نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

غرفة التجارة ومؤتمر رجال الأعمال والمستثمرين العرب

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠١٩ – 02:00

مقال الاسبوع- مؤتمر غرفة التجارة كان مناقشة للوضع الاقتصادي فيه الكثير من التفاؤل وكذلك بعض المخاوف وقد شارك فيه رجال اعمال ووزراء ومختصون وطرحت قضيا تحتاج الى معالجة جدية، تطرق المؤتمر الى اهمية تحسين مستوى المعيشة وخلق فرص عمل لكننا مازلنا نرى ان التوجه هو الانفتاح المتطرف وان الاعتماد على القطاع الخاص فقط لتحقيق هذه التطلعات ليس في محله، دور الدولة محصور جدا في التنظيم فقط.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1193360

أقامت غرفة تجارة وصناعة البحرين «مؤتمر رجال الأعمال والمستثمرين العرب» الثامن عشر بتاريخ 11 نوفمبر 2019 واستمر ثلاثة أيام وشارك فيه عدد من الوزراء وكبار رجال الأعمال العرب واختصاصيون من مختلف دول العالم. تستحق الغرفة الشكر والثناء على إقامة هذا المؤتمر وتسليط الضوء على الوضع الاقتصادي في المنطقة. ما أثرى المؤتمر كذلك هو وجود إدارة ممتازة للحوار رفعت مستوى التفاعل مع القضايا ومع الجمهور، وسلطت الضوء على ما قيل وعلى ما لم يُقل، وعلى ما صرح به المشاركون وما نوهوا عنه على استحياء. لا يمكن حصر ما ورد في المؤتمر في مقال ولكن يمكن أن نسلط الضوء على الخط العام وبعض الخلاصات.

الخط العام للمؤتمر هو أن المنطقة مقبلة على تحولات تفرضها عليها الثورة الصناعية الرابعة ومقتضيات الاقتصاد الرقمي وعليها أن تستعد لكي تتمكن من المنافسة التي تزداد شراسة وتواكب المتغيرات المتسارعة.

تحدث رئيس غرفة التجارة البحريني السيد سمير ناس ملخصا الحاجة للتحول وأن عدم الاستعداد ليس خيارا لأن الاقتصاد الرقمي سوف ينتج واقعا مختلفا تتغير فيه أساليب ممارسة الأعمال ويضع قواعد جديدة للسوق ولمجمل نواحي الحياة. ويتساءل «هل نظمنا السياسية والتجارية والتعليمية (والاقتصادية والاجتماعية) مستعدة أو قادرة على استيعاب كل التغيرات التي سيجلبها الاقتصاد الرقمي على صميم بنيتنا الاجتماعية والاقتصادية والإدارية». يدعو السيد ناس حكومات الدول الى أن تولي أهمية كبرى لإنشاء بنية تحتية تشريعية وتعليمية وتجارية وصناعية تُعين على مقتضيات التحول الرقمي وضروراته. كما يدعو رجال الأعمال لأخذ زمام المبادرة وعدم الاعتماد على الحكومات. قدم السيد ناس صورة إطارية لعمق التحول المطلوب وهو بذلك يرد على من يدعو إلى الحلول الجزئية والترقيعية بالقول إن عمق التغيير يتطلب النظرة والمقاربة الشمولية المنظومية للتحول. من متطلبات هذا التحول طرح جميع الأسئلة على طاولة النقاش وعدم التخاذل في المداولة والحوار في بحث كل القضايا بإخلاص وبصدق جاعلين غايتنا مصلحة الوطن والمواطن.

سوف نركز فيما تبقى من المقال على ما دار في اليوم الثالث حيث اشترك في حلقة حوارية كل من وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي ووزير التجارة والصناعة الكويتي السيد خالد الروضان والسيد زايد الزياني وزير الصناعة والتجارة والسياحة. بدأ الوزير السعودي مداخلته بالقول إن الجاهزية للاقتصاد الرقمي متعددة الجوانب. هناك الجاهزية في البنية التشريعية القانونية، فنحن نتعامل مع العالم وعلينا حماية حقوق كل من نتعامل معه من مستهلك وزبون ومُورد وتاجر ومواطن وزائر. 

المحور الثاني هو سلسلة الإمدادات التي أصبحت آلية وتصل من أنحاء العالم ولا بد أن نشترك في هذه السلسلة بالأدوات التي تستخدمها. ثالثا محور المعلومات التي أصبحت سوقا افتراضية كبيرة تنمو بخطوات متسارعة. رابعا محور البيئة التنافسية التي تحتاج إلى تطوير لكي نستهدف الاستثمارات من خلال بيئة جاذبة منفتحة. خامسا هناك مهارات المستقبل التي ستغير فرص العمل المتاحة، فكثير من المهن سوف تلغى وتحل الآلة محل الإنسان وأنشطة تجارية عديدة سوف تختفي. هذا التغيير سوف يقضي على 800 مليون وظيفة حول العالم. ويطرح الوزير السؤال: كيف نشجع الابتكار والإبداع والتقنية وكيف نقوم بمأسسة العمل الرقمي لكي نبقى في المنافسة؟

كان حديث الوزراء شيقا وممتعا وفي بعض جوانبه آيديولوجيا ويرتكز على مفهوم الليبرالية الحديثة التي ليست صالحة في كثير من جوانبها لدول نامية، وقد نتناول ذلك في مقال آخر. برز من حديث الوزراء عدد من الرسائل، الرسالة الأولى أن الوقت قد حان للقطاع الخاص لأخذ زمام المبادرة وعدم انتظار الحكومات لتوفير الدعم والحماية له. اختلفت الآراء حول السرعة في تحقيق ذلك والكيفية التي تتم بها ودور الحكومات في هذا التحول والأدوات الممكنة والمتوافرة لنا في دول مجلس التعاون.

الرسالة الثانية هي ان الاقتصاد يسير في اتجاه رقمي معرفي ويحدث هذا التحول بشكل متسارع لا يدع مجالا للتراجع أو التخاذل ولا يترك لنا خيارا سوى العمل على اللحاق. علينا أن ندرك أننا في مواقع متخلفة بالنسبة للعالم الذي سبقنا بحقب وليس سنوات، وكل لحظة تمر دون أن نعمل ونتغير تضيف إلى تخلفنا وتأخرنا عن العالم. ليس في بلد واحد فقط ولكننا جميعا كدول خليجية وكوطن عربي. 

الرسالة الثالثة هي أننا نتعرض للتنافسية العالمية التي تعتمد على المعرفة وعلى العلم وهذا يشكل تحديا كبيرا لنظمنا التعليمية والتدريبية والتأهيلية كما يفرض علينا إصلاحات كبيرة في منظوماتنا التشريعية والإدارية لتطوير بيئتنا الاستثمارية لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. 

الرسالة الرابعة أن هناك نواقص يجب التركيز عليها لنكسب الوقت، من هذه النواقص النظام التعليمي المناسب للمرحلة المقبلة. نظام تعليمي غير تقليدي، نظام تعليمي قادر على إنتاج المعرفة واستخدامها، نظام تعليمي يخلق جيلا واعيا ومتطورا يتعهد الطفل بغرز روح العصر فيه من معرفة وطريقة تفكير وتغيير عقلية الطالب وتمكينه بالقدرة على الإبداع والابتكار والتفكير النقدي، لا ننتظر إلى أن يتخرج الشاب لنطالبه بالإبداع والابتكار. يجب أن يكون قد تشربت فيه هذه الروح النقدية وروح المجازفة والمخاطرة والإنجاز والإقدام منذ الطفولة. علينا في تطوير نظام التعليم أن نخرج من نظام الكتاب المدرسي والمادة العلمية التلقينية إلى الإبداع والخلق والعمل في مجموعات وفرق بدل العمل الفردي. 

الرسالة الخامسة هي ان نجد طريقة في تحفيز الأجيال القادمة وان نربي فيهم الطموح والأمل. لا يوجد شيء يقتل التطور والطموح مثل اليأس والإحباط. الشباب اليائس والمحبط لا يستطيع أن يفكر ويبدع. وإذا أصبح اليأس هو السمة السائدة في المجتمع فلن تتمكن من تحفيزه. ومهما فعلت الدولة وغرفة التجارة أو القطاع الخاص ستبقى هناك غيمة على البلد وعلى المجتمع تجعل الإنسان يستسلم للشعور بفقدان الأمل والإحباط، ومن المستحيل البناء في مثل هذه البيئة. لا ينبغي أن ننظر إلى الخلف علينا أن ننظر بتفاؤل وان نهيئ أنفسنا للمرحلة القادمة. 

لكن ما لم يتطرق له الوزراء هو القيم التي يجب أن يتحلى بها الطفل والخريج والعامل والموظف والمسؤول والرئيس والقائد. ما هي هذه القيم وكيف يتم زرعها في الطالب وفي العامل، وما دور المجتمع في التأصيل لهذه القيم؟ وما هو دور الدولة والنظم السياسية في غرسها في الناشئة؟ 

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *