نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. عوة الجمعيات السنية للوحدة .. لماذا؟

تاريخ النشر :7 نوفمبر  2009

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

اثارت دعوة النائب الشيخ جاسم السعيدي حول توحيد الجمعيات السنية الى الاتحاد ردورد فعل مختلفة معظمها رافضة لتقسيم المجتمع وتازيمه اكثر مما هو متازم. فقد اوحى ما نشر في الصحافة بان الغرض من الدعوة هو منع الطرف الثاني من الاستحواذ على النفوذ في البرلمان والانفراد بالمطالبات بالحقوق في حين ان الشارع السني يخسر الكثير ويعاني من التهميش والتجاهل.

هذه الدعوة اثارت العديد من المواطنين والجهات الرسمية، فقد تصدت لها وزارة العدل ورأت انها دعوة تدخل في سياق التمزق الوطني. للاسف فقد نجحت الجمعيات السياسية الدينية في تأجيج الشارع مما اوصل الامر الى مواجهة بين الطلبة في مدرسة الصناعة في المحرق. هذا التأجيج وما قد يترتب عليه من عنف في المستقبل هو مسئولية العقلاء من الطرفين لاخماد الفتنة وحرمان المروجين لها من جني ثمارها. والسؤوال هو ماتاثير مثل هذا التجمع على المناخ العام من التاجيج الطائفي؟ وكيف علينا التعامل مع الواقع الذي اوجده؟

يطرح السؤوال الاستاذ احمد زمان على السعيدي فيقول”إذا كانت دعوتك يا (بو أحمد) من أجل أن يكون هناك صوت معارض مسموع للجمعيات السياسية السنية بدلا من هذا الخنوع والتبعية التي تعيش فيها، فسر على بركة الله، أما إذا كانت دعوتك من أجل مزيد من الاصطفاف الطائفي والتخندق حول الطائفة، فنحن نرفض هذه الدعوة جملة وتفصيلا، لأنها ستعمق الهوة بين الطائفتين الكريمتين، وهذا ما لا نقبله ونرضاه”. (البلاد 1 نوفمبر 2009)

نطرح من جانبنا سؤالا اخر: ماهي المشكلة التي يحاول الشيخ السعيدي معالجتها؟ هل هي فعلا المطالبة بحقوق المواطنين من اسكان وتعليم وصحة وفرص عمل وتنمية، ام انها مواجهة الطرف الاخر ومنعه من الاستفراد بهذه المميزات كما يراها الشيخ؟ اذا كان الهدف المطالبة بالحقوق، فالاجدى المطالبة المشتركة على مستوى وطني، ولتكن بقيادة مشايخ الدين السنة. حينها يُصنَّف المجتمع وفق مصالح طبقاته من عمال وموظفين وتجار ومستثمرين وصناعيين ومتقاعدين، ولكل من هؤلاء مصالحه التي عليه ان يدافع عنها ويحميها بغض النظر عن كونه سني ام شيعي. في الدول المتقدمة تتشكل الاحزاب السياسية وفق هذا التقسيم، فهناك احزاب عمالية واحزاب تمثل مصالح رجال المال والاعمال وجمعيات تمثل مصالح المتقاعدين وغيره. فمصلحة العامل السني لا تختلف عن مصلحة العامل الشيعي، ومصلحة التاجر الشيعي لا تختلف عن مصلحة التاجر السني، ومصلحة الفقير السني لا تختلف عن الفقير الشيعي، والبطالة يعاني منها المواطن من الطائفتين.

ما طرحة الشيخ السعيدي سبق ان طرحاه الشيخ ناجي العربي والشيخ عبداللطيف المحمود (الوطن 7-8-2008). دون ان يكون موجها ضد طائفة اخرى كما يوحي الطرح الحالي. ودعوتهما كانت تلوم رجال الدين على تقاعسهم عن القيام بدورهم القيادي في خدمة الناس والمطالبة بحقوقهم. فيقول الشيخ ناجي “‬من الضروري ‬سد الفجوة التي ‬يعاني ‬منها أهل السنة والجماعة والتي ‬ترجع لسببين أحدهما ‬يتمثل في ‬العلماء وآخر في ‬عموم الناس … ‬فهناك من العلماء من تكالب على طلب الدنيا وحاول التزلف لأصحاب المناصب”. اما الشيخ المحمود فيقول ان “الخلل ‬يكمن في ‬العلماء والعامة. ‬ودور العلماء بينه الله تعال بقوله (‬فسألوا أهل الذكر). ‬إذ أمر الله العامة بالرجوع إلى أهل العلم الذين تقوى بهم الأمة فمتى كان العالم ضعيفاً ‬أثّر ذلك على الأمة”. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

وفي مناسبة اخرى دعى الشيخ السعيدي الى فكرة مشابهة لم تتسم بالايحاء الطائفي فيقول ”‬إن المواطنين ‬يلومون الحكومة دائماً ‬ويعتبرونها مقصرة في ‬تنفيذ مطالبهم المختلفة، ‬…في حين ان هناك فئة من الشعب صامتة وهي ‬التي ‬ارتضت التنازل عن حقوقها وعدم السعي ‬لتحقيقها” (الوطن 17-7-2008)‬‬‬‬‬‬‬‬‬

والسؤوال ماذا علينا فعله ومن المسئول عن نزع الفتيل؟ تقع المسؤولية على عدة جهات اولها السلطة التي سمحت للوضع ان يتازم الى هذا الحد. تقول الاستاذة سوسن الشاعر “هل النظام السياسي معني ‬فعلاً ‬بالتصدي ‬لهذه القسمة السياسية؟ أم أن تلك القسمة تخدمه بشكل من الأشكال؟ هل منح الترخيص الأول للوفاق كان خطأ استراتيجياً ‬أم كان خطوة مقصودة ومتعمدة من باب فرق تسد؟ (سوسن الشاعر الوطن 1 نوفمبر 2009). ثانيا المسئولية تقع على الجمعيات السياسية الغير دينية في ابتعادها عن الساحة وثالثا المواطن الذي ارتضى لعقله ان يستقيل. ‬‬‬‬

نتفق مع طرح المشايخ في ضرورة ان يكون للمشايخ من كلا الطرفين دور قيادي ولكن هل يستطيعون ان ينسوا الخلاف الازلي الذي مزق الامة منذ قرون ومايزال، والذي لن ينتهي ماوجد من يغذيه ويشعله. وهل تستطيع الجمعيات السياسية الدينية وبعض رجال الدين في المجلس النيابي ان يكونوا نوابا يعملون تحت لواء المواطنة بدل الانتماء المذهبي؟ ان دور الحكومة وتصرف النواب التصادمي اصاب المواطن بخيبة امل في توصيل النائب الذي يريد، وافقده القدرة على تنظيم نفسه للتأثير وكرس الشعور بالتهميش من جانب والمظلومية من جانب اخر فاصبح اتكاليا وغير مبال، فضاعت الكثير من الحقوق واصبح البر والبحر املاك خاصة وحُرم المواطن من كثير من حقوقه 

واستخدمت الموارد في زيادة الترف للبعض على حساب الاخر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *