نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

تساؤلات حول الميزانية التي تمثل توازنات بين مصالح شرائح المجتمع فمن يدافع عن الشريحة محدودة الدخل والاضعف؟

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1079739

في يوم الاربعاء 21 يونيو تم عقد اجتماع بين الحكومة من جهة واللجان المالية في البرلمان بغرفتيه من جهة ثانية لمناقشة الميزانية. هذا الاجتماع كما تم الإعلان عنه يهدف إلى خلق توافق بين الحكومة والبرلمان حول الميزانية وقد يسهل عملية مناقشة مقترحات البرلمان وإدخال ما توافق عليه الحكومة منها. هذه العملية لها ايجابيات، منها اختصار الوقت في تمرير الميزانية وإعطاء أعضاء الحكومة فرصة شرح وجهة نظرهم في جو خال من التساؤلات المحرجة والكثيرة. لكن في المقابل فإن ذلك يجعل المجلس النيابي طرفا في عملية إعداد الميزانية ويؤثر على النقاش الموسع للميزانية وإطلاع الرأي العام من خلال النقاش على منطق وأهداف الميزانية والمصالح التي تمثلها. نأمل الا يختصر النقاش العلني في المجلس بين من يدافع عن وجهة نظر الحكومة لأنه اجتمع معها وبين الآخرين الذين لم يجتمعوا.

الميزانية الحالية هي الميزانية للسنة الثالثة والرابعة من برنامج الحكومة (2015-2018). هذا البرنامج اشتمل على ستة محاور هي المحور السياسي، الاقتصادي، التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية، البيئة والتنمية الحضرية، أداء الحكومة. وضعت لكل محور أولويات استراتيجية وسياسات ومبادرات وإجراءات تنفيذية. والآن وبعد ثلاث سنوات ونحن نناقش الميزانية الثانية والأخيرة من هذه الفترة ينبغي ان نتساءل ماذا تحقق من هذه المحاور وكيف سنحقق ما تبقى وكيف نفسر أي قصور؟ وما هي المعايير والمؤشرات التي استخدمت لمتابعة التقدم في كل من هذه المحاور؟ ومن هي الجهات المسؤولة؟ على مجلس النواب ان يتصدى لمثل هذه التساؤلات وغيرها وهو يناقش الميزانية وتوضيح هذه القضايا للرأي العام.

السؤال الثاني: هو ان الميزانية وضعت على أساس سعر النفط 55 دولارا للبرميل بينما السعر الحالي يتراوح بين 45 و50 دولار أي ان العجز الذي تم تقديره سوف يزيد على المستوى الموضوع في الميزانية. فما هي وجهة نظر الحكومة في تأثير ذلك على الدين العام وكيف ستواجه ذلك؟

السؤال الثالث: هو ان الدين العام الذي سوف يرتفع إلى مستوى 13 مليار دينار بحسب الارقام الرسمية وسوف يزيد على ذلك إذا وضعنا في الاعتبار تذبذب سعر النفط، والقروض الأخرى التي تضمنها الدولة مثل قروض الشركات الكبرى مثل «ألبا» و«طيران الخليج» وغيرها بالإضافة إلى العجز الاكتواري المتوقع، هذا يرفع الدين العام إلى مستويات اكبر بكثير. فكيف سوف يتم التعامل معه في المستقبل وما هي رؤية الدولة لتسديد هذا الدين؟

السؤال الرابع: هو ان تنويع مصادر الدخل الذي تتحدث عنه الحكومة والمجلس هو في الواقع زيادة الرسوم وتحميل المواطن والمؤسسات تكاليف الخدمات وفرض بعض الضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة.

أليس فرض مثل هذه الرسوم هي مساس غير مباشر بمكتسبات المواطن؟ وكيف سيؤثر ذلك على دخل المواطن المحدود الدخل؟ وهل هذه الرسوم تؤثر بنفس القدر على المقتدرين في المجتمع؟ ولماذا لا يتم التفكير في فرض ضرائب على الشرائح الموسرة والثرية والتي تملك القدرة على الدفع كونها هي الفئة التي استفادت من مرحلة الطفرة والرخاء أكثر من غيرها. ان تقليل الدعم في هذه الميزانية يعني تقليل حصة المواطن من المدخولات الوطنية، لماذا يتحمل المواطن البسيط العبء الأكبر في هذه الظروف في الوقت الذي هو أحوج إلى المساعدة والعون بسبب الارتفاع في الأسعار الذي سوف ينجم عن فرض الرسوم والضرائب.

السؤال الخامس: هو ان مثل هذا الوضع حدث في الثمانينيات والتسعينيات ولدينا تجارب سابقة في انخفاض سعر النفط، لماذا لم تحتط الدولة لمثل هذه الظروف وتعمل على تنويع مصادر الدخل وتنويع الاقتصاد وتوسيع القاعدة الإنتاجية؟ أليس من حق المواطن والمجتمع بأسره ان يرى دراسة حصيفة وموثوقة ومستقلة تشرح للمواطن أسباب تعطل برنامج تنويع الاقتصاد وتنويع مصادر الإيرادات. أما فرض هذه الرسوم والضرائب فهي تحمل المواطن تكاليف هذا الأوضاع وتضع تساؤلات حول مستقبله ومستقبل أبنائه؟

السؤال السادس: يقول مسؤولون ان الميزانية تهدف إلى رفع الناتج المحلي وإلى زيادة الإيرادات من خلال تعزيز دور القطاع الخاص، هذا الخطاب بدأ منذ عام 2004، وإلى الآن لم يتمكن القطاع الخاص من المساهمة في تحويل الاقتصاد إلى إنتاجي أو معرفي، لماذا نستمر في نفس الطريق الذي بينت جوانب القصور فيه. وما هي خطة الدولة لتغيير هذا الوضع؟

السؤال السابع: ان الاقتصاد يقوم على مبدأ الاستخدام الأمثل للموارد. تطبيق هذا المبدأ على الإنفاق يطرح تساؤلات حول جميع البنود في الميزانية. والسؤال الأهم هو: هل هذه هي الطريقة الأفضل أو التوجه الأمثل في تحقيق الهدف؟ طرح هذا السؤال تجاه جميع البنود في الميزانية وخصوصا الكبيرة منها يفتح المجال للتفكير الإبداعي والابتكاري بعيدا عن العواطف والمواقف المسبقة والأجوبة المعلبة والجاهزة والتي اعتدنا عليها. الظروف التي نمر بها ظروف استثنائية تحتاج إلى تفكير وتناول مقاربات استثنائية.

في نهاية المطاف تعتبر الميزانية بيانا سياسيا بأرقام مالية (سياسة نقدية ومالية واقتصادية) تحدد أولويات خطة الدولة في الإنفاق وفي التوجه نحو أي من الضرائب تزداد وأي منها تنخفض بناء على مصالح واعتبارات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وبالتالي فهي وثيقة سياسية تحقق توازنا بين مختلف المصالح تخضع لتوازنات القوى في المجتمع. من ذلك نأمل من النواب اخذ ذلك في الاعتبار والدفاع عن مصالح المواطن وتعظيم مكاسب الطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل وتقليص تضحياتهم.

فمثلا فكرة استرداد الكلفة سوف تتأثر بها الطبقة الضعيفة. فزيادة الرسوم بواقع عشرة دنانير مثلا في جانب تضر المواطن البسيط بينما هذا المبلغ لا يمثل شيئا بالنسبة لشريحة الأغنياء والأعيان وكبار القوم. ان ضريبة الدخل التصاعدية وضريبة الثروة وضريبة العقار ستكون أكثر عدالة وأكثر تأثيرا على الإيرادات من ضريبة القيمة المضافة أو الرسوم المختلفة، لذلك ينبغي على النواب توضيح مثل هذه الخيارات للمجتمع ومناقشتها علنا وليس في لجان مغلقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *