نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. دول الخليج ومؤشر الابتكار العالمي 2012

تاريخ النشر :٧ نوفمبر ٢٠١٢ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقالنا هذا الاسبوع: غياب الديمقراطية والمؤسسات السياسية تجعل دول الخليج تتراجع في مؤشر كفاءة الابتكار.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12647/article/58895.html

صدر مؤخرا تقرير يصنف دول العالم في «مؤشر الابتكار العالمي» وقد حصلت الدول العربية، والخليجية على وجه الخصوص، مراكز متقدمة في هذا المؤشر. جاءت كل من قطر والامارات ضمن الاربعين دولة الاكثر ابتكارا في المراكز 33 و37 على التوالي، بينما حصلت البحرين على مركز 41 وعمان 47 والسعودية .48 هذه المراكز المتقدمة توحي بدرجة عالية من الابتكار ولكنها تخفي وراءها ما يوجب التنبيه إليه. 

 مؤشر الابتكار هذا له اهمية بالغة على الامن القومي والاستقرار السياسي في المنطقة العربية ومنطقة الخليج على وجه الخصوص. تتضح هذه الاهمية من التقرير الصادر عن البنك الدولي الذي يقول بأن دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا -ومنها دول الخليج- تواجه «صعوبات حقيقية في خلق وظائف وتوفير بيئة مواتية لقوة عمل من الشباب في منطقة تعاني من اعلى معدلات البطالة بين الشباب في العالم». يمثل التعامل مع هذه الصعوبات اهم التحديات التي تواجه دولنا العربية. مازالت الدول العربية تعتمد على التوظيف في القطاع العام حتى تضخم واصبحت رواتبهم تساوي 10% من الناتج القومي وهي اعلى نسبة على مستوى العالم بحسب تقديرات البنك الدولي، كما توظف الحكومات ما بين 14 إلى 40% من اجمالي العمالة. اي ان الانفاق الحكومي هو اهم مصدر للوظائف، واصبح هذا التوظيف يعيق الاستثمار في القطاع الخاص. الوضع الطبيعي والمحفز للتنمية يحتاج إلى أن يكون النمو في القطاع الخاص هو اللاعب الرئيسي في خلق الوظائف، على ان يكون دور الحكومات هي الدخول كشريك في الصناعات الاستراتيجية وتوجيه الاستثمارات في مجالات الابتكار وخلق المعرفة لها.

 يقول السيد سوميترا دوتا، مدرس الأعمال والتكنولوجيا في المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال ومحرر تقرير مؤشر الابتكار العالمي، ان للابتكار دورا حاسما في دفع عجلة النمو وخاصة عندما يمر الاقتصاد بحالة التعافي». ويواصل بأن مؤشر الابتكار «أصبح أداة معيارية قيمة تشجع على الحوار بين القطاعين الخاص والعام، كما انه يمثل عاملا رئيسيا في خلق فرص عمل افضل واساس لتحقيق القدرات التنافسية للبلدان والصناعات والشركات». اما السيد فيرفاين، كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة الكاتل لوسنت، فيقول إن «العالم يواجه العديد من التحديات الاجتماعية الضخمة التي تتطلب اتخاذ خطوات شجاعة وإبداعية لمواجهتها. إننا نحتاج إلى بيئة يمكن فيها للابتكار المفتوح أن يزدهر وأن يدعمه التعاون الدينامي بين القطاع الخاص والحكومات والأوساط العلمية». اما الرئيس التنفيذي لشركة بوز اند كومبني فيقول «في العصر الصناعي، كانت البلدان تعتمد على الموارد الطبيعية في ميدان المنافسة، أما اليوم، فبإمكان أي بلد أن يتقدم بتوظيف دقيق ومركز لموارده في المهارات وأنشطة البحث والتطوير».

 بالنسبة إلى مدير مشروع التقرير دانييل بنافنت فيقول «ان الابتكار له اهمية كبيرة في تحقيق تنويع مصادر الدخل»، الذي تسعى اليه دول الخليج منذ الثمانينيات القرن الماضي. بالنسبة إلى دول الخليج فقد استثمرت في القوى البشرية والتعليم لكنها إلى الان لم تحقق فوائد هذه الاستثمارات ولا تمكنت من ترجمتها إلى براءات اختراع او انتاج معرفي او تكنولوجي او سلعي.

 يتضح من ذلك ان الابتكار يلعب دورا اساسيا في خلق تنويع مصادر الدخل الذي تتطلع إليه دول الخليج وكذلك يسهم في تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص والعام ويمكن الاقتصاد من خلق فرص عمل ويساعد على تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي، كما يسهم الابتكار في رفع القدرات التنافسية. كل هذه الخطوات يفتقر إليها عالمنا العربي والخليجي بشكل خاص وقد تحدثت عنها الحكومات في مناسبات عدة اخرها مؤتمر ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة حول «الصراع والتنافس في منطقة الخليج العربي». تتعذر الدول العربية بقلة الاستثمارات، فما هو عذر دول الخليج التي لديها جميع القدرات، وماذا يمنعها من التقدم في هذا الاتجاه والحصول على افضل المواقع في تحقيق نتائج من القدرات الابتكارية؟

 جزء من الجواب يكمن في تفاصيل المؤشر وفي طريقة قراءة المؤشر الذي يتكون من مؤشرين فرعيين، الاول بناء القدرات في الابتكار والثاني تحقيق النتائج العملية من الابتكار. ويتكون المؤشر الاول من خمس ركائز هي: 

 .1 المؤسسات: وتشمل البيئة السياسية والبيئة التشريعية وبيئة العمل. 

 .2 ورأس المال البشري والبحث: وتشمل التعليم والتعليم العالي والبحث والتطوير.

 .3 البنية التحتية تشمل المعرفة التقنية والبنى التحتية بشكل عام والاستدامة البيئية.

 .4 تطور السوق ويشمل توفر القروض والاستثمارات وسهولة التبادل التجاري.

 .5 تطور الأعمال، وجود العمالة المؤهلة والعلاقات الابتكارية بين المؤسسات الصناعية والجامعات، ومدى استيعاب المعرفة.

 أما المؤشر الفرعي الثاني المتعلق بنتائج الابتكار فيتألف من ركيزتين هما: 

 .1 النتائج العلمية والتقنية، وتشمل انتاج المعرفة وتأثير المعرفة وانتشار المعرفة.

 .2 النتائج الإبداعية، النتائج غير المحسوسة والسلع والخدمات الابداعية والابداع في استخدام الانترنت.

 حققت دول الخليج مراتب متقدمة في المؤشر الفرعي الاول المتعلق ببناء القدرات، لكنها تراجعت في المؤشر الفرعي الثاني المعلق بتحقيق نتائج من الابتكار، فمثلا حصلت البحرين على مركز 35 في المؤشر الفرعي الاول بينما تراجع مركزها إلى 60 في المؤشر الفرعي الثاني، وكذلك الحال بالنسبة إلى دول الخليج الاخرى. اما فيما يتعلق بكفاءة الابتكار فان المراكز تتراجع بشكل دراماتيكي وتحصل البحرين على موقع 125، وكذلك الحال بالنسبة إلى دول اخرى مثل السعودية تحصل على 127 والامارات .121 هذا يعني اننا في الخليج لا نملك القدرة على ترجمة القدرات الموجود إلى نتائج اقتصادية ملموسة تسهم في تحسين معيشة المواطن. الجواب الذي يطرحه العديد من المختصين يكمن في اصلاحات متعدة نتطرق إليها في مقال لاحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *