نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. خطاب جلالة الملك – انظلاقة جديدة في المشروع للاصلاحي

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تاريخ النشر 21 اكتوبر 2007 

عبرت الكلمة التي تفضل بها جلالة الملك عن آمال المواطنين وتطلعاتهم وكان لوجود جلالته في هذه المناسبة وقع كبير ومؤثر في نفوس المواطنين الذين استبشروا خيرا بحضوره وحضور جميع ممثلي الشعب. ومن خلال ما يدور في المجالس وما يتناقله عامة الناس يستشعر الانسان الحب والولاء الذي يضعه المواطنون في قائدهم واهم ما اثر في النفوس بعد الاطمئنان على صحة جلالته هو تركيزه على تطوير الحياة الديموقراطية في البحرين والتاكيد على أهميتها وأهمية حرية الصحافة في معالجة القضايا الهامة التي لم يغفل أي منها في خطابه.

من أهم القضايا التي وردت في الخطاب اولا قضية الوحدة الوطنية، ثانيا التنمية الاقتصادية، وثالثا  الامن القومي حين تحدث عن انتشار الاسلحة النوية، وبين جلالته مدى علاقة هذه القضايا وتاثيرها على بعضها البعض. كما ربط جلالته هذه العناصر بثلاثة آليات اساسية ومؤثرة هي حرية الصحافة ومواكبة التقدم العلمي والعمل ضمن المنظومة الخليجية. 

وفي اعتقادي ان هذه تعتبر بحق انطلاقة جديدة في طريق الاصلاح الذي قطعنا فيه شوطا كبيرا. وهذه الانطلاقة تضع جميع الاطراف في مواجهة مع مسئوليتهم نحو تحقيق الهدف الذي حدده جلالته وهي الحياة الكريمة للشعب البحريني. وصور الحياة الكريمة في عدد من النقاط وهي مجتمع متأخي، ورفع معدلات الانتاج من خلال اقتصاد حر يعتمد على الاستثمار المحلي والخارجي في استغلال المعرفة وتكنولوجيا العصر، والامن والاستقرار المحلي وربطه بالاستقرار الخليجي والعربي. وبذلك تكتمل رؤية مستقبلية تحدد معالم العمل للمعنيون في جميع المجالات وبداية لتخطيط استراتيجي لتحقيقها.

ان المعنيين بتحقيق هذه الرؤية هم اولا الحكومة واسلوبها في معالجة القضايا الهامة والمتعلقة بالتنمية مثل التعليم والصحة والاسكان وقوانين محاربة الفساد والتدقيق وفي محاولتها لخلق مناخ استثماري صحي والابتعاد عن الاستثمار في المشاريع البراقة والتي لايستفيد منها المواطن. وثانيا المجلس الوطني بشقيه في سن القوانين التي تعزز القدرة الانتاجية وتهيئ المناخ لاحلال العدل والمساواة وحرية الكلمة والتعبير والتجمع والابتعاد عن الامور الصغيرة التي تضيع وقت البرلمان، وثالثا المجتمع المدني وقدرته على المشاركة الفعالة في صياغة المجتمع وتشكيل تكتلات الضغط اللازم لتسريع عملية التنمية والتقدم، ورابعا الدولة في زرع ثقافة الوحدة الوطنية ونشر العدالة والمساواة وتسريع وتيرة الاصلاح السياسي. واخيرا المواطنون وكيفية تعاملهم مع هذه العناصر واهتمامهم بما يدور في الساحة ونبذ السلبية وتبني المشاركة السياسية في ما يطرح من قضايا وحوارات. ولا ننسى ان نذكر رجال الدين بدورهم في نبذ الطائفية وعدم تاجيجها والتخلي عن كل ما يثير المشاعر ويحرك النعرات وقبول الاخر كما هو وليس كما نريد له ان يكون. 

ان الهدف الذي نسعى اليه يجب ان تشارك فيه جميع الجهات التي ذكرناها ويجب ان ننطلق في معالجة القضايا التي حددها جلالته من الثوابت الوطنية الواردة في الميثاق الوطني والتي أجمع عليها المواطنون في أكثر من مناسبة وهي المواطنة الحقيقية والولاء للبحرين، وشرعية الحكم، وعروبة البحرين. واستنادا الى هذه الثوابت علينا ان نتحاور بشكل مفتوح لمعالجة القضايا التي ركز عليها جلالته. وينبغي ان يكون الحوار مستفيضا وصريحا ويطرح جميع التساؤلات وان يتسع صدرنا لسماع الحلول الخارجة عن المألوف لنصل الى تشخيص للمشاكل التي تعترض طريق التنمية المستدامة والرخاء والعيش الكريم. 

وهنا ياتي دور حرية الصحافة التي جعلها جلالته مفتاح التطور وضمان للديموقراطية. فبدون حرية لا يمكن معالجة أي من القضايات التي أثارها جلالته ولا يمكن للتشخيص النزيه ان يتم أو أن يصل الى الحلول الناجعة، ولا يمكن للتقدم ان يتم.

وقد كان الحاضر الغائب في خطاب جلالته قضية البحث العلمي التي ضمنها في  تاكيده وحرصه على “استيعاب علوم العصر” وربط ذلك بالتنمية والتقدم، ولسان حاله يقول ان العالم وصل الى عصر الفضاء ونحن نراوح. وهذا يُحَمل القائمين على التعليم مسئولية الاهتمام بالجامعات وتطوير قدرتها البحثية كما يحمل القائمين على التنمية وضع استراتيجية للبحث والتطوير في مجال الانتاج الصناعي يكون احد اهدافها رفع  مساهمة المعرفة والانتاج الصناعي في الناتج القومي ليكون بديلا للنفط. ويحمل المجتمع المدني مسئولية الدفع في هذا الاتجاه من خلال انشاء جمعية تعني بالبحث العلمي وتضغط في سبيل تطويره.

ما ركز عليه جلالته من انطلاقة يمكن ان يكون دعوة لاعتماد خطة استراتيجية تساهم فيها جميع اجهزة الدولة والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني وتنبثق من ثلاث قضايا اساسية هي الامن القومي والديموقراطية والتنمية وعلاقتها مع بعضها وتاثيرها على تحقيق الرخاء والعيش الكريم للمواطن.  والتعامل مع هذه القضايا لا يمكن ان يتم دون وجود صحافة حرة تسمح بماقشة شفافة وصريحة، وتتيح طرح الافكار والبدائل الخلاقة  دون خوف او وجل او مزايدة في الولاء وحب الوطن مادام الهدف هو المصلحة الوطنية وتحقيق رؤية جلالته في التقدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *