نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

دعوة لوضع استراتيجية وطنية للابتكار (2)

 تاريخ النشر :١٤ أغسطس ٢٠١٣ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي  

مقال الاسبوع- مؤشرات الابتكار في البحرين المتدنية المختفية في ثنايا تقرير الابتكار سببها غياب المساءلة وسوء ادارة الاقتصاد.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12927/article/42165.html

استكمالا لمقالنا السابق (اخبار الخليج 24 يوليو 2013) حول الابتكارومحاولات جمعية الابتكار البحرينية في وضع الاستراتيجية الوطنيةللابتكار خلصنا إلى ان مهمة وضع استرتيجية يتطلب تكامل جهودحكومية ومؤسسات كبيرة ومؤسسات المجتمع المدني المعنية. ونظرالتزامن ذلك مع تقرير الامم المتحدة حول الابتكار نرى انه من المفيدتسليط الضوء على بعض تفاصيل التقرير ومناقشة بعض المتطلباتالهامة للنهوض بالاقتصاد المحلي التي يمكن استخلاصها من هذاالتقرير.

يقول التقرير انه في الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم منذ 2008 كان السؤال الذي شغل الكثير من الدول هو: من أين سيأتي النموالمستقبلي للاقتصاد العالمي؟ هنا تتضح قيمة السياسات التي تشجعوتنمي الابتكار، فهو الذي يمثل مصدر النمو المستقبلي، ليسللاقتصادات المتقدمة فقط ولكن للاقتصادات الصاعدة والنامية. التحدي الذي واجه الدول هو اختيار القطاع والنشاط الاقتصاديالذي سوف يوفر اكبر مردود ممكن من النمو ومعالجة القضاياوالمعوقات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية التي تواجهها. 

برز من التقرير عدد من الدروس يمكن الاستفادة منها، أولها انانخفاض الانفاق والاستثمار في الابتكار والبحث العلمي اليوم يؤديإلى انخفاض ناتج الابتكار في المستقبل وبالتالي انخفاض في القدرةعلى الاستثمار المستقبلي. فالدول التي واصلت الاستثمار والبحثالعلمي في 2009 عندما ضربت الأزمة الاقتصادية هي التي تقطفثماره اليوم في 2012-2013 مثال على ذلك الصين والهند وماليزيا. 

غير ان الابتكار لا يمكن ان يختزل فقط في الاستثمار في البحثالعلمي. فالنموذج الذي يطرحه التقرير هو أكثر تعقيدا ويقدم صورةديناميكية للابتكار. فمثلا يتكون النموذج من عدة مؤشرات تنقسم إلىقسمين، الأول يشمل مؤشرات مدخلات الابتكار- العوامل المؤثرة فيتنمية الابتكار- والثاني يعنى بمؤشرات مخرجاته ؟ أي المردود اوالنتائج الاقتصادية من عملية الابتكار. تتكون مجموعة معايير مدخلاتالابتكار من خمس مؤشرات هي أولا وجود مؤسسات فاعلة ومؤثرة،ويشمل ذلك فاعلية المؤسسات الحكومية وحرية الإعلام وكفاءة التنظيموالحوكمة وحكم القانون والبيئة السياسية؛ ثانيا رأس المال البشريوالبحث العلمي ومنها التعليم والانفاق عليه كنسبة من الناتج القوميونصيب كل طالب من هذا الانفاق؛ ثالثا البنى التحتية في التقنيةوالاتصالات؛ رابعا مستوى تطور السوق وآلياته؛ وخامسا مستوىالخدمات المقدمة للأعمال. أما معايير مخرجات الابتكار فيتكون منمؤشرين هما أولا الناتج المعرفي والتقني من الأنشطة الاقتصادية؛وثانيا مستوى القيمة المضافة الابتكارية في هذا الناتج. 

في الجانب الآخر من المؤشر وبالتحديد فيما يتعلق بالمدخلات فاننتائجنا كانت أفضل. غير ان هذا التحسن انحصر فقط في المجالاتالتي ساهمت في تحسينها بعض البرامج مثل مركز المستثمر، وتنظيمسوق العمل، والخدمات الالكترونية المقدمة لقطاع الأعمال، وبرامجالتميز الذي طور أداء بعض الوزارات. فمثلا في بيئة العمل نجد انناحصلنا على المركز الأول في مؤشر تكلفة تسريح العمالة، والمركز 25 في مؤشر سهولة وسرعة حل المنازعات، المركز 37 في مؤشر جودةالأنظمة. في المقابل، وفيما يتعلق بإجراءات إنشاء المؤسسات لم تكنالنتيجة مريحة فقد كنا في المرتبة 97 بالرغم من وجود مركز للمستثمروالبوابة الالكترونية. كذلك فيما يتعلق بالمؤسسات فان هناك الكثيريحتاج إلى تطوير منها حرية الإعلام الذي كان مركزنا 134 والاستقرار السياسي حصلنا على المركز .103 

يظهر هذا النموذج ان المهم في العملية هي النتائج الاقتصادية أوالمخرجات التي تتحقق من الجهد المبذول متمثلة في القيمة المضافة منالأنشطة الاقتصادية، ونسبة القدرة الابتكارية في هذه الأنشطة. وفيهذين المؤشرين فان البحرين حققت مستوى متدنيا، فمثلا في إنتاجالمعرفة والتقنية كان ترتيبنا 72 بمعدل 26%، وفي المحتوى الابتكاريكان الترتيب 111 وبمعدل 29%. اما في المنتجات المصدرة والتيتحتوى على محتوى تقني فقد كان ترتيبنا 115، وهذه جميعها نتائجغير مرضية ويتطلب جهدا خاصا ومركزا لتغيير هذه النتائج. 

من المؤسف ان هناك جوانب كثيرة لم توفر البحرين معلومات يمكن منخلالها التعرف على مستوى الإنتاج الابتكاري. فمثلا لا توجد معلوماتحول انفاق كل مؤسسة أو شركة على البحث والتطوير. او نسبة ماتقوم به المؤسسات من أبحاث وتطوير مقارنة بالناتج القومي أومستوى استثمار المؤسسات في البحث والتطوير، ولا توجد بيانات عنمساهمة الاستثمار الخارجي في البحث والتطوير، ولا أي معلوماتعن إنتاجنا من البضائع عالية التقنية. 

هذه النتائج الأخيرة تشير إلى أمرين، الأول هو ان التركيز في برامجالدولة منصب على المدخلات وتحسين الخدمات باستخدام أموالالنفط، والأمر الآخر هو غياب لجهود البحث والتطوير التي هي أساسالابتكار وكذلك ضعف الأداء في التعليم في جوانب مثل نتائج الطالبفي القراءة والرياضيات والعلوم، ونسبة المدرسين إلى الطلبة، ونسبةالخريجين في الهندسة والعلوم، وعدد الباحثين، ومستوى الانفاق علىالبحث والتطوير.  

حاول التقرير ابراز طبيعة وآليات الابتكار كونها تساعد الحكوماتوالشركات على رفع قدرتها الابتكارية والاستفادة من نتائجهالاقتصادية والاجتماعية والسياسية. أي ان مؤشرات التقرير هذهتعطينا خطوطا عريضة لوضع عناصر استراتيجية الابتكار التيينبغي من جمعية الابتكار التوصية بها. فهذه المؤشرات تقدم نموذجاشبه جاهز يمكن الاستدلال به والعمل على تكييفه ليتناسب مع قدراتناوامكاناتنا وبيئتنا. 

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *