نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. تعيين سمو ولي العهد وتطلعات الإصلاح

  تاريخ النشر :٢٠ مارس ٢٠١٣ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع- تعيين ولي العهد لن يكون الحل لاصلاح حكومة اخفقت في التنمية وفي الخدمات وفي الامن على مدى عقود

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12780/article/14165.html

أولا نبارك لسمو ولي العهد تعيينه نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء ونرى انها فرصة لإعادة التفكير في الكثير من المشاريع التي تبناها سموه، ونخص بالذكر مجلس التنمية الاقتصادي والفلسفة التي ارتكز عليها والأهداف التي وضعها والرؤية التي انبثقت عنه. هذه الفرصة لها مدخلان المدخل الأول سياسيا ونأمل ان يكون وجود سموه عاملا محركا لحل الأزمة من منطلق إصلاح سياسي ينتج عنه نظام يعزز الديمقراطية ووضع الآليات الكفيلة بتحسين الأداء في العمل الحكومي ويوفر بذلك للبحرين فرصة التركيز على البناء وتكاتف الجميع. والمدخل الثاني تنموي وهذا مدار حديثنا.
التعيين جاء واضحا وعاما شمل التركيز على تطوير اداء الأجهزة الحكومية وهذا يشمل الأدوار الرئيسية للحكومة التي تتلخص في تقديم الخدمات وإدارة التنمية وحفظ الأمن. ويهمنا الآن الدور الاول والثاني لما لهما من انعكاسات على الدور الثالث.
البعد التنموي هو عنصر مهم وأساسي في عمل أي حكومة، ولم تتقدم الدول الا من خلال جهود التنمية التي ادت، في حال، نجاحها إلى تكريس الامن والاستقرار السياسي والاجتماعي. في هذا الصدد تبنى سموه مجلس التنمية الاقتصادية الذي وضع رؤية 2030 وكتبنا حينها عن غياب البعد السياسي في الرؤية وقلنا في تقديرنا فان غياب هذا البعد الذي يتناول المجتمع من الجانب السياسي والثقافي هو قصور نخشى ان يكون له تاثير سلبي على نجاح الاستراتيجية الوطنية (اخبار الخليج 15 اغسطس 2010)
من هذا المنطلق نرى ان جهود سموه ستكون مهمة ومحورية في معالجة البعد السياسي. نجاح الحوار في الحل السياسي سيكون فرصة لمراجعة الرؤية المستقبلية بذهنية جديدة واسس من العدالة الاجتماعية والاستقرار الناتج عنها يوفر مناخا ملائما للبناء. هذا النجاح نرى انه يتطلب اعتماد الحوار كنهج للتطوير السياسي. نعني بذلك انه يتم وضع توصية بعقد حلقات حوار بين قوى المجتمع كل اربع سنوات مثلا يتم التحضير لها جيدا لتخطو بالبحرين خطوات تتقدم بها على المسيرة الديمقراطية. هذا يجنب البلاد اضرارا كبيرة ويضمن تطورا سياسيا سلسا يواكب متطلبات التنمية.
فيما يتعلق بالتنمية يتوقع المجتمع في المرحلة القادمة ان تدار التنمية وسياساتها لصالح المواطن. لخص هذه التوقعات رئيس الغرفة التجارية بتطلعه إلى «توحيد القرار الحكومي للدفع نحو تطوير الحركة الاقتصادية واعادة الحياة لمشروع التنمية الاقتصادية وتقوية التواصل بين اجهزة الدولة المعنية بالتنمية والاقتصاد والتنسيق نحو ايجاد استراتيجية واضحة وواعية ومتكاملة قابلة للتكيف مع المتغيرات المحلية والخارجية». لذلك فإننا نضم صوتنا إلى رئيس الغرفة في المطالبة بنظرة شمولية للوضع العام في البحرين تتناول جميع جوانبه الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية في رؤية شاملة تكميلية لرؤية 2030 على ان يساهم في وضعها المجتمع بأسره.
التحدي الذي سوف يواجهه سموه والعاملون في الملف الاقتصادي هو الوضع الاقتصادي العالمي المرتبك والمتذبذب. والتحدي الآخر هو واقع التحولات في مستقبل النفط الخليجي. تشير الدلائل على وجود خيارات وبدائل له، قد تكون قريبة مثل النفط الصخري المرشح بتغيير السياسات الاقتصادية في الخليج. فمثلا يقول وزير النفط الاماراتي «ان دول الاوبك عليها ان تحمي نفسها من هذه التطورات». هذه التحذير وغيره يجعل دول الخليج على مفترق طرق من حيث ايجاد فرص عمل لشبابها الذي يشكل اكثر من نصف المجتمع. لذلك نرى ان سمو ولي العهد يواجه مهمة صعبة اساسها تحويل الاقتصاد البحريني إلى اقتصاد انتاجي قادر على خلق فرص عمل مجزية وقادر على الصمود في وجه المنافسة الخليجية والعالمية؟ فما هي المعادلة؟
عناصر هذه المعادلة لابد ان تستند إلى: اولا استقرار محلي قائم على العدالة والمساواة والحرية، وعلى البعد الخليجي المتجه نحو التكامل الاقتصادي. ثانيا تغيير في المفاهيم الاستثمارية والتنموية السائدة والتي تنطلق من فرضية ان القطاع الخاص هو المحرك للاقتصاد. فمثلا يتبنى كل من تمكين وبنك التنمية ومجلس التنمية الاقتصادية هذه الفرضية. ونحن اليوم نناشد سمو ولي العهد في الانطلاقة الجديدة ان يعيد النظر في هذه الفرضية التي اثبتت الايام انها غير مسندة.
أي أننا نتوقع من سمو ولي العهد ان ينظر إلى امرين الاول هو ان النفط لم يعد الخيار الاوحد وان السياسات الاقتصادية التي تقوم عليه لا بد وان تتغير والثاني ان القطاع الخاص ليس بمقدوره القيام بدور قيادي في الحركة الاقتصادية ويجب على الحكومة اخذ زمام المبادرة لخلق قاعدة اقتصادية انتاجية متينة وان يكون دور القطاع الخاص مساندا وليس قائدا لها.
هذا التوجه يتطلب تغيير العقلية المحافظة التي تنظر إلى التنمية على انها زيادة في نسبة العائد المادي في نهاية السنة. تتجلى هذه العقلية في ادارة صندوق الاجيال القادمة. فمثلا نشر الصندوق تقريرا مقتضبا عن ادائه في السنوات الخمس الماضية والتي تقول بان المبلغ الكلي وصل 283 مليون دينار (بعد خمس سنوات) وان المردود على رأس المال بلغ 13 مليون دينار اي بواقع 5%. قد نعذر الصندوق في تحوطه واعتماد سياسة محافظة لكن لا يمكن اعتبار ذلك ادخارا للاجيال القادمة. الادخار للاجيال القادمة هو في اقامة صناعات ومشاريع انتاجية تفتح آفاقا جديدة وتتيح فرصا لاقامة مؤسسات تكبر مع الزمن لتخلق ثروة مستقبلية تخلف النفط.
طريقة التفكير هذه التي تجلت في ادارة صندوق الاجيال القادمة وفي مجلس التنمية الاقتصادية وفي التعليم وغيرها لا تبني اقتصادا جديدا للمستقبل ولما بعد النفط. الاعتماد على القطاع الخاص لتخفيف الضغط على موارد الدولة وفرض ضرائب دخل للمساعدة في تقديم خدمات إلى المواطنين أو للضغط على الشركات لتوظيف الخليجيين، لن توفر حلا مستداما طويل الامد. الحل يجب ان يكون في تغيير مفاهيمي يغير التفكير في التنمية واعتبارها مسئولية الحكومة بالدرجة الاولى وهنا يأتي دور سمو ولي العهد في إحداث هذا التغيير في المفاهيم وسوف نتطرق إلى امثلة في مقال آخر، مع تمنياتنا لسموه بالتوفيق.
mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *