نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الحوار .. نظرة استراتيجية وذهنية منفتحة

  تاريخ النشر :٣٠ يناير ٢٠١٣ 

 بقلم : د. محمد عيسى الكويتي 

مقال اليوم الحوار يجب ان يكون مع السلطة وبهدف حل الازمة بما يضمن المشاركة في السلطة والثروة والمساءلة الحقيقة وليس الخروج منها باقل الخسائر. نحذر من عدم اللعب بتركيبة المستقلين لترجيح كفة السلطة على حساب الجمعيات ونهيب بالجمعيات ان تراعي الوطن وليس مصالح طائفية او شخصية.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12731/article/5276.htmlبتوجيه من جلالة الملك اعلن وزير العدل بدء الحوار الوطني الذي نادى به الكثيرون. جاءت افتتاحية احدى الصحف معبرة عن ما يجول في خاطر المجتمع من انه «لا يوجد خيار سوى الحوار وعلينا ان نشارك فيه بقلب مفتوح ونيات صادقة لوضع حد للمعاناة وان كل الامور مطروحة على طاولة الحوار لنعمل على بلورة رؤى تضع الوطن على مرحلة جديدة من البناء والتنمية». 

 هناك درجة كبيرة من الترقب في المجتمع تطرح تساؤلات اولها ما هي المشاكل الاساسية التي نريد معالجتها والتي عطلت مسيرة الاصلاح ؟هل هي بين مكونات الشعب ام بينه وبين السلطة؟ هل يمكن ان نتناول الحلول من منظور استراتيجي شامل يضع البحرين على عتبة الاستقرار السياسي والتعافي الاقتصادي ويدخلها في مرحلة تنمية حقيقية مستدامة في القدرات الانتاجية والابداعية ويضع حدا لتكرار الازمات السياسية التي لم تنتهِ منذ السبعينيات؟ هل يمكن ان نخلق مناخا تسوده روح التسامح والتنازلات المتبادلة التي تضفي على الحل قدرته على الصمود والتقدم فيه وتطويره؟ والاهم هل يمكن ان يقر الجميع بان المشكلة داخلية، وبحق الاخر في الوطن، وان هناك مصالح لكل فئات المجتمع والسلطة يتطلب صيانتها والمحافظة عليها؟

 من الحوارات التي تدور في المجتمع نرى ان هناك اجماعا على ان الهدف من الحوار هو الخروج من الازمة التي تعاني منها البحرين والتوصل الى اصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية تركز على معالجة المشاكل والقضايا التي كانت السبب في الازمة بالدرجة الاولى وتقف عائقا في وجه التنمية والاستقرار.

 اما اطراف الحوار فلكل منهم اسباب ومشاكل قد تكون مختلفة ونخشى ان يضيع الغرض الاساسي من الحوار وهو مصلحة الجميع تقتضي ايجاد حل يعطي البحرين فرصة في حياة سياسية مستقرة والى امن وسلامة المواطن والمجتمع وتؤدي الى التنمية الاقتصادية المبنية على المشاركة والى حياة اجتماعية تسودها المساواة والمواطنة. اذا اتفقنا على ان هذا هو مطلبنا الاستراتيجي على المدى البعيد فكيف تكون الحلول؟

 في مقال للاستاذ عبدالله خليفة (اخبار الخليج 25 يناير) يقول ان «الحلولُ الجزئيةُ لمشكلاتِ دول منطقة الخليج لا تقود إلى نتائج فاعلة مؤثرة»، ويقول الشيخ صلاح الجودر في خطبة الجمعة «الرؤية الصحيحة هي ان القضية داخلية منفصلة عن الصراع الطائفي في المنطقة .. وان مصلحة الوطن فوق كل اعتبار». ونتفق معهما تماما في النظرة الشاملة وان المشكلة داخلية، ونضيف بان خلاف ذلك يعقد الامور ويوجد واقعا يحتاج الى معالجة. لذلك لابد ان يكون الحل ذا بعد استراتيجي وجامعا شاملا ويكون تطبيقه وفق جدول زمني. 

 الخيارات امامنا: إما الذهاب الى الحوار بذهنية مفتوحة تبحث عن المشتركات وتقود الى ادراك بأهمية الشراكة والاقرار بوجود مشكلة سياسية في المجتمع، وتقود إلى الاعتراف بالآخر وحقه في البلاد وفي القرار السياسي، وان نذهب بذهنية من يريد حلا شاملا وان كان مرحليا يعالج القضايا الرئيسية، وإما أن يتمسك كل طرف بذهنية الاستقواء ومحاولة الحصول على مكاسب آنية للخروج من الازمة وتأجيل القضايا الملحة والحقيقية والمصيرية. هذه الذهنية تغذيها دعوات غير رشيدة مؤمنة بنظرية المؤامرة ونافية جميع الاسباب الموضوعية التي اوضحها وتحدث فيها جلالة الملك وسمو ولي العهد في اكثر من مناسبة، فالبطء في الاصلاح هو حقيقة وردت في خطابات جلالة الملك وضرورة التقدم الديمقراطي مطلب تردده القيادات جميعها.

 غير ان هناك من يروج لرفض هذه المعالجة، ويرفض تعزيز الخيار الديمقراطي والتقدم في المكتسبات السياسية بحجة ان المجتمع البحريني غير مهيأ وان هناك من يأتمر بولاية الفقية وهناك من ياتمر بالمرشد الاعلى ومن يأتمر بولي الامر. هذه العقلية التي ترفض التغيير بحجة ان الوضع غير مناسب نسألها متى سيكون مناسبا؟ وما هي خطتها لتجعله مناسبا؟ ومن الان والى ان يكون كذلك هل نعيش في صراع مستمر؟ وهل نقبل لابنائنا واحفادنا ان يرثوا هذا الصراع؟ 

 ان وجود جمعيات سياسية قائمة على ايديولوجيات دينية ومذهبية هو واقع ساهم في خلقه الجميع. كما انها قَوَيت بحكم ظروف اقليمية ودولية. ورفض الاصلاح السياسي لهذا السبب هو تقوية لهذه الايديولوجيات وقوى التطرف فيها. ان رفض الاصلاح بحجة وجود هذه الولاءات سيعمل في صالح الولاءات الضيقة وارتهانا لمستقبل البلاد والاجيال للتطرف والمغالاة والتعنت.

 لدى الأطراف الان فرصة للجلوس مع بعض (السلطة والمجتمع بمكوناته) وطرح المخاوف والتوجسات والمحاذير ووضع ما يحتاج من حلول سياسية تصل بنا الى الدولة المدنية وان نتفق على جدول زمني يشمل مشاريع وبرامج وتشريعات وبناء مؤسسات دستورية تهيئ المجتمع لحياة سياسية ديمقراطية مستقرة وتضمن حقوق الجميع. 

 وما لم نصل الى هذه القناعة فان هذا الحوار سيكون مجرد جولة ثانية في سلسلة من الجولات نتمنى ان لا تكون مصحوبة بمعاناة وعدم استقرار .

 الصيغة المناسبة والمخرج الامثل في الوقت الحاضر لبداية الحوار هو المشروع المتكامل الذي طرحه تجمع الوحدة الوطنية، فهو متوافَق عليه بنسبة عالية ويمثل وحدة متكاملة تقدم حلولا لاهم المشاكل، وهي المشاركة السياسية والمشاركة في الثروة والسيطرة على المال العام واعطاء المجتمع ضمانات واعطاء السلطة ما يكفي من السلطات لكي تحمي المجتمع وتضمن كيان الدولة وتعمل وفق مبدأ ارتباط المساءلة بالمسئولية. والله ولي التوفيق.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *