نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. اولويات البرلمان…… ماهي؟

تاريخ النشر : 2 نوفمبر  2009

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

بعد ان سكتت المدافع وهدأت النفوس من احد انواع الصراع السياسي بين الجمعيات السياسية الدينية على الاستجوابات وما سببه من استقطاب برلماني اثر سلبييا على المشهد الاجتماعي المتأزم خصوصا مع الاحداث الامنية التي سبقت الصرع او التي لحقت وادت الى ازهاق ارواح. والتصريحات الكثيرة المنحازة لهذا الطرف او ذاك. نتساءل كيف سيتصرف البرلمان في ما تبقى له من وقت في هذا الفصل التشريعي الى عام 2010؟ 

ان المتتبع لعمل البرلمان يرى ان بعض الانجازات قد تحققت مثل قانون التعطل وقانون اصلاح سوق العمل وتنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة واعفاء المنشأت الصناعية من الضرائب على مدخلات الصناعة. لكن هل تلبي هذه الانجازات تطلعات المواطنين والامال المعقودة على البرلمان بالرغم من القصور في الصلاحيات التشريعية والرقابية؟ وهل ترتقي الى مستوى معالجة المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعيق عملية التنمية المستدامة وليست التنمية بمفهومها المحصور في العقار والسياحة؟

من واقع الاهتمام بالتنمية نرى ان تحديد معوقاتها ومعالجتها معالجة جذرية مفترض ان تكون من اولويات العمل البرلماني لسببين الاول انها تؤثر بشكل مباشر في الحياة المعيشية للفرد وتجويد نوعية الحياة، وثانيا معالجة هذه المعوقات سوف يضع الحلول في اطار موضوعي بعيدا عن الشحن الطائفي والسياسي. كذلك سوف يخلق مناخ يتيح النظر الى الصورة الكاملة وعدم التركيز على قضايا هامشية لا يتناسب تاثيرها مع الجهد والوقت المبذولين في مناقشتها. ومع ادراكنا ان البرلمان مكون من كتل كل له برنامجه واجندته، لكننا نامل ان يشمل هذا البرنامج القضايا الهامة التي تعيق التنمية ونخص بالذكر قضيتي الطائفية والفساد.

في رد المجلس على خطاب جلالة الملك في 2005 تحدثوا عن تعديل بعض بنود الدستور من خلال الحوار مع كل الأطراف المعنية، وسيادة القانون بما يكفل الحفاظ على الحقوق والواجبات لكافة أبناء الوطن من دون تمييز وترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية والتوعية بمفهوم المواطنة وكفالة حرية التعبير بجميع صوره، فماذا تم بخصوصه؟ 

وفي رد المجلس في يناير 2008 ركز على التنمية من خلال منح المجال الصناعي والتجاري أهمية خاصة عبر برامج التطوير والابتكار. كما تطلع المجلس ومن منطلق الحرص على ازالة ما يعوق مسيرة التقدم والنماء ، “الى مزيد من الحرص الحكومي على توفير ما يلزم من الاراضي لتنفيذ مشاريع الاسكان، ووضع حد للبيروقراطية، واعتماد مبدأ الشفافية ومحاربة الفساد الاداري والمالي، فماذا تحقق؟

يشير الدستور كذلك، في ديباجته، الى ان اهم اسباب وجود المجلس هي “استكمال الحكم الديموقراطي والقضاء على معوقات التقدم والنماء والرخاء والاستقرار”. كما تشير ورقة لمركز الدراسات والبحوث بتاريخ 27/01/2007 الى ان أولويات عمل المجلس النيابي تشمل “سن التشريعات والقوانين التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن ومحاربة الفساد المالي والإداري والسعي الحثيث لنبذ الطائفية البغيضة”. يبدوا من هذه الفقرات ان هناك قضيتين رئيسيتين تعوقان التنمية وهما الطائفية والفساد. 

ان الاحداث الامنية التي مرت لن تكون الاخيرة، وهي تشير الى وجود مشكلة كبيرة في المجتمع مرتبطة بالطائفية والفساد وتحتاج الى مشروع وطني يضع حد لهذا التأزم والتصدي لها بموضوعية بعيدا عن المصالح المذهبية والعصبية العائلية الضيقة. ويتطلب المشروع ان تتجاوز الكتل البرلمانية خلافاتها الجانبية وتضع اجندة قائمة على اولويات وطنية تعالج معوقات التقدم المذكورة من منظور منظومي شمولي ياخذ في الحسبان الاسباب والمسببات (وجعلنا لكل شيئ سببا فاتبع سببا) والنظر فيها بتجرد يمكنه من النظر في اسباب المشكلة وبحث جوانبها والاستماع الى كل الاطراف من دافع المسئولية والحياد وليس بخطابات استفزازية صدامية تجعل البرلمان جزء من المشكلة. ويتطلب المشروع ان لا يبدأ التحليل من حدث واحد معين مهما كان فادحا، فهذا تبسيط وتسطيح للمشكلة. 

ان التصدي لهتين القضيتين لا يتم من خلال اخذ مواقف مسبقة مبنية على احداث انتقائية يختارها كل فريق لاثبات وجهة نظره حسب الانتماء المذهبي او المصلحة السياسية الانية او المجاملات المقززة. وانما تحتاج الى منهج لمعالجة المشاكل يصل الى اعماق القضية وجذورها والفرضيات الدفينة في نفوس المسئولين والتي تقف خلف التصرفات الظاهرة. فلو قامت كل جمعية بتحليل اسباب ودوافع الطائفية والفساد وخرجت برؤيا للتعامل معها وتقليل تأثيرها، ومن ثم محاولة ايجاد ارضية مشتركة مع الجمعيات الاخرى والعمل من خلال لجان مشتركة تشمل ممثلين من جميع الكتل لوضع التشريعات والمقتراحات والاستجوابات واستنهاض المجتمع المدني لكان العمل اكثر منهجية واقدر على المعالجة من الاسلوب الحالي الذي يوحي بالانتهازية والعشوائية في اختيار الاقتراحات والاسئلة وفي بعض الحالات الاصطفاف الطائفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *