نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ثالوث حقوق الانسان والفساد والتنمية

تاريخ النشر : 11 ديسمبر  2010 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

حقوق الانسان والتنمية ومحافحة الفساد ثلاثة جوانب لعملة واحدة تطرق اليها سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد ومعالي وزير الداخلية خلال الاسبوع الماضي. في مناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان تحدث سمو رئيس الوزراء عن حقوق الانسان ونوه سموه عن مقترح البحرين بافتتاح مكتب حقوق الانسان ضمن الامانة العامة لمجلس التعاون. ويذكر سموه ان هدف هذا المكتب هو ابراز انجازات المجلس في مجال حقوق الانسان وقد يكون من واجباته رصد انتهاكات حقوق الانسان في مجلس التعاون ومن خلال هذا الرصد واصلاح مصادر الانتهاكات ستبرز الانجازات وقد عدد سموه هذه الحقوق في حرية التعبير والمساواة بين المواطنين وان ميثاق الامم المتحدة يؤكد على الحريات الاساسية التي تساوي بين جميع البشر الذين يولدون احرارا وينساوون في الحقوق والكرامة من دون تمييز. يربط سموه هذه الحقوق بالتنمية البشرية والارتقاء بمستوى المعيشة للمواطنين كما ربطها بدور المجتمع المدني والجمعيات الاهلية. من هذا الحديث تتضح العلاقة بين حقوق الانسان والتقدم في مسار الديمقراطية والتنمية البشرية من جهة والمشاركة في صنع القرار ودور المجتمع المدني في ترسيخ اسس دولة القانون ودولة المؤسسات من جهة ثانية. لذلك فان افساح المجال للمجتمع المدني للقيام بدوره يصب في تحقيق هذه الرؤية.

وتحدث مسو ولي العهد في اجتماع مجلس التنمية وبين ان “هدفنا هو تحقيق النمو الاقتصادي ورفع المستوى المعيشي للمواطن، واكد سموه على الجهات المعنية بالالتزام والتقييد بتنفيذ الشروط لاية مشاريع وفق ضوابط لا تسمح بالاختراق سواء تلك المتعلقة بالتصنيف العمراني للمناطق اون في تحديد نوع الاستخدام او تلك المشاريع المتعلقة بالبنى التحتية “. اي ان سموه يحذر من التجاوزات والفساد في استخدام الاراضي المخصصة للمشاريع او تغيير تصنيفها.

وفي نفس الاسبوع وبمناسبة احتفال البحرين باليوم العالمي لمكافحكة الفساد (9 ديسمبر الجاري) تحدث معالي وزير الداخلية عن مكافة الفساد معتبرا اياها “اكبر المعوقات التي تواجه التنمية الاقتصادي والاجتماعية والسياسية التي دعا اليها سمو ولي العهد كما اسلفنا. كما اضاف معالي  وزي الداخلية بان “الفساد يضعف الجهود المبذولة لتحقيق اهداف العدالة والنزاهة” والتي هي كذلك من ضروريات التنمية ونوه في حديثه الى الجهود المبذورة والتي شملت الانضمام الى المعاهدات الدولة واصدارها حزمة من القوانين والاجراءات التي تسهل تعاون الوزارة مع الجهات الرقابية. ير ان اهم ما جاء في تصريحه هو دعوته للمجتمع المدني بمكافة الفساد ” واعطائه دورا اساسيا في مكافحة الفساد بالتعاون مع وزارة الداخلية”. كما ربط معالية هذه الجهود وشروط نجاحها بمدى “تقدم الديمقراطية وتحقيق مبادئ العدالة والنزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص وصون المال العام”. 

هذا الادراك والاصرار من قياداتنا بالالتزام بمعايير النزاهة والشفافية وحقوق الانسان وتعزيز مبادئ الديمقراطية خدمة لجهود التنمية يعتبر ادراكا بان الاعتراف اولا بوجود فساد ثانيا بتاثيره السلبي على التنمية هو اول خطوات العلاج. كذلك يمثل ذلك ادراكا بان صيانة حقوق الانسان وحرية التعبير هي جزء من ادوات الاصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية. هذا يجعل طريقنا نحو تحقيق المزيد من الانجازات في مكافحة الفساد اكثر يسر شريطة ان نتفق على تعريف للفساد يناسب اوضاع اقتصادياتنا الخليجية المبنية على الثروة النفطية. 

التعريف الغربي للفساد ينطلق من الفصل بين الثروة والسلطة. فان مصدر الانفاق الحكومي لادارة مؤسسات الدولة هي الضرائب وان الثروة هي تحت سيطرة الشركات وبالتالي فان الفساد او الافساد عادة ما ينطلق من هذه الثروات متى ما توافرت البيئة المناسبة للفساد وضعفت النفوس واختلت معايير وضوابط الرقابة والمحاسبة. كما يعتمد التعريف الغربي على ان البيئة التي تسمح باستشراء الفساد هي البيئة التي تحجب المعلومات وتعتم على التعاملات وتمنح صلاحيات واسعة لافراد يمكنهم اعناء او افقار اشخاص وجماعات. يرتكز التعريف على قوانين تحاسب المفسدين من دون اعتبار لمواقعهم. هذه البيئة عادت ما ترفض تسليط الاضواء على مصادر الثروة وكيفية توزيعها حتى وان كان ذلك لاغراض وجيهة فانها في النهاية تستغل من قبل مقربين او متنفذين.

اما التعريف الذي يتناسب مع دول الخليج الذي لا يوجد فصل بين السلطة والثروة يجب ان يبدأ بتعريف المال العام الذي تديره الدولة ويحدد معايير شفافة لكيفية استغلاله في التنمية وعدالة توزيعه وصيانة المال العام فانها تحتاج الى ما تفضل به سمو رئيس الوزراء من تعزيز لحقوق الانسان وحرية التعبير، وادماج المجتمع المدني في عملية المراقبة كما اوردها معالي وزير الداخلية. فمن خلال حرية الرأي والتعبير يضع المجتمع اضواء كاشفة ومجسات تستشعر وترى الفساد بوضوح. ومن خلال الديمقراطية والمساءلة التي اكدت عليها قيادتنا يمكن للبرلمان والصحافة وغيرها من وسائل الرقابة ان يكشفوا عن الممارسات الخاطئة التي تحول المال العام الى مال خاص. حارمة بذلك جهود التنمية من الاستفادة منه، والمواطن من التمتع بثمرات التنمية متى ما تحققت.

لذلك فان الحديث عن الثالوث الهام وتناوله من قبل قياداتنا له دلالة كبيرة نامل ان يترجم الى ممارسات اكثر منعا للفساد واكثر تعزيزا لحقوق الانسان. وان اقصر وسيلة لذلك هي سن قوانين تسمح بتداول المعلومات وتسهل مهمة الفعاليات الوطنية والهيئات العاملة في حقوق الانسان ومكافحة الفساد. هدا من شأنه ان يساعد وزارة الداخلية والمجتمع من التخلص من البيئة المشجعة للفساد وتساهم في تحقيق رؤية سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *