نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الثورة المصرية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

  تاريخ النشر : الأربعاء ٢٩ أغسطس ٢٠١٢

بقلم : د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع- مصر تمثل الثقل العربي الاكبر وما ينتج فيها من حراك ديمقراطي سوف يؤثر في العالم العربي. من المهم جدا ان تستمر في كسب معاركها ضد التخلف والاستبداد والفساد.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12577/article/46818.html

دخلت الامة العربية مرحلة من تاريخها وحقبة من تطورها التاريخي بانطلاقة الربيع العربي. كثر الحديث حول دوافعه واتهمه البعض بعمالة خارجية ولكن الشواهد تدل على ان اسباب اندلاعه مزيج من عوامل داخلية تتمثل في طبيعة الانظمة الحاكمة وما مثلته من تخلف وفساد واستبداد وتبديد الثروات والطاقات حتى غدا العالم العربي اكثر المناطق تخلفا، ومنها خارجية تتمثل في العولمة التي اظهرت للشباب العربي مقدار تخلفه في المنافسة العالمية مقارنة بشباب العالم المتحضر حتى الكثير من شباب العالم الثالث.

 اختلفت نتائج الثورات في العالم العربي منها ما هو سائر نحو الدولة المدنية وتوازن بين القوى السياسية بوجود قوى اسلامية معتدلة في مجتمع متجانس ومتقدم نسبيا مثل تونس ومنها من يعاني الانشقاقات المناطقية والقبلية مثل اليمن، ومنها المجتمع الليبي الذي يبدو انه يخطو بثبات نحو الديمقراطية البرلمانية بالرغم من الصراع القبلي، ونتمنى للثورة السورية النجاح وازاحة الاستبداد. اما الدولة الاهم فهي مصر التي تُعتبر المعيار الحقيقي لنجاح الثورات والامل في خروج الامة من كبوتها والفرصة الحقيقية للتخلص من الاستبداد وانتشار الفكر الديمقراطي في العالم العربي الداعم للتنمية.

 تعرضت الثورة المصرية لقوى حاولت ضربها، منها قوى غربية بتحريض من دول عربية فلم تفلح ونجحت الثورة، وتنحى الرئيس ليضع البلاد في يد العسكر. من هذه النقطة بدأ مسلسل حاول خلاله الجيش احكام قبضته على الدولة وتأمين مصالحه التي رعاها على مدى الخمسين سنة الماضية وكون امبراطوريته في التصنيع وشكل اقتصادا موازيا لاقتصاد الدولة.

 في مقال للكاتب ناصر فرغلي المنشور في مجلة الكلمة عدد اغسطس ٢٠١٢ (بعنوان: الإنكار ليس مجرد نهر في مصر) يحلل الوضع المصري بقوله: ان الحركة الثورية في مصر تعثرت منذ بداياتها لفشلها في تشكيل مجلس ادارة للثورة، واخطأ المجلس العسكري عندما اعلن انه على مسافة واحدة من الجميع اي انه ساوى بين الثورة والفساد والاستبداد. تشكلت قوى قيادية اولاها المعارضة الشبابية التي بدأت الثورة وضمت اطيافا علمانية وليبرالية وقومية ويسارية وغير مؤدلجين، الا انها افتقرت الى التنظيم والقيادة. فشل هذا التيار الثوري في ترجمة ذلك الى رقم انتخابي. القوة الثانية التي لحقت بالثورة هي قوة (الثورة الاسلامية) التيار الاسلامي اضافت الى الثورة وهجها وحشدها العددي اوصلها الى نقطة اللارجعة. هذا التيار له حقه الوطني شريطة الا يصادر حق الاخرين وارجاع الامة الى ما قبل التاريخ مستندا الى المال النفطي وعقائد السمع والطاعة. والقوة الثالثة (المؤسسة العسكرية) التي حسمت النصر للثورة، واطلقت دعوة للثوار الى تشكيل تكتل معه تحسبا لعدم هيمنة الاخوان او الفلول ولكن الاشارة لم تستجب وبقي الاخوان والفلول في الساحة. 

 الان وبعد فوز الرئيس محمد مرسي يبدو انه يسير في اتجاه تعزيز الديمقراطية ولكن يشوب هذا الحراك الحذر من بقية القوى السياسية. في قراراته الاخيرة اقدم على الغاء الإعلان الدستوري التكميلي واعادة الجيش الى دوره الطبيعي في التركيز في حماية الامة والوطن. 

 ان ازالة بعض قوى النظام القديم هي خطوة نحو تعزيز الثورة وبناء دولة مدنية. يرى البعض ان هذه الخطوة كذلك مهدت الطريق امام الاخوان للهيمنة على المجلس التشريعي والجمعية التأسيسية لوضع الدستور. جماعة اخوان المسلمين اقل ضررا على الديمقرطية من الجيش، لكن هيمنتها على الحياة السياسية قد تفرز دكتاتورية جديدة تجر البلاد والامة العربية الى مرحلة اخرى من الاستبداد والصراع اللذين ينذران بتأخرها، غير ان تفادي هذا المأزق مرهون بالتيارات التي بدأت الثورة واستعدادها للخروج الى الشارع.

 كما ان سقف التوقعات المرتفع سوف يكون امتحانا للإخوان قد لا يجتازونه في الانتخابات المقبلة.

 من اهم المخاطر التي تواجه الثورة المصرية الان هو خطر الهيمنة على الاعلام وفرض قيود على حرية الكلمة. ان الحكم الصادر في الاسبوع الماضي على رئيس تحرير جريدة الدستور واتهامه باهانة الرئيس، بالرغم من تطاوله، فانه يعتبر من باب تكميم الافواه الذي ينافي القيم الديمقراطية، والقول ان الحرية يجب ان تكون مسئولة تطرح السؤال من يحدد هذه المسئولية؟ في الديمقراطيات يتعرض المسؤولون لانتقادات كثيرة، عالجتها بالغرامات على الصحف او الكاتب وليس الحبس سواء كان من داخل قانون الصحافة او من قانون العقوبات، وهذا كان موقف الاخوان في حالة مماثلة في عام ٢٠٠٦ حين رفع الوزير محمد إبراهيم سليمان دعوى بالسب والقذف على الصحفي عبدالناصر الزهيري من جريدة المصري اليوم، وقتها رفض الاخوان عقوبة الحبس في قضايا النشر «لما يؤدي ذلك من شلِّ يد حرية الرأي والتعبير من جانبٍ وتقليص فرص مقاومة وكشف الفساد من جانبٍ آخر». 

 العدو الاكبر لتقدم الشعوب هو كبت الحريات وتكميم الافواه مهما كانت الذرائع، نقدر ما فعله الرئيس من اصدار قانون بالغاء حكم الحبس، ولكن المعركة لم تنته بعد ويجب ان يدافع المجتمع عن هذه الحقوق ضمانا لمكتسبات الثورة وتعزيزا لقيم الديمقراطية التي تتطلع اليها شعوب المنطقة بقيادة مصر. ستكون المعركة الحقيقية الان لانقاذ الثورة هي تقاسم السلطة وفق قواعد الديمقراطية من خلال الدستور الذي يعتبر المعركة الحقيقية التي ستحسم الوضع لصالح الثورة، شريطة ان يضطلع التيار الوطني الثوري بالدور الأكبر في صياغة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *