نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

جودة التعليم ومناقشات مجلس النواب

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ١٣ نوفمبر ٢٠١٩ – 02:00

مقال الاسبوع – مستوى التعليم ومخرجاته لا يخدم التوجه نحو الاقتصاد المعرفي وفق تقارير هيئة جودة التعليم وعلى مدى عشر سنوات دون ان تستجيب الوزارة لمثل هذه التقارير بما يصلح الوضع والسؤال اين هي سياسة التعليم التي يبحث فيها مجلس النواب، الغالب بانها غير موجودة ولم نرى لها اثر.

أي أنه على مدى عشرة أعوام تبين تقارير الهيئة أن مستوى التعليم لا يلبي مستويات التعليم التي يطالب بها المجتمع لأبنائه ولا يرقي إلى تلبية طموح خطة التنمية والتحول نحو اقتصاد المعرفة. وتبين تقارير الهيئة أنه لا يوجد قصور في التقييم وإنما هناك قصور في الاستجابة لتطوير التعليم الفعلي الذي يهيئ الطلبة للمستقبل ولمجتمع المعرفة. وتبقى المشكلة في كيفية التعاطي مع التقارير والنقد البناء المستند إلى أدلة وأرقام

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1190041

تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى التحول نحو اقتصاد المعرفة وبناء مجتمع المعرفة. غير أن هذا المسعى يواجه صعوبات كثيرة أهمها قدرتها على إصلاح منظومة التعليم لكي تسهم أولا في إنتاج المعرفة وثانيا في استخدام المعرفة في الإنتاج، وليس فقط استخدام ما تنتجه معارف الآخرين. 

تُحدد أدبيات التحول المعرفي خمس أسس لنجاح التحول نحو الاقتصاد المعرفي وبناء مجتمع المعرفة وهي: 1- مناخ متسع من الحرية وحرية التعبير، 2- نوعية جيدة من التعليم على جميع المستويات، 3- اعتماد البحث العلمي والإيمان العميق به، 4- صناعات منتجة تعتمد على المعرفة، 5- تكريس ثقافة التعلم والابتكار. هذا يعني أن التحول نحو اقتصاد المعرفة ليس عمل وزارة أو هيئة وإنما هو مشروع وطني يضع سياسة تعليمية وسياسة صناعية وسياسة تنمية اجتماعية وحقوقية وإصلاحات ديمقراطية تتوافق مع هذه الأسس. 

غير أن التعليم يعد من أهم هذه الأسس ويضع البنك الدولي ثلاثة متطلبات لسياسة التعليم وأهداف تنموية وهي: 1- خلق رأس مال بشري قادر على المنافسة العالمية، 2- تكريس التماسك المجتمعي، 3- تقوية العوامل التي تسعى إلى رفاهية المجتمع (well-being). بالإضافة إلى ذلك فإن أدبيات التنمية تتوقع من التعليم أن يرتقي لينمي مهارات مطلوبة لهذا التحول وضرورية للمنافسة في القرن الواحد والعشرين وهي مهارات التفكير النقدي والتحليل والتعلم مدى الحياة ومساءلة كل المسلمات وإثباتها أو نفيها. 

والآن نتساءل أولا: ما طبيعة السياسة التعليمية المتبعة؟ وما نتائجها ومؤشرات نجاحها؟ ثانيا: ما السياسة التعليمية الوطنية التي سيكون بمقدورها الإسهام في خلق مثل هذا المناخ وتوفير التعليم الجيد ونشر ثقافة التعلم والابتكار؟!

في جلسته في 5 نوفمبر ناقش مجلس النواب سياسة التعليم في البحرين بحضور سعادة وزير التربية والتعليم وممثلو الوزارة. طلب المناقشة حدد خمسة محاور تناول الأول منها «حالات النقص في الكادر التدريسي في بعض المدارس ما أدى إلى ارتفاع نصاب الحصص للمعلمين والذي أثر بشكل كبير على مستوى التدريس»، تناول المحور الثاني «مراجعة مناهج التعليم من حيث مواكبتها للتطور، واستخدامها أحدث الوسائل والتقنيات في هذا الجانب»، وتناول المحور الثالث «مسألة إغلاق عدد من المدارس وتوزيع طلبتها على المدارس الأخرى ما أدى إلى الازدحام والتكدس في الصفوف»، وبين المحور الرابع «الحاجة إلى مراجعة المعايير المتعلقة باستحقاق البعثات والمنح الدراسية المحلية والخارجية». أما المحور الخامس والأخير فقد تناول وضع ضوابط صارمة للقضاء على الشهادات المزورة». انتهت المناقشة بالاتفاق على رفع توصيات إلى وزارة التربية لتطوير التعليم.

هذه محاور مهمة وأساسية وما طرح في مجلس النواب يبيِّن نواحي كثيرة، ونضيف إليها ضرورة الالتزام بتغيير التعليم ليس فقط في المناهج ولكن بمراجعة شاملة لجميع جوانب منظومة التعليم بحيث تمتلك مخرجاته مهارات وثقافة القرن الواحد والعشرين وبما يلبي طموح الطلبة وأولياء الأمور، ويهيئ رأس مال بشري قادر على المنافسة العالمية. لذلك نرى أن يستفيد المجلس من تقارير هيئة جودة التعليم التي عملت منذ 2009 على إصدار تقارير تبين فيها أوجه القصور في منظومة التعليم، وعدم مواكبتها لمتطلبات جودة التعليم وبناء مهارات المستقبل.

فمثلا أدرك التقرير أهمية المهارات الأساسية للقرن الواحد والعشرين فأوضح في عام 2009 أن «هناك حاجة للتخطيط لاكتساب المهارات الأساسية بشكل أفضل». ويواصل التقرير «بالحاجة إلى الإبداع في عمليتي التعليم والتعلم نظرا إلى أهميتهما الضرورية في إعداد الطلبة وإكسابهم القدرة على التفكير المستقل وحل المشكلات». 

وعاودت الهيئة ملاحظاتها في 2010 حول نفس قضية الإعداد للمستقبل بقولها «افتقار الطلبة إلى مهارات التفكير التحليلي ضمن جوانب الضعف الأكثر شيوعا في المدارس – أكثر من ثلث المدارس غير ملائم في هذا المهارة». 

وفي 2014 تقول الهيئة إنه «في الامتحانات الوطنية كان الأداء في 2014 أقل من 2013 وخصوصا في الرياضيات للصف التاسع (الإعدادي) واللغة الإنجليزية للصف السادس والصف الثالث في اللغة العربية» وأن أعداد المدارس الحاصلة على تقدير «غير ملائم» في ارتفاع. وأن السبب في ذلك يعود إلى اتباع استراتيجيات غير فعالة في التعليم والتعلم». 

تؤكد الهيئة في 2015 أن الوزارة لم تعالج القصور في تعليم المهارات الأساسية التي بينتها في 2009. أي قبل ست سنوات. ما حدا بالهيئة إلى القول بنقص «التفاعل مع توصيات المراجعة»، وخصوصا أنه ولأول مرة تصل نسبة المدارس الحاصلة على تقدير «غير ملائم» إلى ثلث المدارس. وهذه نسبة مقلقة تدل على وجود تحديات كبيرة تواجه هذه المدارس في النهوض بالأداء وفي التعامل مع التوصيات.

وفي آخر تقرير 2018 تقول الهيئة إن هناك ضعفا في تقديم دعم أكاديمي فاعل للطلبة وخاصة فيما يتعلق بتنمية المهارات الأساسية وضعف الهيئة التعليمية وعدم قدرة بعض المدارس في التعامل مع التحديات المتعلقة بوعي الطلبة وسلوكهم وبهيكلة وتنظيم المراحل الدراسية والصفوف ومناسبة البيئة المدرسية وصلاحية مرافقها «وتلخص ملاحظاتها في أن المستوى» يتواصل انخفاض أداء الطلبة في مجال الإنجاز الأكاديمي وكذلك في مجال التعليم والتعلم ومجال التطور الشخصي. وتعاود الهيئة الحديث عن نقص الفاعلية في التعامل مع توصيات المراجعة، وأن هذا يتطلب تدخلا فوريا من الجهات المعنية لرفع مستوى الأداء. 

ومع ذلك فإن استمرار أداء غير ملائم ارتفع من 21% في 2011 إلى 23% في 2014 إلى 32% في 2018. وبالتالي يمكن اعتبار ذلك ظاهرة تتطلب وقفة مراجعة جادة بدلا من تقديم دعم مؤقت للمدارس التي ستخضع لتقييم الهيئة.

أي أنه على مدى عشرة أعوام تبين تقارير الهيئة أن مستوى التعليم لا يلبي مستويات التعليم التي يطالب بها المجتمع لأبنائه ولا يرقي إلى تلبية طموح خطة التنمية والتحول نحو اقتصاد المعرفة. وتبين تقارير الهيئة أنه لا يوجد قصور في التقييم وإنما هناك قصور في الاستجابة لتطوير التعليم الفعلي الذي يهيئ الطلبة للمستقبل ولمجتمع المعرفة. وتبقى المشكلة في كيفية التعاطي مع التقارير والنقد البناء المستند إلى أدلة وأرقام.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *