحول للمنظومة الرقمية والوزارة جادة ونحن جادون. ويواصل بأنه «لا الوزارة قادرة لوحدها ولا نحن قادرون، فالعمل جماعي ويحتاج جهود آخرين، لذلك لا بد من وجود خطة وطنية واضحة ليصبح التعامل بيننا من أجل الأفضل». فمن سيقوم بوضع الخطة الوطنية ومن المسؤول عنها وعن تنفيذها ومتابعتها وتقييمها؟

في خطاب الوزير يرى أن الدولة تستعد لهذه الحقبة الرقمية وقد «اتخذت مبادرات لإنشاء منظومة تقنية متكاملة من خلال تأسيس بنية تحتية إلكترونية متقدمة في مخلف القطاعات، وإعداد كوادر وطنية لإدارة نظم المعلومات عبر تدريب مهني متطور يتماشى مع توجه سوق العمل نحو الصناعات الرقمية وتغيير نمطية الوظائف التي تتطلب مهارات مهنية وتقنية تختلف عما كانت عليه قبل سنوات».

السؤال الآن ما هي استعدادات الدولة للاستفادة من هذه التقنية وكيف ستتحول هذه الرؤى إلى واقع؟ ما هي الخطط التي وضعتها الدولة لمثل هذا التحول وكيف ستتم الاستفادة من نتائج المؤتمرات والدراسات وحتى الاستثمارات التي سوف تأتي؟

إن المجتمع لا يشعر بأن هناك استعدادا على مستوى السياسات والخطط والبرامج تمكن الدولة والمجتمع من الاستفادة منها وتحويل الخطاب إلى واقع.

وفق منظور رئيس المنظمة العالمية التنمية المستدامة، الأستاذ علام أحمد، فإن التقدم في تطبيق متطلبات التنمية المستدامة والتصورات التي وردت في خطاب الوزير وحديث رئيس الجامعة تعتمد على وجود مكتب في مجلس الوزراء يكون مسؤولا عن متابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وتفكيك متطلباتها وتوزيعها على الوزارات والهيئات لكي تعرف كل جهة ما هو مطلوب منها لتحقيق أهداف التنمية. وعدم وجود هذا المكتب يعني «توهان أجهزة الدولة»، كما أشار رئيس المنظمة، فعدم وجود هذا الجهاز، يعني عدم معرفة الوزارات ما هو مطلوب منها وأي القوانين تحتاج إلى تغيير، وما هي التشريعات التي تحتاج إلى استحداث. عدم توافر مثل هذا الجهاز يعني تخلف التنفيذ وتأخر النتائج.

من كل ما تقدم يتضح ان نجاح التنمية المستدامة ونجاح المسار الاقتصادي بأكمله يتطلب التخطيط على مستوى الدولة وإيجاد وحدة تخطيط أو جهاز تخطيط، وليس بالضرورة وزارة، يتولى رسم الخطط الجامعة وتوزيع العمل على الوزارات لتتكامل برامجها وسياساتها في طريق خلق فرص عمل وتخريج الطلبة المناسبين لهذه الفرص. وكذلك يتولى هذا المكتب وضع مؤشرات الأداء المطلوبة من كل وزارة والمؤشرات الجامعة على مستوى الدولة للتقدم نحو التنمية المستدامة.

يقول د. عبدالله الحواج إننا قادرون على تحقيق أهداف التنمية بشرط ان يضع الجميع أيديهم في أيدي بعض وأن نتشابك ونتعاون، وألا يتربص البعض بأخطاء الآخرين. هذا التشابك والتعاون المطلوب لا بد له من جهاز لتنسيق جهوده وتخطيط خطواته وتقييم مخرجاته. فأين هذا الجهاز؟

هذا يدعونا إلى المطالبة من جديد بوجود جهاز تخطيط على مستوى مجلس الوزراء يشمل مثل هذا المكتب ويقوم بالتخطيط العام، أما القول إن الوزراء يعرفون ما عليهم فعله ولا نحتاج إلى جهاز تخطيط فإن النتائج والأحداث وتوصيات المختصين تقول عكس ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *