نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. قراءة في الملتقى الحكومي 2017

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٠١ نوفمبر ٢٠١٧ – 01:30

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1095346

في يوم الاحد 22 أكتوبر انعقد ملتقى الحكومة الثاني ليوضح للمجتمع البحريني ويطمئنه على مستقبل البلد السياسي والاقتصادي ويؤكد ان المواطن هو هدف التنمية. شمل الملتقى ورش عمل تسعى إلى تقييم إنجازات الحكومة، وتمنينا لو ان مشاركة المجتمع في هذا الملتقى كانت اكبر ليساهم في عملية التقييم.

قدم سمو ولي العهد عرضا لهذا البرنامج شمل محاور برنامج عمل الحكومة (2015-2018). يتكون البرنامج من ستة محاور هي المحور السيادي، الاقتصادي والمالي، التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية، البنية التحتية، البيئة والتنمية الحضرية، الأداء الحكومي. نرى ان الاهم في عمل الحكومة هو أداؤها في ادارة الاقتصاد وقد جاء ذلك في المحور الثاني الذي يسعى إلى ترسيخ اقتصاد قوي ومتنوع ونظام مالي ونقدي مستقر. سوف نركز في هذا المقال على الشق المتعلق بالتنوع والاداء الاقتصادي.

بالنظر إلى العرض الذي قدمته الحكومة فيما يتعلق بتعزيز التنوع الاقتصادي وخلق فرص عمل مجزية للبحرينيين تبرز ثلاث قضايا رئيسية هي المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص، ثانيا زيادة كفاءة وانتاجية العمالة البحرينية وتشجيع الابتكار والابداع والريادة، وثالثا اختصاص اللجنة التنسيقية بمسؤولية التنمية الاقتصادية. والسؤال هنا كيف تعاملت الحكومة مع التنمية الاقتصادية وما تأثير ما قدمته من مبادرات على المواطن؟

أولا اتضح من طرح الحكومة ان هناك توجها لتعزيز الاستثمار الحكومي المشترك مع القطاع الخاص في المشاريع التنموية. هذه قضية تناولناها في العديد من المقالات كما فعل غيرنا، ونرى ان القطاع الخاص في وضعه الحالي غير مؤهل لقيادة الاقتصاد. فعلى مدى عقود لم يتمكن القطاع الخاص من ايجاد مشاريع انتاجية كبيرة قادرة على خلق فرص عمل نوعية. اليوم نجد ان الحكومة تتفق مع ذلك وتعمل على إعادة رسم دور القطاع العام ليكون «الشريك للقطاع الخاص»، والداعم للابداع والتفوق لتحفيز التنافسية والاستثمار في المواطن لرفع مستواه المعيشي، لذلك فإن الشراكة مع الحكومة ينبغي ان تتوجه نحو خلق قاعدة انتاجية وفق خريطة استثمارية مستحدثة تعكس هذه الرؤية والتطورات الجديدة في الاوضاع المالية في المنطقة.

النقطة الثانية: هي زيادة كفاءة وانتاجية العمالة البحرينية، في ضوء التركيز على اهمية المواطن كونه الثروة الحقيقية ورأس المال الفعلي، وتكرر ذلك في اكثر من خطاب، فإن وضع التعليم يحتاج إلى معالجة بشكل يؤدي إلى تحقيق تقدم في مواءمة المخرجات مع متطلبات سوق العمل ويحتاج إلى نبذ اسلوب التلقين. 

والاهم من كل ذلك هو ان سياسة التعليم المتبعة وطرق التدريس وسياسة الامتحانات مازالت لا تتواءم مع متطلبات الابتكار والابداع والريادة التي يقوم عليها برنامج الحكومة وترتكز عليها الرؤية، لذلك فإن الحديث عن المواطن وقدرته تتطلب الكثير من التغييرات في سياسات التعليم وفي سياسات ديوان الخدمة المدنية بحيث تعتمد تركيزا أكبر على الكفاءة والقدرات في التوظيف والتعيين والترقيات.

أما الابتكار والابداع والريادة فهي مرتبطة إلى حد كبير بالمناخ الانفتاحي المتوافر للمواطن ومقدرته على المشاركة.

وكما ان الابداع والابتكار مرتبط بإصلاح التعليم فهو كذلك يعتمد على المشاركة بين القطاع الخاص والعام في اقامة مشاريع انتاجية كبيرة تفتح المجال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لكي تزدهر، وبازدهارها يفتح المجال للابداع والابتكار والريادة. اي تكامل إصلاح التعليم والشراكة بين القطاع الخاص والعام وتعديل السياسات السكانية والخدمة المدنية فكل هذه العوامل مجتمعة ومتكاملة ومتعاضدة مهمة لتحقيق الابتكار والريادة. 

النقطة الثالثة: التي برزت من هذا المؤتمر هي ان اللجنة التنسيقية التي يرأسها سمو ولي العهد اصبحت هي الجهة المناط بها خلق وحدة متجانسة من عمل الوزارات بحيث تصبح هذه منظومة عمل مسؤولة عن نتائج عمل الحكومة ككل. هذا توضيح مهم وأساسي لأنه إلى الان لم تكن هناك جهة يمكن ان تتحمل مسؤولية نتائج العمل الجماعي، بل كانت الوزارات تعمل بشكل منفصل لا يحقق التناغم المطلوب والتماسك بين سياسات الحكومة المختلفة، فمثلا نجد ان السياسة السكانية لا تنسجم مع سياسة جودة التعليم والصحة ولا تنسجم مع امكانياتهما. ففي ادارة الاقتصاد لا يمكن ان تتحمل مسؤولية النتائج وزارة بعينها سواء كانت وزارة المالية أم مجلس التنمية الاقتصادية. فالتنمية هي عمل مشترك يعتمد على أداء التعليم والصحة وسوق العمل والبنى التحتية والعلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص، لذلك نرى ان هذه خطوة مهمة تضع العمل الحكومي على طريق التناغم والانسجام والتماسك.

غير ان الذي لم يبرز من العرض هو ما هي المعايير التي سيتم تقييم عمل هذا الجهاز بموجبه؟ هل هو النجاح في تنويع القاعدة الانتاجية ونجاح سياسات الضرائب التي تعمل على إعادة توزيع الثروة والايرادات، أم المحفزات التي سوف تضعها للاستثمار المحلي في الصناعة والانتاج، أم سوف يقتصر على النمو الاقتصادي؟ ومع انه من المبكر الحكم على نجاح سياسة التنويع، كان بودنا ان تتضح الصورة حول المعايير التي سوف يعتمدونها للتقييم. من المؤشرات الاهم التي نود ان تنشر في المستقبل بشكل دوري هي مستوى دخل الفرد مقاسا بالتغيير في دخل الطبقة المحدودة، وهل يزداد دخل هذه الطبقة أم انها تكبر وتتسع ويتراجع مستوى معيشتها؟ كذلك نود ان نرى فرص العمل التي تخلق للبحرينيين يعبر عنها بنسبة العاطلين من الشباب على ان تكون هذه المؤشرات متاحة للمجتمع للتقييم.

وختاما كان بودنا ان نرى تعريفا دقيقا لمبادئ الرؤية وهي الاستدامة والتنافسية والعدالة وكيف تطورت هذه القيم خلال العقد الماضي وأين نقف الان منها مقارنة بعام 2008، كما ينبغي ان يكون مثل هذا العرض فرصة للاجابة عن تساؤل المواطن العادي الذي يتطلع إلى معرفة كيف ستؤثر هذه البرامج والمشاريع على مستوى معيشته.mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *