نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. قراءة في مقابلة سمو ولي العهد رئيس الوزراء مع الإعلام 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

الأربعاء ٠٣ مارس ٢٠٢١

مقال الاسبوع- حدد خطاب ولي العهد القطاعات الرئيسية التي ستركز عليها الحكومة في تحقيق التنمية والتنوع حتى 2030. ماهو الوضع الحالي وماهي المعايير التي سنستخدمها لتقييم نتائج الخطة. كما اكد سموه على التعددية وقبول الاخر. هذا يحتاج الى انفتاح فكري يستلزم تعزيز حرية الصحافة وفتح مجال النقد والحواروحق الاختلاف في اي قضية.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1240255

  الاقتصادي والتحول نحو الاقتصاد المعرفي والرقمي. الان بقي عن 2030 عشر سنوات ونحتاج الى معرفة الوضع الحالي بالنسبة لهذه القطاعات وماهي المؤشرات التي ستستخدم لتقييم تاثير هذه المرئيات والاستراتيجيات. إحدى هذه المتطلبات الحاجة إلى انفتاح فكري يقبل الاختلاف والتنوع الذي دعا إليه سموه. قبول التنوع يحتاج إلى قوانين وإلى إطلاق حوار مجتمعي يكرس الانفتاح.  

تناولنا في الأسبوع الماضي تصريحات سمو ولي العهد رئيس الوزراء المتعلقة باستراتيجية الاقتصاد الرقمي، وخلصنا، وفق أقوال رجال أعمال ومجلس التنمية الاقتصادية ووحدة الخبراء الاقتصاديين، بأننا نواجه تحديات تتطلب الاهتمام بها بشكل خاص، منها افتقار المنطقة المهارات والحاجة إلى التكامل الاقتصادي في المنطقة ورفع مستوى التعليم والتدريب. مما يستوجب خلق التنوع وسرعة تغير الطبوغرافيا الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، ويرون أن التحول يتطلب الاستثمار في التكنولوجيا والبحث العلمي، ثانيا خلق منظومة ابتكار وطنية وما يتطلبه ذلك من إنشاء مؤسسات داعمة منها الاستثمار في التدريب والتعليم وثالثا خلق سوق خليجية تكاملية توسع الطلب وتوحد الجهود. 

في الأسبوع الماضي اجتمع سمو ولي العهد رئيس الوزراء مع الصحافة المحلية وأعلن تصورات مهمة تحدثت عن هذه التحديات وسنحاول الربط بينها وكيف أنها تلقي ضوءا على التحديات والمتطلبات والتساؤلات التي برزت في المقال السابق وكيف سيتم تطبيق ما جاء فيها وما هو تأثيرها على مسارنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. 

تركز حديث سموه في التوجهات الاستراتيجية للحكومة، وتطرق إلى المحور الأمني والمحور التنموي الذي شمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي ومحور إداري ومحور سياسي ومحور فكري (حرية الإعلام والتسامح وتقبل الآخر). وارتكز سموه في الإجابات إلى الميثاق الوطني والرؤية الاقتصادية 2030، والبناء على ما تم إنجازه ومواصلة المسار اعتمادا على كوادر شابة وخبرة رجالات البحرين تقديرا لعطائهم. ومن الشمولية التي تطرق إليها سموه نستشف أن هذا لقاء أولي ستكون بعده لقاءات تضع تفاصيل هذه المحاور والرؤى.

وشمل المحور الإداري ثلاث أولويات، الأولى معالجة البيروقراطية والثانية المساءلة والمسؤولية الفردية والجماعية، كما بين سموه «لصيانة المال العام والحفاظ على الموارد وحسن استخدامها». والثالثة اعتماد معايير الكفاءة والولاء لتجديد الدماء بطاقات شابة. بالنسبة إلى البيروقراطية فقد شدد سموه على التخلص من الجانب السلبي مع المحافظة على إيجابياتها المتمثلة في ثبات الإجراءات والأنظمة التي تقتضي إخضاع الجميع لنفس الإجراءات وضمان العدالة والثبات وتعزيز الثقة، أما الجانب السلبي المقصود بالتغيير والإلغاء هو التصلب وتكلس الأجهزة والتوسع والتعقيد في الإجراءات بحيث تقيد العمل وتشل الحراك. وبذلك يتم التخلص من التأخير الناتج من سوء تصميم الأعمال الإدارية وكثرة الأوراق والتعطيل والتلكؤ في العمل وفتح باب التجاوزات. لذلك تنفيذ هذا المحور سوف يتطلب من الإدارات والوزارات أولا: العمل على ترشيد الإجراءات بحيث يُنظر في إعادة تصميم جميع عمليات الحكومة من إعداد الميزانية إلى تنفيذ المشاريع وإدارة القوة البشرية على أسس من الثقة في الإدارات المباشرة مع وضع منظومة تقييم وقياس تربط العمل الإداري بالرؤى الاستراتيجية والأولويات الوطنية. 

ثانيا، كما بين سموه فإن هناك حاجة إلى رفع مستوى المساءلة والمحاسبة من خلال ربط الأجهزة الحكومية المختلفة بأهداف استراتيجية. يتطلب ذلك وضع منظومة قياس أداء على مستوى الأهداف الاستراتيجية والأولويات بالإضافة إلى المستوى الإداري مع إيجاد منظومة حوافز مرتبطة بتحقيق الأهداف وليس بكمية العمل. قطعت الحكومة في هذا التوجه شوطا، لكن خطاب سموه يقتضي التعامل معها كمنظومة واحدة وليست وزارات منفصلة؛ أي إيجاد نظام تقييم عالي المستوى الاستراتيجي والاعتماد على تقييم النتائج (وليس الأقوال كما قال سموه).

بدأ الحديث في المحور التنموي (الجانب الاقتصادي والجانب الاجتماعي) بوضع رأس المال البشري على سلم الأولويات. الأولوية الثانية هي تطوير الخدمات العامة وأهمها التعليم والصحة والإسكان. يترجم هذا المحور إلى ثلاثة أهداف هي تأهيل الشباب، وفتح فرص عمل لهم، وتحقيق التكامل الخليجي. الغاية الضمنية من هذا المحور هي رفع مستوى المعيشة للمواطن (ضمن تطلعات المواطنين) وهذا يتحقق من خلال رفع مستوى الإنتاجية وفتح فرص عمل وإعادة توزيع الدخل. حدد الخطاب ستة قطاعات كأولويات للتنمية (الخدمات المالية، تقنية المعلومات والاتصالات، السياحة، الخدمات اللوجستية، النفط والغاز، الصناعات التحويلية) وبين أن القاعدة التي تقوم عليها هذه القطاعات هي التقدم التكنولوجي والرقمي وفق تصريحات سموه السابقة. تهدف هذه القطاعات إلى إيجاد قدرات تتمكن من جعل البحرين تندمج في الاقتصاد الخليجي وتقدم خدمات له وكذلك في الاقتصاد العالمي؛ أي أن البحرين تتطلع إلى امتلاك قدرات تكنولوجية وإدارية وإنتاجية تمكنها من تقديم مثل هذه الخدمات بكفاءة وتنافسية في سوق الإمارات والسعودية بشكل خاص. هذا يتطلب من الوزارات والهيئات المعنية وضع مجموعة من السياسات أهمها السياسة الصناعية والسياسة التجارية والسياسة الاستثمارية، بالإضافة إلى تقديم رؤية للتكامل الخليجي الذي نسعى له.

خطاب سموه واضح وطموح ويتطلب عملا كبيرا من الأجهزة الحكومية، فقد أكد سموه أيديولوجية الانفتاح والتنافسية، وأكد كذلك منهجية الحوار والتسامح والتعددية في التعامل مع القضايا، ووضع ثقته في الشباب وقدرته على المنافسة. هذا أيضا يتطلب من الوزارات والهيئات المعنية تفصيل ما هي السياسات التي سوف تُفعِّل الانفتاح والنمو الاقتصادي، وتحفز الشاب البحريني على المنافسة وترفع قدراتهم في الابتكار والإبداع. هذا يحتاج إلى سياسة علمية وتكنولوجية وابتكارية وإلى منظومة ابتكار ترفع القدرات الاستيعابية وتوسع مجالات التعلم سواء في المجتمع أو على مستوى الفرد؟ عمل كبير ومهم ينتظر الأجهزة الحكومة في تحديد ما هي السياسات التجارية والصناعية والاستثمارية التي ستحقق هذه الرؤية؟ إحدى هذه المتطلبات الحاجة إلى انفتاح فكري يقبل الاختلاف والتنوع الذي دعا إليه سموه. قبول التنوع يحتاج إلى قوانين وإلى إطلاق حوار مجتمعي يكرس الانفتاح.

التسامح والتعددية وتقبل الآخر والتنوع في المجتمع هي مصدر قوة للمجتمع. تبدأ التعددية وتقبل الاختلاف بالتخلي عن القناعات المسبقة. هذا يعنى على الوزارات المعنية بالتنمية الفكرية ومنها وزارة التربية والتعليم والثقافة ومجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ترجمة هذه الرؤية إلى سياسة منظمة لإطلاق حق الاختلاف والتعدد في الرؤى والقراءات والأفهام في جميع القضايا بما يعزز القيم الإنسانية التي يجب أن يتحلى بها الناس والتركيز على ما يكرسها في الممارسات اليومية على مختلف المستويات. 

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *