نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الميثاق الوطني .. وعوامل النجاح!

تاريخ النشر : 27 فبراير  2009

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

في مقال سابق تطرقنا الى أهداف الميثاق ولخصناها في التنمية والارتقاء بالانسان وحددنا عوامل نجاح هامة متمثلة في عملية الديموقراطية وعملية انتاج العلم والمعرفة والتكنولوجيا. اي ان نجاحنا في تطبيق روح الميثاق وتطوير المواطن والمجتمع يعتمد على قدرتنا على تطبيق مبادئ الديموقراطية وقدرتنا في تطوير نظاما تعليميا وتدريبيا وبحثيا قادرا على انتاج المعرفة وتطبيقها في اشباع حاجات المجتمع. بالنسبة للديموقراطية فهي عملية تراكمية تجريبية يمر بها المجتمع ليبلور مفاهيمه التوافقية والادوات والوسائل التي تناسبه. كما انها ليست هدفا في حد ذاتها ولكنها وسيلة لتحقيق اهداف المجتمع واهداف التنمية والارتقاء بالانسان. واذا كانت الديموقراطية هي احد علاجات المجتمع فعلينا ان نتساءل هل الجرعة التي تناولناها من الديموقراطية كافية لمعالجة قضايا المجتمع والمساهمة في تحقيق التنمية؟

اما العامل الاخر من عوامل النجاح فهو العلم وانتاج المعرفة. ومساهمة العلم في الارتقاء بالانسان تكمن في اولا: التنمية القائمة على الانتاج العلمي والتطوير التكنولوجي الانتاجي؛ وثانيا في تناول المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بالبحث العلمي الذي لا يخضع لاعتبارات سياسية او أمنية تحد من امكانية نشر النتائج والاستفادة منها، او اختيار مواضيع البحث. وتحرير الطاقة العلمية الابداعية يحتاج الى تشريعات تحمي البحث العلمي وتضمن القدرة على نشر النتائج بغض النظر عن المواقف السياسية. وهذا يقودنا الى ان العلاقة بين الانتاج العلمي والتنمية والديموقراطية والارتقاء بالانسان هي علاقة تبادلية تكاملية.

بشكل عام هناك من يرى بان الفشل في تحقيق تقدم في مجال التعليم مرتبط ارتباطا وثيقا بالفشل في تحقيق تقدم في الديموقراطية. ففي مقالة للكاتب رامي خوري “ثلاث شرور تمثل الطاعون في العالم العربي”، (4 فبراير 2009  ديلي ستار اللبنانية) يقول بان العالم العربي ينقسم الى قسمين احدهما يرزح تحت نير الانظمة الشمولية التي تفرض حجر على الفكر وحرية البحث العلمي وتحدد الابداع في التعليم خشية فقدان السيطرة السياسية، والقسم الاخر يأن تحت وطأت انظمة ملكية ترى مصلحتها في احكام القبضة الامنية والحد من الحرية السياسية وقولبة التعليم في تلقين وحفظ وتكرار ممل للمواطنه يتخرج منها الطالب مكسور الجناح الابداعي والفكر الحر البحثي. وفي كلتا الحالتين يعاني التعليم شح الموارد التي يتنافس عليها مع التسليح والاجهزة الامنية والاستخباراتية التي تسهم في احكام قبضة الانظمة على شعوبها. وهذا ما يفسر الى حد كبير عدم اعطاء التعليم والبحث العلمي والتطوير في التنمية البشرية والاقتصادية الاهتمام السياسي الذي يساهم في رفع القدرات التنافسية او معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وغيرها. 

بالنسبة للبحرين بدأ الاهتمام باصلاح التعليم منذ الثمانينات وطرحت عدد من الخطط والاستراتيجيات وجميع هذه الخطط تضع من ضمن اهدافها تجويد مخرجات التلعليم والتعليم العالي. والان ونحن في عام 2009 مازلنا نتحدث عن تجويد مخرجات التعليم دون ان نتفق على ماهو المقصود بالضبط وكيف يتحقق وماهي المؤشرات التي نراقبها لمعرفة نتيجة جهودنا. استجابة لذلك أهتم مجلس التنمية الاقتصادية بالعلم والمعرفة ودشن خمس مبادرات لاصلاح التعليم والتدريب والتعليم العالي تهدف جميعها لتحسين مساهمة العلم والمعرفة في التنمية الشاملة. وتتركز على جعل المواطن البحريني الخيار المفضل لدى المؤسسات الخاصة والعامة وترفع من انتاجيته. فهل نجحت في ذلك؟

بالنسبة للتعليم العالي قام مجلس التعليم العالي بتجهيز اللوائح ( ‬الجريدة الرسمية في ‬11 ‬أكتوبر ‬2007)، ‬وأصدر قرارات بإلزام الجامعات بها، ومنحهم مهلة لتطبيق اللوائح الأكاديمية وتوفيق أوضاعهم الأكاديمية خلال عام دراسي وتطالبهم اللوائح بتقارير عن توطين البرامج البحثية (المادة 17 من الفصل الثالث).غير ان هذه اللوائح ركزت على الامور الاجرائية والهيكلية والمعيارية في عدد الاساتذه ودرجاتهم العلمية والمباني، ولم تعالج بشكل جذري الفصل والقطيعة بينه وبين مجتمع الاعمال والصناعة من حيث التعاون في مجال البحث والتطوير. ‬‬‬‬

كما ان مجلس التعليم العالي نفسه يعاني من نقص شديد في الكادر الذي يعمل بعُشر القوى التي ‬من المفترض أن يعملوا بها على حد قول الامين العام. والاساتذه الجامعيين مثقلين بالمناهج الدراسية التي لا تمنحهم الفرصة للبحث والتطوير والتواصل مع الصناعة وغيرها من الانشطة المساهمة في الانتاج. وهذا يطرح سؤالا مسئولية وضع استراتيجية البحث العلملي والتطوير؟ هل هو مجلس التعليم الذي يعمل بعشرة قدرته، ام وزارة التعليم، المثقلة بالروتين اليومي، اما جامعة البحرين التي وضعت استراتيجيتها الخاصة بها ولم تشمل استراتيجية شاملة؟  ‬

قامت الحكومة مؤخرا بتشكيل فريق لتقييم برامج الجامعات الخاصة، ( اخبار الخليج 22-7-2008) وتم تكليف فريق استشاري يقوم بتقييم البرامج وتقديم تقرير شامل للجنة لاتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات من شأنها الحفاظ على مكانة البحرين التعليمية. ومع ذلك يقول الدكتور فيصل الملا  من جامعة البحرين (اخبار الخليج 5-1-2009) “ان واقع البحث العلمي في الجامعات ضعيف وغير موجه نحو معالجة المشاكل المجتمعية وغير متوافق مع متطلبات التنمية ولا تسخر لخدمة الأغراض المجتمعية ولا تتواءم مع الخطط التنموية الوطنية”  فهل سيشمل هذا التقييم تغيير هذا الواقع ووضع الاستراتيجية الكفيلة بتغييره وتخصيص التمويل اللازمة لاحداث التطوير؟ بالنظر الى ميزانية الدولة لعام 2009-2010 نجد ان الحكومة رفضت مطالبة البرلمان بزيادة ميزانية للتعليم والصحة اسوة بميزانية الامن والدفاع، مما يطرح تساؤلا حول الاولويات التنموية والاهتمام بالانسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *