نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الحالة العربية بعد سنتين من الاحتجاجات

  تاريخ النشر :٣ يوليو ٢٠١٣ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع – التحدي الاكبر لنجاح الثورات هي القوى الاسلامية التي تريد ان تشكل المجتمع حسب رؤيتها الخاصة وتستخدم الشرعية الاغلبية لتنفيذها. انفجر الوضع في مصر وسوف ينفجر في اي مكان تسعى جهة واحدة ان تحكم الجميع

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12885/article/32708.html

 تطالب ثورات الربيع العربي الانسان العربي بتحديد موقفه من قيم مثل المواطن وحريته وكرامته، والمجتمع وتقاليده ومعتقداته والدولة وتماسكها وأمنها. جميع هذه القيم مهمة ولها وظيفتها في عملية الاستقرار والتنمية، وكل منها يمثل مرحلة من التقدم الذي وصل إليه الانسان، غير ان الثورات بينت إمكانية التصادم بين هذه القيم وتطرح على الفرد والمجتمع خيارات صعبة تفرض على البعض الانتصار لاحدها. فأين يقف الفرد، وأين يقف المجتمع ومنظماته وأين تقف السلطة ومؤسساتها؟ بعض الاجابات تأتي في الدراسة التي أعلنها المركز العربي للابحاث ودراسات السياسة. 

 اعلن المركز تقريرا أصدره مؤخرا بعنوان «نتائج المؤشر العربي لعام 2012/2013»، يبرز فيه نتائج دراسة شملت 21350 مواطن من 14 دولة عربية (من بينها دول الربيع العربي). يرصد التقرير سبع جوانب أولها تقييم الاوضاع العامة في الدول العربية من الناحية الاقتصادية ومستوى الامان وتقييم الوضع الأمني والسياسي واهم المشاكل التي تواجه بلدانهم، ومصادر الخطر على أمنهم الشخصي وامن بلادهم؛ ثانيا مدى ثقة المواطن بالمؤسسات الرسمية في بلده مثل الحكومة والمجلس التشريعي ومؤسسة القضاء والجيش والامن العام؛ ثالثا الرأي العام العربي والديمقراطية وموقفهم منها ومن القيم التي تمثلها؛ رابعا مستوى المشاركة السياسية؛ خامسا دور الدين في الحياة العامة والحياة السياسية؛ وسادسا التصورات عن المحيط العربي والروابط بين سكان العالم العربي والدول التي تمثل اكبر تهديد له وتأثير الصراع العربي الإسرائيلي عليه، وسابعا: الرأي العام والثورات العربية وتاثيرها على المجتمعات العربية ومدى تقييم هذه المجتمعات لها من حيث نجاحها في تحقيق أهدافه ومدى نفوذ الحركات الإسلامية فيها.

 توصلت الدراسة الى ان 61% من المجتمعات العربية تعتبر الثورات وما نتج عنها هو تطور ايجابي بينما اعتبر 22% من المجتمعات العربية بأنها تطورات سلبية لأنها لم تحقق اهدافها ولكونها اشعلت الاستقطاب السياسي والطائفي مع استمرار سوء الأحوال الاقتصادية وزيادة الخسائر المادية، بينما رأت نسبة 3% فقط ان الربيع العربي هو مؤامرة أمريكية إسلامية. 

 تشير الدراسة الى ان 77% من الرأي العام العربي يؤيد تنحي بشار الاسد مقابل 13% معارضة للثورة، و3% يرون الحل في القضاء على الثورة و1% فقط يرون عدم التدخل لصالح اي من الطرفين. قد يختلف البعض مع نتائج هذه الدراسة من منطلق مواقف مسبقة او توجهات تعكس مصالح فئوية او ذاتية. لكن يبقى التخوف الى اي حد تؤثر القوى الخارجية في نتائج الثورة السورية وهل ستصمد الثورة في وجه التدخلات الخارجية؟ 

 الرأي الغالب في هذه الدراسة هو التفاؤل بنجاح الثورات العربية في تحقيق اهدافها المتمثلة في ضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان، وضمان حريات التعبير والتجمع والتنظيم، وإرساء قواعد الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، ومحاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية. فقد عبر ما يزيد على 75% عن تفاؤل بنجاح الثورات في تحقيق هذه الاهداف على المدى البعيد (10 الى 12 سنة) بينما عبر 23% عن توقعهم لفشل الثورات او عدم تيقنهم من تحقيق أهدافها.

 كذلك أظهرت الدراسة ان المجتمعات العربية ترى ان الديمقراطية هي النموذج الافضل لمعالجة قضايا الامة وتحقيق اهدافها وطموحاتها، في حين لدى 36% مخاوف من ان الحركات الإسلامية هي خطر على الديمقراطية. تتلخص هذه المخاوف في أن «لا تحترم الحركات الإسلامية مبادئ التداول السلمي للسلطة، أو أن تقوم باستخدام الدين لفرض قيود على الحريات الشخصية والثقافية والإبداعية، أو أن تصبح القَيِّم على تفسير الدين، أو أن تحابي الأكثر تدينا».

 أما على صعيد اتجاهات الرأي نحو الديمقراطية، فإن 68% أفادوا بتأييدهم النظام الديمقراطي، مقابل 18% عارضوه. غير ان المقلق في هذه الدراسة هي ان 37% رأوا ان النظم الاسلاية التي تحكم بالشريعة دون انتخابات وتعددية ديمقراطية هي افضل من النظم الديمقراطية، وان 45% ترى تنافس احزاب اسلامية فقط على السلطة هو الحل. 

 ارتفاع هذه النسبة يمثل مؤشرا خطيرا من حيث تاثير التيارات الدينية وقدرتها على استغلال تديلان الناس لاقناعهم بان صيغتهم الخاصة للشريعة الاسلامية قابلة للتطبيق ويمكن ان تحقق اهداف الامة في الاستقرار والتنمية. تتجاهل هذه الاطراف الدينية الاختلافات المذهبية في فهم الشريعة الخاص، حتى في المذهب الواحد. هذا التاثير ان قدر له ان يتصارع على الحكم فستكون بداية لإعادة انتاج الصراعات الفكرية والسياسية والعسكرية التي عانت منها الحضارة الاسلامية وقبلها الحضارة الأوروبية. وفي مجتمع يمثل المتدينين فيه 88% فان ذلك يمثل ارض خصبة للاقتتال واستغلال الأحزاب والجمعيات الإسلامية المختلفة الدين كمطية لتحقيق الهيمنة على المجتمعات؟من المؤشرات او النتائج التي برزت في هذه الدراسة والتي تعطي أملا في تعافي المجتمع من سلطة رجال الدين واستغلالهم الدين لاثارة النزاعات الطائفية لاغراض سياسية هو ان 67% من المجتمع العربي يرفض، ويرفض بشدة تكفير من يختلف معه في الدين او المذهب، وكذلك ترفض استغلال الدين لاغراض انتخابية او سياسية سواء كان من قبل رجال الدين او من قبل الدولة. لكن المقلق ان هناك نسبة ليست بالقليلة تتراوح بين 4% و 7% تعتقد بتكفير من يختلف عنها في الدين أو المذهب، ونأمل ان لا تكون هذه النسبة في تزايد. اما فيما يتعلق بمسألة فصل الدين عن السياسة فان الرأي العام العربي منقسم على نفسه. 

 بعد هذا الاستعراض فان التحديات التي تواجه الأمة العربية كثيرة منها تحديات سياسية وتحديات تنموية وتحديات أمنية وتحديات سكانية نتطرق إليها في مقال آخر.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *