نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الرؤية الاستراتيجية في التنمية الرقمية 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

الأربعاء ٢٤ فبراير ٢٠٢١

مقال الاسبوع – تدفع الحكومة نحو استراتيجية الاقتصاد الرقمي والابتكار، هذا يحتاج الى تعليم متقدم ينمي مهارات النقد والمساءلة وتحتاج الى سياسة سوق عمل مرنة قادرة على استمرار التدريب وتحتاج الى تكامل خليجي يوسع السوق وينوع الاقتصاد. هذه عوامل تقوض جهود الحكومة في التنمية والى الان اصلاحها اما متوقف او بطيء.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1239330

في شهر يناير الماضي اطلق سمو ولي العهد رئيس الوزراء استراتيجية لجعل البحرين مركزا للابتكار؟ وفي تقرير لمعهد الدول الخليجية بعنوان «البيانات السيادية: تطوير وتسويق المجال الرقمي في البحرين» سلط الضوء على مظاهر التقدم التي انجزتها البحرين في مجال التقنية الرقمية في سعيها إلى تطوير «مصادر الدخل» وتنمية القطاعات غير النفطية. ماذا يعني هذا المشروع؟ وما هي التفاصيل المتوافرة حوله؟ وكيف سيؤثر في الاقتصاد العام؟ والى اي حد يمكن ان يؤثر في الرفاه الاجتماعي؟ وما هي آليات هذا التأثير؟ مثل هذه المعلومات ضرورية ونأمل ان يقوم مجلس التنمية الاقتصادية بتوضيحها ونشر المزيد على المشروع نظرًا إلى اهميته.

اولا الاقتصاد الرقمي هو الاقتصاد الذي يستغل قدرات تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في إجراء معاملات مختلفة مالية وخدماتية. وهي في الواقع تركز في مجال التبادل اكثر منها في مجال الانتاج. فعندما تطلب وجبة عن طريق الخدمة الإلكترونية فأنت تشتري الوجبة من وسيط اما المنتج للوجبة فهو المطعم، ومقياس انتشار مثل هذه الخدمات يقاس بنسبة دخل العاملين فيه من مجموع الناتج المحلي، وقد بلغ على مستوى العالم 15.5% من الاقتصاد العالمي. فهي اذا مرتبطة مع الاقتصاد التقليدي وتشكل جزءا كبيرا منه. واذا دمجنا هذه الفكرة مع استراتيجية جعل البحرين مركزا للابتكار يتبادر إلى الذهن السؤال ما هي منظومة الابتكار الوطنية التي نسعى إلى تأسيسها وما هي الاسس التي تبنى عليها؟ وما تأثيرها على المؤشرات الأساسية للرخاء الاجتماعي؟ منظومة الابتكار الوطنية هي شبكة من المؤسسات في القطاع العام والخاص يتداخل نشاطها وتفاعلاتها لتنتج وتطور وتنشر تكنولوجيا جديدة. فما هي هذه المؤسسات والى اي حد وصلنا في بنائها؟

في تصريح لرجل الاعمال السيد يعقوب العوضي (الرئيس التنفيذي لشركة «إن جي إن» العالمية لأنظمة المعلومات المتكاملة) يقول ان مشروع التحول الرقمي سيكون له مردود كبير على الناتج المحلي وعلى نصيب الفرد وان البحرينيين مرتبطون بشكل أو بآخر بهذه الخطة وان البحرين تمتلك جميع العناصر لاقتصاد المعرفة، بما فيها مجتمع التعلم وعامل المعرفة ومنظومة فعالة من البحث والتطوير. وان الترابط الرقمي في البحرين عالي المستوى ونسبة الهواتف الذكية وصلت الى 170%. ويرى العوضي بأن هناك تحديات على البحرين مواجهتها اهمها تأثير وسيطرة الشركات الكبرى على شبكة الانتاج العالمية، والسوق المفتوح، ورفع الحواجز التي تمكن الشركات الكبرى من السيطرة والهيمنة. ويرى ضرورة النجاح في تصدير سلع رقمية في ضوء هيمنة الشركات الكبرى؟ كذلك اطلقت حكومة البحرين «وثيقة استراتيجية الحوسبة السحابية» يقول التقرير ان البحرين «حالة مفيدة» لمنطقة الخليج في مجال تحسين توظيف التقنية الرقمية واتاحة الفرصة للنهوض بالاقتصاد الوطني. وابرمت اتفاقيات لزيادة تدفقات الاستثمارات الاجنبية المباشرة. 

هذا يعني ان احد الركائز للاقتصاد المعرفي لجعل البحرين مركزا للابتكار متوافرة. من المتطلبات الاخرى وفق السيدة تريزا كارلسون (نائب الرئيس لخدمات الإنترنت العالمية في القطاع العام ومسؤولة تطوير الاستراتيجية والعمليات والمبيعات والأعمال بشركة أمازون) تحرير قطاع المعلومات ويرون ان البحرين يمكن، بوجود امازون في البحرين، ان تكون مركزا إقليميا رائدا لتخزين البيانات، وستكون انعكاساته ايجابية على تعزيز بيئة الاعمال. وهذه القدرات لها علاقة في تطوير منظومة الابتكار ومنظومة الريادة والاقتصاد المعرفي ومجتمع التعلم.

فهل هذه هي المتطلبات التي يراها السيد يعقوب العوضي لإنجاح الاقتصاد الرقمي؟ وما هو تأثير الشركات الكبرى على المشهد الاقتصادي ككل وكيف ستكون المواجهة أو التعامل معها؟ وهل يتم تطوير المتطلبات في منظومة تعليم مناسبة وعلاقات اجتماعية ملائمة ونظام ثقافي موات؟ وسوق عمل مهيئ ومتطور؟ في رأي العوضي فإن تحقيق هذا الاقتصاد الرقمي يحتاج إلى الاسراع في تطوير منظومة التعليم لكي تتمكن من تأهيل خريجين يستفيدون من فرص العمل التي يتيحها هذا التحول نحو الاقتصاد الرقمي، كما انه سوف يلغي فرص عمل اخرى ويرفع البطالة ما لم يتم تأهيل واعادة تأهيل الشباب للاستفادة من فرص العمل الجديدة, اي احداث إصلاحات مناسبة في التعليم وسياسات سوق العمل. 

في تقرير لمجلس التنمية الاقتصادية (7 أكتوبر 2020) يقول «بأن البحرين مضت قدما في تطوير عملية الرقمنة ولكن الطريق مازال وعرا». ووفق تقرير (وحدة الخبراء الاقتصاديين –(EIU) Economic Intelligence Unit) يقول ان التحدي الاكبر الذي يواجه المنطقة بما فيها البحرين هو التنوع وسرعة تغير الطبوغرافية الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، هذه التغيرات توفر فرصا للشركات العاملة في المنطقة لكنها في نفس الوقت تمثل تحديات منها افتقار المنطقة للمهارات وخبرات الزبائن والتكامل الاقتصادي، هذه العوامل قد تقوض الجهود المبذولة. فهم يرون اهمية تشجيع الاستثمار في التكنولوجيا وفي البحث العلمي وفي الابتكار المحلي (منظومة الابتكار المحلي) بالإضافة إلى تكامل التجارة الخليجية (سوق مشتركة اكثر فعالية) وتوحيد منظومة القوانين والانظمة التي تسمح بنقل التعليم والتدريب في المنطقة. اي ان هذه هي الأولويات الرئيسية وفق (EIU) وحدة الخبراء. اي ان التحول الرقمي خطوة اساسية وحلقة في رؤية اشمل واوسع تربط بين التحول الرقمي وتحقيق ما ذكره التقرير على انه قضايا اساسية لا بد من التعامل معها مثل التعليم والبحث العلمي وخلق منظومة الابتكار وما يتطلبه ذلك من مؤسسات؟ 

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *