نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

الوضع الاقتصادي يقتضي تكاتف الجميع هذا يعني تقوية الجمعيات السياسية والمجلس النيابي وجميع مؤسسات المجتمع لتتمكن من المساهمة في التنمية.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/14180/article/58393.html

ما تمر به المنطقة والبحرين بشكل خاص يمثل تحديات كبيرة على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي. لا تقتصر التحديات على التهديد الامني والتدخلات الإيرانية والإرهاب المتعدد الاتجاهات، ولكن التحدي الأكبر هو ما يمكن أن يحدث نتيجة تدني إيرادات دول المنطقة وتأثيرها على معيشة المواطن ومستوى الخدمات وأهمها الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية للمسنين والمتقاعدين. الاضرار بهذه المصالح سيكون له تأثير مباشر على الامن والاستقرار وعلى جهود التنمية بشكل عام.
منذ السبعينيات ودول الخليج تضع في برنامجها تنويع مصادر الدخل، لكن الإصلاح والتطور الذي حدث لم يلبي طموح الشعب البحريني ومتطلبات المحافظة على مستوى المعيشة الذي تحقق، فما تحقق من تنويع في مصادر الدخل لا يعوض الانخفاض في الإيرادات. خلال تلك الفترة تم إنشاء بعض الصناعات التحويلية والخدمات المالية، لكن مساهمتها في إيرادات الدولة مازالت متواضعة وأثبتت التجربة العملية أنها لم تكن كافية. هذه النتائج تفرض النظر في إعادة الهيكلة الاقتصادية وبحث أسسها وكيفية تمويلها وادارتها على اسس مهنية. وتحديد الدور الذي يجب على الدولة القيام به في تنشيط الاقتصاد وتوجيهه وتمويله ودور القطاع الخاص والمواطن في الاستثمار والادخار.
على المستوى السياسي خطت البحرين خطوات جريئة ورائدة من خلال المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في فتح المجال السياسي والمشاركة في صنع القرار من خلال مجلس نيابي منتخب. غير ان التجربة على مدى العقد ونصف العقد أثبتت أن المجلس لم يسهم هو الآخر في تطوير البيئة السياسية المساهمة في التطوير الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وتحسين مستوى المعيشة، ولم يناقش مثل هذه القضايا الملحة. كما أنه لم يسهم في خلق البيئة السياسية المواتية للتنمية. هذا يستوجب إعادة النظر وطرح قضية تقوية المجلس النيابي لكي يكون عنصرُ بناء في إعادة هيكلة الاقتصاد التي أصبحت قضية ملحة. المجلس النيابي يحتاج إلى تقوية من خلال تعديل اللائحة الداخلية ومن خلال تعزيز صلاحياته لكي يسهم في الإصلاح والتنمية.
على المستوى الاجتماعي، فإن أحداث فبراير 2011 أحدثت توترا في المجتمع، وحدت من قدرته على النظر بتجرد إلى المصالح الوطنية وضرورة تقوية المجتمع ومؤسساته المدنية، ليكون المجتمع عونا للدولة في مواجهة التحديات من جهة ويكون وسيلة فاعلة في تحقيق مصالح المواطن والدفاع عنها من جهة اخرى. المصلحة الوطنية تقتضي المحافظة على الأمن والاستقرار وتأكيد عناصر الميثاق الوطني الذي يؤكد نظام الحكم الوراثي الخليفي، وتحت لوائه تتحول الدولة إلى دولة دستورية ديمقراطية حديثة تتكاتف وتتضافر فيها الجهود لتحقيق الازدهار والرخاء لجميع المواطنين.
بعد ما مرت به البحرين مازال المجتمع يعاني، وان التعافي يسير ببطء متأثرا بما يحدث في الساحة العربية والإقليمية من صراع. الوضع الاقتصادي في البحرين لا يمكن ان ينتظر إلى أن تنتهي صراعات الجوار العربي والإقليمي. وإيجاد حلول اقتصادية. هذا يستوجب المبادرة لإيجاد أرضية مشتركة يمكن للمجتمع ومؤسساته المدنية ان تعمل بإيجابية في دفع عجلة النمو الاقتصادي الحقيقي بعيدا عن النفط وفتح فرص عمل لشبابنا لكي يسهم في بناء بلده.
الجمعيات السياسية تمثل الطليعة بين مؤسسات المجتمع المدني التي يقع على عاتقها توحيد المجتمع. بدأت الجمعيات السياسية بخطوة رائدة في طريق معالجة آثار الازمة السياسية. على هذه الجمعيات ان تتوافق على حد أدني مشترك من الإصلاح يحقق المطالب المشروعة للمواطن ويمكن الدولة والمجتمع من التعامل مع التحديات التي تواجهه. هذا التوافق يحتاج إلى استمرار الحوار بين الجمعيات ودعمه من قبل التيارات الفكرية المختلفة ومن قبل النخب الثقافية والشخصيات الوطنية، لكي يستمر في بحثه عن الأرضية المشتركة الممكنة والقيم الجامعة التي وردت في الميثاق والدستور والرؤية الاقتصادية 2030.
بهذه القيم والمبادئ تقوم الجمعيات المتوافقة بإعداد خطوات إصلاحية مشتركة واضعة في الاعتبار خصوصيات المجتمع البحريني وما تمليه العلاقة الوطيدة بين دول مجلس التعاون وأهمية المحافظة على هذه العلاقة. خصوصية المجتمع تقتضي فهم هذا المجتمع وتركيبته السكانية وعلاقاته الاجتماعية، وكذلك فهم تطلعات كل فئة في المجتمع ومراعاة مصالحها وطموحاتها وتطلعاتها. هذه المسألة تبلور مدى الانفتاح الديمقراطي الممكن في هذه المرحلة، كما انها ترتب فترة كافية لبناء الثقة على ان تتخللها مبادرات وافعال واقوال إيجابية تيسر التحول وتؤكد مصداقيته.
تراعى في هذه الخطوات القدرة على معالجة القضايا التي تعوق التنمية وتعرقل الاستثمار وتعطل بذلك النمو الاقتصادي من جهة وتراعي القيم والمبادئ التي تسهم في استدامة التنمية وحسن توزيع الدخل بما يتفق مع مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان. وأهم هذه القضايا الجامعة التي لا يختلف عليها المجتمع هي:
أولا: محاربة الفساد وما يتطلبه ذلك من تعزيز المساءلة ورفع كفاءة الأجهزة الرقابية والمحاسبة.
ثانيا: ضمان تكافؤ الفرص في التعليم والعمل وفي الترقيات والتعيينات وفي الاستثمار وشفافية القرارات المتعلقة بها.
ثالثا: حسن إدارة المؤسسات الاستثمارية مثل التأمينات الاجتماعية، و«تمكين»، وبنك البحرين للتنمية، ومن في حكمهم.
رابعا: حسن إدارة الموارد الوطنية واستثمارها.
خامسا: تمكين الحكومة من أخذ زمام المبادرة في تنمية قطاعات الصناعة والخدمات والطاقة لخلق فرص عمل مجزية. سادسا: تعزيز مبادئ الحوكمة على مستوى المؤسسات والهيئات العامة وكذلك الوزارات. مثل هذه القضايا من شأنها أن تؤدي إلى إجماع مجتمعي حولها، كما أن الحكومة سوف تسهم في إنجازها متى ما تحققت بعض عناصر الانفتاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *