نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

احد مشاكل صندوق التقاعد هو ان فئة كبيرة عاطلة لا تساهم في الصندوق وبالتالي فنحن احوج الى قانون لمعالجة قضية البطالة.

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1123194

في أول يوم من أيام شهر رمضان الكريم حضرنا مجلسا رمضانيا، وكان الحديث عن معايير اختيار المرشح في الانتخابات النيابية المقبلة. لكن سرعان ما تحول الحديث وبقدر كبير من المشاعر وبقدر أكبر من الغضب إلى مناقشة عدم وجود ضوابط أو قانون لتوظيف البحريني. الشكاوى كانت تدور حول الابن الذي أصبح أطول من ابيه ومازال يعتمد على والده في مصروفه. هذا الوضع بالإضافة إلى كونه عاملا في احباط الابن وعدم استقراره النفسي والشعور بجرح لكرامته فهو أيضا هدر للطاقات الوطنية وخسارة كبيرة لنظام التقاعد الذي يخسر مساهمة الشباب العاطل. وهناك من بلغ سن الأربعين أو اقترب منها وهو عاطل فكيف سيعيش في شيخوخته وهو لم يسهم في نظام التقاعد مدة تجعل راتبه التقاعدي يكفي لمعيشته واستقلاله؟ وكيف سَيُقْدم مثل هذا الشاب على الزواج ومتى يمكنه تكوين اسرة مع كل ما يصاحب ذلك من مشاكل اجتماعية؟

مشكلة البطالة لا تنفصل عن مشكلة التقاعد، ووجود قانون للتقاعد يطرح السؤال: ماذا عمن لم يحصل على عمل ولم يسهم في صندوق التقاعد؟ وما هو القانون الذي ينظم العلاقة بين الفرد وواجب الدولة في تهيئة المواطن لسوق العمل (من تعليم وتدريب وبيئة مؤسسية ضامنة) وواجب الدولة في حماية حقه في فرص التوظيف وفي المساواة في التنافس على فرص العمل المتاحة؟ من المقترحات التي وردت من الحضور هو تخصيص بعض الوظائف للبحرينيين فقط كما هو الحال في بعض دول الخليج. ومن الانتقادات التي وردت ان بعض رجال الاعمال لا يثق في البحريني في وظيفة محاسب، والبعض لا يثق في البحريني في املاكه الخاصة ويفضل الأجنبي. إذن المشكلة ليست فقط قضية رواتب ولكنها كذلك النزعة للغموض والخصوصية الزائدة على مستوى رجال الاعمال وضعف الشفافية.

على هذه الخلفية ننظر إلى إعلان وزير شؤون مجلس الوزراء ان «اهم اهداف التنمية المستدامة هو تحقيق العمل اللائق للمواطن. وأن البحرين تولي أهمية كبيرة لتحقيق هذا الهدف». فما هي أوجه الاهتمام وكيف تتم ترجمتها؟ وهل هو اهتمام شخصي من الوزارات أم انه عمل مؤسسي ممنهج ومنسجم مع خطط ومشاريع التنمية؟ وهل مشاريع التنمية التي يتم الحديث عنها هي فعلا تخلق فرص عمل للبحريني أم في الغالب يستفيد منها الأجانب؟ فغالبيتها بنى تحتية انشائية وكذلك غالبية المشاريع الاستثمارية انشائية يستفيد منها الأجنبي أكثر من البحريني. فمثلا في مؤتمر بوابة الخليج يؤكد المسؤولون على أولوية الارتقاء المعيشي الحقيقي للمواطن من خلال الاستثمار، ونمو يحقق فرص عمل للمواطنين. غير ان مشكلة البطالة معقدة وأسبابها كثيرة وتحتاج إلى تناول متعدد الجوانب يشمل استثمارا وتشريعا لإعطاء أولوية للبحريني في وظائف معينة ويشمل كذلك -وهو الأهم- تعليما وتدريبا على مستوى عال  وسياسة صناعية وتنموية.

وفق المذكرة التي وقعت في فبراير 2017 لبدء مرحلة تعاون بين وزارة العمل وتمكين، فإن هذا يشير إلى ان الحكومة تعول على التعاون بين وزارة العمل وتمكين في خلق فرص العمل للشباب. المشاريع التي تقدمها وزارة العمل مثل دعم الأجور والحوافز للشركات وعلاوة التعطل قد تخفف من وطأة ضعف الأداء الاقتصادي في توفير فرص العمل، وتخفف الاحتقان لدى الشباب، لكنها لا تعالج فقدان الطاقة الشبابية المهدرة بسبب تعطل يستمر سنوات أو العمل في وظائف لا تتناسب مع القدرات. في الحالتين فإن ذلك يحبط الشباب ويقلص لديهم أحلامهم واندفاعهم الذي لازمهم طوال فترة الدراسة. الاعتقاد أن هذا التعاون (بين وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل) سوف يقود إلى زيادة «وتيرة تدفق الشواغر النوعية المناسبة للباحثين عن عمل» مهم ونأمل ان يتحقق لكن كان بودنا لو انه عُزِّز بجدول يبين الشواغر التي فتحت، وفي أي المجالات وما نوع المؤهلات المطلوبة وماهي البرامج لإعداد هذه الكوادر الوطنية. ونأمل ان يتم نشر تفاصل حول نسبة الشباب العاطل قبل خمس سنوات مثلا وما هي النتائج التي تحققت بفعل هذا التعاون المشترك وماهي الفرص التي فتحت فعليا؟

يقول معالي الوزير ان زيادة العمالة الوطنية خلال عام 2017 كانت اقل من واحد في المائة (0.8%)، في حين ان نمو الاقتصاد بحسب وزارة المالية كان 4 إلى 5% تقريبا. هذه الأرقام لا تتوافق مع مستويات النمو حتى مع الاخذ في الاعتبار زيادة المتقاعدين. فما فائدة النمو الذي لا يحقق زيادة في التوظيف تتناسب مع النمو ولا تفسر لماذا التوظيف لا يواكب مستويات النمو الاقتصادي؟ وكذلك نحتاج إلى البحث في قضية تكافؤ الفرص ليس فقط بين الجنسين ولكن بشكل عام. ومع ذلك فإن العاطلين من الشابات قد يكونون أكثر بكثير من الشباب. وفي غياب الأرقام والاحصائيات الموثوقة لا يمكن للمجتمع تقييم أي سياسة عمالية أو تنموية أو نتائج اقتصادية.

وختاما بودنا لو يُطرح للبحث نسب العمالة البحرينية في كل من الشركات العاملة في البحرين مقارنة بالقطاع العام ويتم تحليلها لمعرفة أسباب عزوف الشباب عن هذه الشركات أو امتناع الشركات نفسها عن توظيف البحرينيين، وهل هناك أسباب أخرى لم نتوصل إليها؟ في نهاية المطاف فإن اشتراك البحريني في سوق العمل مبكرا سوف يحسن من إيرادات صناديق التقاعد لكنه لن يجعل أداء القائمين على استثمار أموال التقاعد اكثر كفاءة، وهذه قضية أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *