نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

ضايا وفرص وتحديات – لم ينشر

اجتاح العالم فيروز الكورونا فاحدث هلع وخوف واخضع كثير من الدول والمؤسسات والمنظمات الى الاختبار الفعلي ابرز فيها كثير من جوانب القوة وبعض جوان الضعف ومدى قدرتها على مواجهة الكوارث والاحداث الجسام، وعلمتنا الى حد الان هذه التجربة ان صح التعبير عن نقاط القوة ونقاط الضعف ليس في المنظومات الادارية ولكن في المنظومات بشكل عام. نحن في البحرين ولله الحمد استطعنا ان نسيطر على سرعة انتشار الفيروز لعدة اسباب اهمها الشفافية والانفتاح في ادارة العملية وتوفر المعلومات للناس عن اخر التطورات. وكان للحكومة ووزارة الصحة الدور الاكبر في ترسيخ هذه الشفافية وكسب ثقة الناس.

برزت خلال هذه المرحلة عدد من القضايا اولها اهمية توفر المعلومات وسرعة انتشارها وتداولها. وفرت اللجنة معلومات حول الحالة منح المنظومة قدرة على الاستجابة للمخاطر. فسواء كانت هذه المنظومة صحية او تعليمية او اجتماعية او سياسية فان الحاجة للمعلومات والشفافية تقوي من قدرة المنظومة على الاستجابة والتصحيح. تزداد قدرة المنظومة على التصحيح الذاتي مع حرية انتقال المعلومة ومع دقة وصدقية المعلومة، وما ينتج عنها من ثقة. وخصوصا عندما نتحدث عن منظومات انسانية تكون المتغيرات فيها كبيرة والاهداف متشعبة والتطلعات متنوعة فان توفير المعلومة الصحيحة والصادقة يخلق بيئة شفافة ومؤاتية للاصلاح. اما الدول التي اختارت وتختار الغموض وعدم الافصاح عن المعومات ايا كان المجال فانها لن تتمكن من تحقيق نجاحات او اصلاح حقيقي في منظوماتها المخلتفة.

القضية الثانية تفاوتت الاجهزة الحكومية والاهلية في الاستعداد وقد برز هذا التفاوت في التعليم. فقد تمكنت المدارس الخاصة من التواصل مع طلابها وتعويضهم بدروس الكترونية (تعليم عن بعد). يدرس الطالب ما لا يقل عن ثلاث ساعات يوميا ويتفاعل مع المدرسين ويحل الواجبات. للاسف لم تُظهر مدارس وزارة التربية والتعليم نفس الاستعداد ونفس القدرة في مجال التعليم عن بعد بالرغم من انها كانت سابقة في انشاء مدارس المستقبل منذ 2005 وصرفت عليها بسخاء وتم الاعلان عن منجزاتها في مناسبات عديدة. فما هي المشكلة ولماذا لم تتمكن الوزارة من تفعيل هذه الخدمة؟

في نفس الوقت نجد ان جامعة البحرين تمكنت من تحقيق نظام التعلم عن بعد واستفاد طلبة الجامعة في هذه الفترة من الخدمة. بدأ برنامج الجامعة بعد سنة واحدة من بدأ مدارس المستقبل في 2006 ، لكنه يعمل الان والطلبة مستفيدين من خدماته بينما لم تتمكن وزارة التربية من الاستفادة من مدارس المستقبل في هذه الفترة. مع اشتداد الازمة بدأت الوزارة في وضع انظمة تعليم عن بعد وتقول بانها تمكنت من اتمام العمل في بعض المدارس، هذا لا يعفي الوزارة من المسئولية. خلال 15 سنة والوزارة تقول بانها انجزت الكثير في مدارس المستقبل ونكتشف الان انها غير تاخرت في التواصل مع طلابها في حين ان المدارس الخاصة حققت ذلك بموارد وامكانيات اقل بكثير.

طمأن وزير التربية المواطنين امام مجلس النواب حين وجه تساءل احد النواب عن مدارس المستقبل الذي كان من المفترض ان يربط منظومة التعليم، وقالت الوزارة انها دربت مئات من المعلمين لتغطية احتياجات مدارس المستقبل. وهناك كتب الالكترونية وموقع لمشروع مدارس المستبقل. لا نجد تاثير لكل هذا. بعض النواب اقترحوا ايقاف التعليم واعتماد نتائج الفصل الاول نظرا الى عدم استعداد وزارة التربية وعدم جاهزيتها لتطبيق التعلم عن بعد. وان مثل هذا التعليم يحتاج الى اعداد مسبق وتاهيل كل الاطراف وهذا ما لم يتحقق. ملاحظة النواب في مكانها ولكن هل الحل هو الغاء فصل دراسي كامل؟ وكيف ستكون نتائجه على الطلبة في العام الدراسي القادم؟ هناك من اقترح تخصيص محطة تلفزيونية تبث دروس الطلبة، او محطات يوتيوب. او تفعيل بوابة التعليم الالكتروني. لكن السؤال اين هي مدارس المستقبل؟ ولماذا لا تعمل الان؟ هذا يحتاج الى لجنة تحقيق برلمانية تبين جوانب القصور وتقويمه. التعليم اهم عنصر في منظومة الاصلاح والتنمية والتقدم ويجب الاهتمام.

القضية الثالثة التي برزت في هذه الفترة هي بروز تعصب طائفي في المجتمع. المرض ليس له علاقة بالدين او القومية او المكانة الاجتماعية ولا يعرف الفوارق الشخصية، كما ان الشعوب لا تتحمل مسئولية تصرفات حكوماتهم الايديولوجية المتعصبة ايا كانت قاعدتهم الفكرية او العقائدية، فالتكتم هو ظاهرة ملازمة للانظمة الشمولية والسلطوية.

اثبتت التجربة اننا مازلنا نفتقر الى فهم صحيح للدين وخصوصا المتعلق بحرية الانسان في اختيار عقيدته.  كان بودنا ان يتراجع التعصب لما له من تاثير سيء على المجتمع وعلى اللحمة الوطنية وعلى مسيرة الاصلاح وحتى على الدين نفسه. هذه التجربة تستوجب منا عدم التهاون في فهم ودراسته اسباب التعصب الديني ورفض المختلف والاقرار بان لدينا مشكلة تخبو وتتلاشى ولكنها موجودة وسرعان ما تبرز على السطح في شكل اتهامات متبادلة في الدين والعقيدة والمذهب. هذه قضية تحتاج الى علاج جذري يدخل في صلب اصلاح وتنقيح التراث الديني والسياسي والثقافي والاجتماعي والتخلص من تاثير الارث السياسي والاجتماعي على الدين. لا ينبغي ان نلقي اللوم على اي جهة بعينها سواء كانت داخلية او خارجية بل من مصلحتنا البحث في معالجة القضية من جميع جوانبها.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *