نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. تحديات مشروع الوحدة الخليجية

تاريخ النشر :31 اكتوبر  2011 طباعة 14

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

في منتصف اكتوبر الجاري انعقد المؤتمر التاسيسي لمنتدى وحدة الخليج والجزيرة العربية. وضع المنتدى ستة اهداف هي 1) العمل على تحقيق وحدة الخليج والجزيرة العربية؛ 2) نشر وترسيخ مفاهيم الديمقراطية والوحدة بين ابناء الخليج والجزيرة العربية ؛ 3) دعم الجهود كافة الساعية الى تحقيق الوحدة بين دول الخليج والجزيرة العربية؛ 4) تفعيل الدور الشعبي للمطالبة بالاصلاح في المجالات كافة لتحقيق الوحدة ؛ 5) الحفاظ على الهوية العربية والاسلامية وترسيخ حقوق المواطنة؛ 6) التصدي للمشاريع الاجنبية المهددة لامن المنطقة وسيادتها ونسيجها الاجتماعي والسياسي. وحدد المتدى لنفسه الوسائل السلمية لتحقيق اهدافه معتمدا في ذلك على جميع مكونات الشعب المؤمنة باهداف المنتدى. تم خلال اللقاء الاول اختيار مجلس امنا من 36 عضوا (بواقع 6 لكل دولة) ومكتب تنفيذي من 6 اعضاء.

شارك في المنتدى عدد كبير من المفكريو والسياسين ، رجالا ونساء، وشباب متطلعا الى مستقبل افضل اورد احد المتحدثين ان الخليج يتعرض لخطرين رئيسيين هما خطر قائم متمثل في امرين: الاول داخلي وهو غياب المشاركة السياسية والاستئثار بالقرار والفساد وضعف التنمية ، والثاني هو المشروع الامريكي وما ينطوي عليه من اخطار اقليمية . اما الخطر الاخر فهو خطر خارجي متمثل في التهديد الاقليمي.

طرح المتحدثون تحديات عدة تواجه الوحدة الخليجية منها تحديات استراتيجية وسياسية واقتصادية وتحديات ثقافية تتعلق بالهوية الخليجية. ركزت خطابات المشاركين في ثلاث محاور رئيسية هي المحور السياسي والمحور الاقتصادي ومحور الامن القومي. اتضح ان غالبية المتحدثين رجحوا ان المحور السياسي هو الاهم وهو المحرك الاول لعملية الوحدة الخليجية. ويستند اصحاب هذا الرأي على فرضية ان الوحدة- وما ينتج عنها من امكانية التنمية الشاملة والامن القومي لا تتحقق الا من خلال نظام ديمقراطي يقوي الجبهات الداخلية ويوحد الصفوف ويتيح مناخا من المساواة والعدالة يشعر فيه كل مواطن خليجي بصون حقوقه وبقوة انتمائه ، ويُخلِّص القادة من الشعور المفرط بالسيادة القطرية المستقلة التي وقفت حتى الان عائقا في طريق الوحدة الخليجية (عبدالله بشارة 2004).

يطرح المنتدى سؤالا جوهريا هو هل يمكن ان تتحقق الوحدة الخليجية ما لم يبدأ الاصلاح السياسي الداخلي في كل دولة؟ اي هل الوحدة اولا ام الاصلاح والتغيير اولا؟

اصحاب الرأي – الاصلاح اولا – يرون انه على مدى الثلاثين سنة الماضية لم ينجح القادة في تحقيق الوحدة الخليجية وان تقدموا بعض الشئ في الجوانب الامنية والاقتصادية. وبالتالي فان المرحلة القادمة يجب ان تكون بقيادة الشعوب وان يتوجه الخطاب للمجتمعات لكي تاخذ زمام المبادرة وتشكل جماعات ضغط في اتجاه الاصلاح والوحدة. لم تكن الروح الموجودة في المتندى تنطلق من البعد الامني .  ان الهدف من الوحدة لم يكن هدفا امنيا لدى غالبية المتحدثين بقدر ما كان يهدف الى تنمية الانسان الشاملة التي تستشعر اهمية حماية واستغلال الثروة النفطية الناضبة في بناء نهضة علمية وصناعية انتاجية بشكل يؤمن مستقبل المنطقة والاجيال القادمة ويحقق الامن والاستقرار الداخليين والخارجيين.

ويرى المنتدون ان ذلك يتطلب مشاركة المجتمع في صنع القرار في كل دولة لكي تتوجه ثمار التنمية في بناء المجتمع ومحافحة الفقر والبطالة. لذلك يرى اصحاب هذا الرأي بان الاصلاحات السياسية التي تسمح بالمشاركة هي التي سوف تمكن الشعوب من تحقيق ذلك ومتى ما تحقق فان الوحدة سوف تكون اسهل بين الشعوب التي اصبحت تملك قرارها.

على المستوى الاستراتيجي فان المشكلة الجوهرية هي الانكشاف الاستراتيجية ويتلخص في ان الدول الخليجية صغيرة وضعيفة متفرقة غير قادرة على تحقيق امنها الوطني، وتتعرض لتهديدات وضغوط خارجية . فالدول الصغيرة ، لا تستطيع تحقيق امنها بالاعتماد على قدرتها الذاتية ويستوجب عليها الاعتماد على دول اخرى. يضاف الى ذلك ان هذه الدول تمتلك 67% من احتياط النفط تتزاحم عليهم دول اقليمية ودولية محكومة بحسابات بعيدة عن مصالح المنطقة.

كما ان التدخل في الشئون الداخلية اصبح سمة من سماعت العلاقات الخارجية لم تسلم منه دول كبرى مثل امريكا والصين ويطرح السؤال المهم وهو كيف تخرج من هذه المعضلة (صغر المساحة – تفادي الضغوط والتهديدات الخارجية) وماهو الحل؟ والجواب هو ان الوحدة لم تعد تمنيات عاطفية بل هي الخيار الوحيد والحل العملي للانكشاف الاستراتيجي.

يستحضر المتحدث ما مر به الخليج من حروب ، وما بين التبسيط والتعقيد يتساءل ماهي العقبات الحقيقية؟ ويجيب بان الفراغ هو السمة الغالبة على الوضع في الخليج. هناك فراغ بمرامجي، لا يوجد برنامج عربي او خليجي يتعامل مع المشاريع الاقليمية والدولية. وفراغ امريكي يتمثل في احتمال خروج امريكا من الخليج . وهذا فراغ الميزانيات وموارد طبيعية بتفنن الغرب والمتنفذون في كيفية استنزافها.

برز في المنتدى رأي اخر هو ان تحقيق الاصلاح السياسي قد يتطلب وقتا طويلا لا يكون ممكنا في ظل الظروف الاقليمية، لذلك فانه من الافضل التركيز على الوحدة الكونفدرالية التي تقتصر على الدفاع والنفط والسياسة الخارجية. ومن ثم العمل على توفير الظروف المواتية لاصلاحات سياسية. وانتهى المؤتمر الى ان يسير العمل في الاتجاهين وايهما تحقق كان بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *