نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. التنمية المستدامة والحاجة الى جهاز تخطيط

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٣١ مايو ٢٠١٧ – 01:30

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1075003

في هذه الايام تحتل قضية العمالة البحرينينة والاولوية التي ينبغي ان تمنح للبحريني في التوظيف على انه الخيار المفضل او تحت شعار “البحريني اولا” وبالتالي فان اي حديث عن التنمية المستدامة وفتح فرص عمل ومحاربة الفقر يصب في نفس المحاور التي تتحدث عنها هذه الحركة.

في هذا السياق استضافت البحرين يوم الاربعاء 16 مايو الجاري، المؤتمر الخامس عشر للتنمية المستدامة تحت رعاية سمو رئيس الوزراء حضرها بالنيابة سعاد وزير العمل واستمر 3 ايام. ناقش المؤتمر الثوة الرقمية لنظم المعلومات وتداعياتها الاقتصادية وتاثيراتها على طبيعة الاعمال والفرص المتاحة في المستقبل، ثانيا تأثير التكنولوجيا الرقمية على تطبيق سياسات المدن الذكية في المنطقة، وثالثا تاثير التكولوجيا الرقمية في تحسين الاداء في القطاعين العام والخاص. 

الطموح في الحكومة بالنسبة للتنمية المستدامة كما يبدوا هي ان الاستثمار في هذه التقنية سوف ينعكس على زيادة فرص النجاح في الاقتصاد المعرفي وفي استقطاب رؤوس الاموال وبالتالي تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل. وفي هذا الصدد يقول وزير التعمل بان التكنولوجيا الرقمية اصبحت فاعلا في الاقتصاد العالمي ومنافس للوظائف التقليدية وفتح فرص عمل جديدة ذات قيمة مضافة مما يحتم على صناع القرار وضع العلوم التكنلولجية ضمن اولويات السياسة والاستراتيجيات المستقبلية. فما هي خطتنا لذلك؟

اكد الوزير بان التحول الرقمي يعني ان التكنولوجيا الرقمية من شأنها ان تغير طبيعة فرص العمل المتاحة ورفع محتواها التقني مما يتطلب قدرات مختلفة من المتقدمين لمثل هذه الاعمال وبالتالي تقليص فرص العمل العادية ومتدنية التقنية. هذا يضع تحديات كبيرة على نظام التعليم لوضع العلوم والتكنولوجيا ضمن اولويات السياسة والاستراتيجية المستقبلية. وفي ضوء عدم التوافق الموجود بين سوق العمل ومخرجات التعليم فان الوزارة وباقي الوزارات عليها القيام بجهد كبير للارتقاء بالتعليم الى هذا المستوى. فكيف سيتم ذلك؟

وزارة التعليم تتحدث كثيرا عن التحول الرقمي لكن ماذا يعني بالضبط هذا التحول عمليا. ماهي المشاريع التي وضعتها الوزارة لتخريج طلبة قادرين على التعامل مع التحول الرقمي وكيف سوف يتم تقييم نتائج هذه المشاريع ومن سيقوم بالتقييم؟

اما رئيس الجامعة الاهلية (منظمة المؤتمر) فيقول بان التنمية المستدامة هي العنوان الاهم لمواجهة التحديات التنموية، بما في ذلك النمو السكاني الكبير والفقر ونقص المياه مما يتطلب مزيدا من البحث العلمي والدراسات والرؤى والافكار لمواجهتها. ليس فقط لمواجهة الحاضر بل لمواجهة المستبل من خلال العدالة والاستدامة والتنافسية. في ضوء الانفاق المحدود على البحث العلمي على مستوى الدولة كيف سيتحقق ذلك؟

يختم رئيس الجامعة الاهلية قوله بان البحرين جادة في التحول للمنظومة الرقمية والوزارة جادة ونحن جادون. ويواصل بانه “لا الوزارة قادرة لوحدها ولا نحن قادرون، فالعمل جماعي ويحتاج جهود اخرين. لذلك لا بد من وجود خطة وطنية واضحة ليصبح التعامل بيننا من اجل الافضل”. فمن سيقوم بوضع الخطة الوطنية ومن المسئول عنها وعن تنفيذها ومتابعتها وتقييمها؟

في خطاب الوزير يرى بان الحكومة تستعد لهذه الحقبة الرقمية وقد “اتخذت مبادرات لانشاء منظومة تقنية متكاملة من خلال تاسيس بنية تحتية الكترونية متقدمة في مخلف القطاعات، واعداد كوادر وطنية لادارة نظم المعلومات عبر تدريب مهني متطور يتماشى مع توجه سوق العمل نحو الصناعات الرقمية وتغيير نمطية الوظائف التي تتطلب مهارات مهنية وتقنية تختلف عما كانت عليه قبل سنوات”. 

السؤال الان ماهي استعدادات الحكومة للاستفادة من هذه التقنية وكيف ستتحول هذه الرؤى الى واقع. ماهي الخطط التي وضعتها الحكومة لمثل هذا التحول وكيف سيتم الاستفادة من نتائج المؤتمرات والدراسات وحتى الاستثمارات التي سوف تاتي. مستوى البطالة بين الشباب فان المجتمع لا يشعر بان هناك استعداد على مستوى السياسات والخطط والبرامج تمكن الحكومة والمجتمع من الاستفادة وتحويل الخطاب الى واقع.

وفق منظور رئيس المنظمة العالمية التنمية المستدامة، الاستاذ علام احمد، فان التقدم في تطبيق متطلبات التنمية المستدامة والتصورات التي وردت في خطاب سعادة الوزير وحديث رئيس الجامعة تعتمد على وجود مكتب في مجلس الوزرا يكون مسئولا عن متابعة تنفيذ اهداف التنمية المستدامة وتفكيك متطلباتها وتوزيعها على الوزارات والهيئات لكي تعرف كل جهة ماهو مطلوب منها لتحقيق اهداف التنمية. وعدم وجود هذا المكتب يعني “توهان مجلس الوزراء والحكومة” كما قال رئيس المنظمة. عدم وجود هذا الجهاز يعني عدم معرفة الوزارات ماهو مطلوب منها واي القوانين تحتاج الى تغيير، وماهي التشريعات التي تحتاج الى استحداث. عدم توفر مثل هذا الجهاز يعني تخلف التنفيذ وتأخر النتائج. 

من كل ما تقدم يتضح ان نجاح التنمية المستدامة ونجاح المسار الاقتصادي باكمله يتطلب التخطيط على مستوى الحكومة وايجاد وحدة تخطيط او جهاز تخطيط، وليس بالضرورة وزارة، يتولى رسم الخطط الجامعة وتوزيع العمل على الوزارات لتتكامل برامجها وسياساتها في طريق خلق فرص عمل وتخريج الطلبة المناسبين لهذه الفرص. وكذلك يتولى هذا المكتب وضع مؤشرات الاداء المطلوبة من كل وزارة والمؤشرات الجامعة على مستوى الحكومة للتقدم نحو التنمية المستدامة. يقول البروفيسور عبدالله الحواج اننا قادرون على تحقيق اهداف التنمية بشرط ان يضع الجميع ايديهم في ايدي بعض وان نتشابك ونتعاون، وان لا يتربص البعض باخطاء الاخرين. هذا التشابكل والتعاون المطلوب لا بد له من جهاز لتنسيق جهوده وتخطيط خطواته وتقييم مخرجاته. فاين هذا الجهاز؟

هذا يدعونا للمطالبة من جديد بوجود جهاز تخطيط على مستوى مجلس الوزراء يشمل مثل هذا المكتب ويقوم بالتخطيط العام اما القول بان الوزراء يعرفون ما عليهم فعله ولا نحتاج الى جهاز تخطيط فان النتائج والاحداث وتوصيات المختصين تقول عكس ذلك. 

mkwuaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *