نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. العمل المجتمعي خيارنا لهزيمة الطائفية

تاريخ النشر : 30 يناير  2010 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

وصل الوضع في البحرين الى مرحلة خطرة من الانقسام والتمترس الطائفي وتجلى ذلك في تركيبة المجلس النيابي التي نتجت عن انتخابات سيطرت عليها الولاءات الدينية والفئوية والعائلية بدل من الولاء الوطني. كما تم استغلال الفقر والجل والخوف من الاخر لمصلحة اطراف عدة مستفيدة من هذا الوضع تستغله لتحقيق مصالح آنية وذاتية. وبسبب هذا الانقسام الطائفي نتج مجلس نيابي واخر بلدي بصلاحيات محدودة جعلتهما غير فعالين في احداث التغيير او التوازن بين السلطات والمساهمة الفعالة في التنمية. اصيب المواطن جراء ذلك بخيبة امل في توصيل النائب الذي يريد. وفقد القدرة على تنظيم نفسه للتاثير وشعر المواطن بانه مهمش فاصبح اتكاليا وغير مبال فضاعت الكثير من الحقوق. 

تتضح خطورة الطائفية في تقرير مركز البحرين للدراسات والبحوث بافراد فصل كامل لناقشتها حيث يعتبرها التقرير قضية بالغة الخطورة ويرى ان وقت قرع جرس الانذار قد حان (التقرير الاستراتيجي البحريني الثاني لعام 2009). على هذه الخلفية اقام نادي العروبة ندوة حول “نعم للوحدة الوطنية… لا للطائفية)؟ كانت خطوة من خطوات كثيرة حاول المجتمع ان يساهم بها في معالجة الطائفية التي يرى انها من معوقات التنمية الرئيسة. شارك في هذه الندوة الدكتور على فخرو والشيخ صلاح الجودر والسيد عيسى الشارقي.

حاول المنتدون ان يبينوا مخاطر الطائفية على المجتمع كما حاولوا وضع بعض السبل لمعالجتها. فيرى الدكتور علي فخرو اهمية رفض الدولة الطائفية ورفض الخطاب الطائفي. ويرجع سبب تازيم الطائفية الى السماح لاحزاب – جمعيات- سياسية بان تقوم على ايديولوجية مذهبية طائفية. ويرى ان المشكلة ليست في المذهب، فالاختلافات بين المذاهب لا تتعدى خمسة في المائة من مجمل الفقه الاسلامي، بل المشكلة تكمن في تحول المذهب الى طائفة يعتقد المواطن انها توفر له الحماية وتساعده في الحصول على حقوق المدنية والوطنية. والمجتمعات التي ترى ان القانون لا يوفر الحماية الكافية لمواطنيه فانه يشجع بروز وازدهار الطائفية. 

واقترح ان تتم اقامة منبر دائم لمناقشة القضايا المذهبية. على ان يتم التركيز على اوجه الاتفاق وبيانها وابراز اوجه الاختلاف على انها اختلافات في مدارس فكرية تحدث في جميع الاديان والايديولوجيات. وعلينا ان نفصل بين ماهو تاريخي وسياسي وما هو فقهي ديني في هذه الاختلافات. اما عن الوضع الحقوقي في الدولة فان مشروعية المطالبة بها مكفولة وفق الدستور على ان ترفع المطالبة في اي منظومة باسم المواطن، كل مواطن بغض النظر عن انتمائه المذهبي، ويرفض بشدة الخطاب الطائفي، فالمظلومية تشمل المجميع. وان يكون النضال السياسي من اجل نظام ديمقراطي عادل قائم على الفكر الاسلامي الشامل والقومي العروبي ليحل محل الطائفة. وبناء مجتمع يقوم على مفهوم الوطن والشعب ومحكوم بقوانين يضعها الشعب من خلال ممثليه. وحمل فخرو رجال الدين مسئولية النتائج الوخيمة التي وصل اليها الوضع باشغال المواطن والمجتمع عن القضية الرئيسية وهي المشروع الصهيوني الامريكي. 

وتصدى الشيخ صلاح الجور للقضية برفض عبارة الوحدة الوطنية واستبدالها بالتسامح واشاعته في المجتمع. ويرى ان استشراء الطائفية هي نتيجة تجاهل وجودها مدة طويلة من قبل مؤسسات المجتمع المدني. وارجع الجودر الحروب الطائفية التي حدثت في العالم الى الجهل والتعصب الذي تلعب دور العبادة دورا كبيرة في اذكائه ونشره. وانها تقوم بغسل ادمغة الشباب وتربية صغار السن على الكراهية المذهبية ورفض الاخر. كما حمل الحكومة مسئولية التهاون معهم ودعاها الى انتهاج اسلوب اخر في الترخيص للصناديق الخيرية التي تقوم على اساس طائفي. ودعا الى توحيد المعاهد الدينية وادارات الاوقاف. اما السيد عيسى الشارقي فقد ركز على امثلة من التاريخ يوضح من خلالها استغلال السلطات السياسية للخلافات المذهبية في صراعهم السياسي.

بالاضافة الى شرور الطائفية التي تعرض لها المنتدون فان لها تاثيراات بالغة الخطورة على مسيرة التنمية تستوجب معالجة جادة. فالتنمية هي عملية طويلة تحتاج الى تكاتف جميع قوى المجتمع لتحقيق اهدافه المتمثلة اولا في تحقيق الرخاء للمواطن واستمتاعه بالحياة. وثانيا رفعة المجتمع وثالثا عزة الدولة. هذا الجهد المجتمعي يقتضي الا يكون المجتمع مثقلا بمشاكل تفسمه واثقال تضعف من عزمه في مسيرته التنموية. لا يكفي لتحقيق التنمية ان نتصور الرؤى ونحدد الاهداف ونضع الاستسراتيجيات ونطور الخطط من دون ان نكون جميعا مؤمنين وقادرين على المسير وقد عالجنا ما يقسمنا ويضعفنا. المشاكل المجتمعية هي دائمة وفي صيروة مستمرة وتتشكل بحسب توازن القوى في المجتمع. ولا يخلو مجتمع من التناقضات والصراعات الداخلية لتقاسم المصالح والمنافع والنفوذ والتاثير. والمجتمع الناجح هو الذي اتفق على وضع الاسس للتعامل مع هذه الصراعات ومعالجتها وفق نظام ديمقراطي يسمح بمشاركة الجميع في وضع اسس الصراع بحيث تبقى الصراعات ضمن نطاق التوافق القانوني وفي اطاره.

بالنسبة الى مجتمعنا البحريني يبدو ان هناك قضية مستعصية تبرز من وقت لاخر لتجر جهود التنمية الى الخلف، ويقترح الاساتاذ جواد عبدالوهاب (اخبار الخليج 29 يناير 2010) نضالا موحدا منظما وفق خطة تشمل خطوات عملية لتحقيق اهداف الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية والحرية. على ان تبدأ الخطة من نقطة انطلاقة لمشروعات لانهاء الطائفية ومشروع لحل الازمة السكانية ومشروع تربوي. ويتم ذلك من منطلق ان العمل المجتمعي هو خيارنا الوحيد وان نسبة الشعور الاجتماعي هي مسئولية الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *