نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. رسالة مفتوحة إلى توني بلير مبعوث الرباعية للشرق الأوسط  

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تاريخ النشر24 اغسطس 2007

السيد الفاضل توني بلير المحترم. نرفع إليكم التهنئة القلبية لتعيينكم مبعوث الرباعية الدولية للشرق الاوسط ونتمنى لكم التوفيق في معالجة القضية الفلسطينية او المساهمة في تغيير نظرة العالم الى هذه القضية التي استعصت الى الآن على جميع المحاولات. 

واذا كان هناك من حل لهذه القضية فإن ارث العدالة البريطانية هو الذي سيسهم في ذلك، فقد عشت في بريطانيا ما يقارب العشر السنوات وعرفت عن قرب الحس العميق بالعدالة على المستوى الفردي (ْىىو مَم ُن يىكمالمشروع). الى اي حد تتمتع انت شخصيا بهذه الخصلة البريطانية العريقة فسوف تحتاج الى كل «اونس« منها للتعامل مع القضية الفلسطينية. نجاحكم في هذه المهمة سوف يعتمد على توجهاتكم في تناول الحل، فاذا تناولتم القضية على انها مشكلة سياسية وتحتاج الى حل سياسي فسيكون نصيبكم الفشل كما فشل غيركم. التناول السياسي الذي انتهجته امريكا وفرضته على العالم يخضع للمصلحة الوطنية ويكون جزءا من السياسة الخارجية الامريكية التي تسعى الى تأمين مصالح امريكا في العالم. وكما رأينا فإن هذه النظرة ادخلت امريكا في عدد من الحروب والعداوات في العالم وهي مازالت مصرة على معالجة القضايا من منطلق المصلحة الوطنية. ان مفهوم المصالح الوطنية وحده لم يعد ممكنا في عالم اليوم الذي اصبح قرية عالمية. هذا المفهوم كان ممكنا عندما كان العالم مكونا من دول صغيرة مستقلة (ُمْمىهَ فمحد تتم) تتقاتل من اجل السيطرة على الموارد والاسواق. ونتج عن هذه المسلك الكثير من الحروب التي لم تسلم اوروبا من ابشعها واشرسها. اما عالم اليوم فلا توجد دول مستقلة حتى امريكا نفسها ليست كاملة الاستقلال والسيادة فالكثير من قراراتها يخضع لاعتبارات دولية واقليمية وبالتالي فإن المصالح الوطنية لم تعد المعيار المناسب لادارة الصراعات في العالم. وعلينا ايجاد معيار آخر لمعالجة مناطق التوتر وخصوصا القضية الفلسطينية. فالمعيار السليم هو القانون والقدرة على تنفيذه. كما هو الحال في تنظيم العلاقة بين الناس وبين مختلف القوى في المجتمع الواحد. فتصور لو ان قاعدة المصلحة الوطنية تحكم العلاقة بين الناس في بريطانيا. عندها سيسود القوي ويتعدى على حقوق الغير من مفهوم مصلحته «الوطنية«. القضية الفلسطينية ليست قضية سياسية بل قانونية وصدرت فيها قرارات دولية وقانونية وبالتالي لا يمكن معالجتها من خلال المفاوضات بين القوي والضعيف، هذا غير ممكن في اي مجتمع، ولهذا وجد القانون. ففي اي مجتمع متحضر تذهب الاطراف المتخاصمة الى المحاكم، والمحكمة تصدر الحكم وتأمر بالتنفيذ وينتهي الامر. وهكذا الحال في جميع القضايا القانونية ومنها القضية الفلسطينية التي لا يمكن معالجتها الا من خلال هذا المنطلق. فهناك قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن (المحكمة اصدرت الحكم) ويجب على المجتمع الدولي ان ينفذ حكم المحكمة وينتهي الامر كما انتهى عندما قرر المجتمع الدولي تنفيذ قرار مجلس الأمن ضد العراق في غزو الكويت. اما اذا مازلتم مصرين على التعامل مع القضية من واقع كونها قضية سياسية تخضع للمصالح الوطنية الامريكية والاسرائيلية والبريطانية فلن تجد من يدافع عن مصالح الطرف الفلسطيني وسيكون مصيركم الفشل كما كان مصير المحاولات السابقة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *