نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. تجمع الوحدة الوطنية .. ماذا بعد؟

تاريخ النشر :1 اغسطس  2011 طباعة 8

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

اجتمع المؤتمرالعام لتجمع الوحدة الوطنية وانتخب اعضاء اللجنة المركزية وتالفت من 25 عضوا. تستمر هذه اللجنة مدة سنة يتم خلالها فتح باب العضوية ووضع التنظيم الاداري للامانة العامة ووضع اللوائح الداخلية والخطط الاستراتيجية للعمل المجتمعي والعمل على توحيد الصف الوطني. بعد سنة يتم استكمال اللجنة المركزية بانتخاب 25 عضوا اضافيا لتصبح 51 عضوا تستمر مدة اربع سنوات. للاسف فان الفائزين لم يكن بينهم اي من الجمعيات الاسلامية الاخرى مثل الاصالة والمنبر وهذا يمكن ان يكون مؤشرا ذا قراءتين. الاولى : ان الجمعية تريد ان تقول انها مستقلة عن الفكر الديني المذهبي وتبدأ العمل على اساس وطني مما يسهل عليها العمل على اعادة اللحمة الوطنية واستقطاب قطاع واسع من المواطنين المهتمين بالشان العام والعمل السياسي والتنمية الاقتصادية والبشرية. والرافضي للايديولوجيات بشكل عام والدينية السياسية بشكل خاص وبالتالي لا يستهويهم الانضمام الى جمعيات دينية. والقراءة الاخرى ان الجمعيتين لم تضعا ثقلا في الحملة الانتخابية ولم ترشحا عددا كافيا من قيادات الصف الاول مما ابعدهما عن الفوز، او ان الجمعيتين اختارتا ان تعملا منفردتين في حملتيهما في هذه الانتخابات وفي اي من الحالات فان ذلك يضع مسئولية على قيادات الجمعيات والتجمع ببذل جهد لتلاقي تبعات ونتائج ما حدث ومحاولة التقريب فيما بين اطياف المجتمع.

بالنظر الى الاعضاء الفائزين بعضوية اللجنة المركزية نجد انها تنوع بمثل عددا من التيارات تلتف حول قيادة الدكتور عبداللطيف المحمود متأهبة لاخذ زمام المبادرة لقيادة المجتمع نحو مستقبل افضل. فهناك مجموعة من رجال الاعمال تمثل التيار الاقتصادي الذي الى الان غير ملون بطيف سياسي مما يسبغ على التجمع روح البراجماتية والتوجه نحو البناء الاقتصادي التنموي. لكي يتحدث هذا التيار مع التيارات الاخرى في التجمع، ولكي تستقيم اطروحاته مع الطموحات المختلفة في المجتمع، سوف يحتاج الى ان يتبنى مفاهيم التنمية البشرية المستدامة التي تؤكد دور الحكومة في التنمية. وليس فقط منطق النمو الاقتصادي الليبرالي الذي يسود تفكير بعض اتجاهات مجلس التنمية الاقتصادية. اهمية هذا التيار هو قدرته على الدفع في اتجاه برنامج سياسي يضع الكثير من الوزن على العامل الاقتصادي التنموي في تحقيق العدالة والاستقرار المبنيين على اسس ديمقراطية مع تاكيد اهمية المساءلة والنزاهة لضمان التوزيع العادل لنتائج التنمية الاقتصادية.

التيار الاخر داخل اللجنة هو تيار قومي عروبي ديمقراطي له توجه وحدوي وعمل من منطق كون البحرين جزءا من محيطها العربي وبخاصة علاقتها الخليجية. وبالتالي فهو قد يدفع في جعل التجمع يركز في التنمية القائمة على ضرورة تطوير السوق الخليجية من خلال كونفدرالية وصولا الى وحدة خليجية تشكل نواة لتكتل عربي يكون له شأن في الدفاع عن القضايا العربية كما انه قد يدفع في اتجاه الوحدة الوطنية التي تؤكد ضرورة تعاون الجميع لبناء مجتمع الدولة المدنية والمواطنة.

التيار الثالث داخل اللجنة هو كتلة شبابية متاهبة تمدها بالحيوية والحراك المطلوبين في هذه المرحلة الحرجة من البناء. هذه الفئة الشبابية بتنوعها الثقافي وتعددها السياسي ضوروية لفتح ابواب التجمع لفئات الشباب في المجتمع وللتواصل مع مختلف فطاعاته وطبقاته. كما انها اساسية لاستمرايته وتجديد تطلعاته وعليها يقع العبء الاكبر في بلورة هذه التطلعات في برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تخدم هذه الفئة بشكل اساسي.

التيار الرابع في اللجنة هو عدد من القيادات الدينية المعتدلة لتكمل تلاوين المجتمع البحريني وتكسبه امكانية قيادة المجتمع المتدين بطبعه للدفع بما تضعه اللجنة من برامج ومشاريع وطنية تقضي على الكثير من السلبيات التي يواجهها المجتمع مثل مكافحة الفساد باشكاله المختلفة. وتعمل على اشاعة القيم الاسلامية التي غفلت عنها الكثير من القيادات الدينية المتملقة. ستكون مهمة هذه الفئة هي ابراز القيم الاسلامية مثل العدالة في توزيع مغانم التنمية وثروات البلاد والمساواة والتسامح ونصرة الحق الذي يمثل عصب الرسالة المحمدية. كما يقع عليهم مهمة احياء فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تناستها الطبقة الدينية في ارجاء العالم الاسلامي كافة واكساب هذه الفريضة ابعادها السياسية.

واذا اضفنا الى هذين التنوعين الفكري والمهني ، الخبرات السياسية الواسعة التي يمتلكها بعض اعضاء الهيئة المركزية، فلا نستغرب اذا توقع المجتمع البحريني الكثير من هذه اللجنة في وضع مشروع سياسي لقيادة المجتمع نحو تغيير كبير في المشهد السياسي وفي مفهوم المعارضة وفي اسلوب الدفاع عن الحقوق واستنهاض المجتمع لتحقيق تطلعاته نحو الحياة الحرة الكريمة.

لن يكون من الصعب على قيادة التجمع صهر هذا التنوع في بوتقة ليكوِّن منظومة عمل واحدة تجعل من اختلافاتها وتنوعها قوة بناء وفرصة لفهم الاخر وقبوله. لكن التحدي سيبقى في ان تشع هذه النزعة في قاعدتها وفي المجتمع لازالة بعض ما خلفته الاحداث المؤلمة ، وتسير به نحو وحدة ولحمة وطنيتين تجعلان هدفهما الاسمى هو احترام حرية وكرامة الانسان وتعملان على تحسين نوعية حياته. تمثل هذه المرحلة فرصة لمد اليد للجميع لان يسهموا في بناء هذا المستقبل ضمن الثواب والمبادئ الاساسية التي وضعوها لانفسهم من شرعية الحكم وعروبة البحرين واسلاميتها والوحدة الوطنية التي لن يتحقق اي اهداف تنموية او استقرار للمجتمع من دونها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *