نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. كلية المعلمين ومفهوم جودة التعليم

تاريخ النشر : 18 ابريل 2008

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تناولنا في مقالات سابقة الميثاق الوطني وما تحقق من اهداف تتعلق بالمحافظة على الوحدة الوطنية ومتطلبات التنمية والتعليم. كما استعرضنا في مقال اخر اهمية التعليم في التنمية المستدامة والمشاريع العديدة التي سعت الى تطوير التعليم منذ بداية التسعينات. ومن المعايير التي برزت اكثر من غيرها في هذه المسيرة هي جودة التعليم كمفهوم وكقيمة نسعى الى تحقيقها او تعظيمها.  في هذا المقال سوف نركز على مفهوم جودة التعليم ومدى اتفاق المسئولين في الوزارة والمعنيين بالتنمية على هذا المفهوم. 

اهتمت الدولة بتطوير التعليم من خلال مجلس التنمية الاقتصادي الذي اطلق عملية الاصلاح بقيادة الشيخ محمد بن مبارك في يونيو 2007 وتتلخص في خمس مبادرات هي: انشاء كلية تقنية، وحدة لمراجعة جودة التعليم الجامعي، وحدة لمراجعة جودة التعليم المدرسي، تطوير التعليم المهني والفني للمرحلة الثانوية  (التلمذه المهنية)، وتطوير المعلمين. وفي الاسبوع الماضي احتفلت الوزارة بانشاء كلية للمعلمين تبدأ برامجها في بداية 2009.

وبما ان احدى مبادرات اصلاح التعليم هي وحدة مراجعة جودة التعليم المدرسي، لنا ان نتساءل كيف ستساهم هذه الوحدة في توضيح مفهوم جودة التعليم؟ وهل ستضع تعريف محدد لهذه الجودة؟ والى اي مدى نجحت الوزارة في تحقيقها؟ وماهي معايير تقييمها وكيف يتم قياسها لمعرفة التقدم فيها سنة بعد اخرى؟ وكيف ستستفيد كلية المعلمين من ذلك؟

من خلال رصدنا لما نشر حول الموضوع نجد ان هناك ارباك للمتابع حول هذا المفهوم يتضح من التصريحات التي صدرت عن المسئولين. ففي دراسة قمنا بها عام 2004 شملت التعليم خرجنا بتعريفات مختلفة من المسئولين لجودة التعليم منها “خدمة توجهات التنمية” وتوفير “المهارات الاساسية لدى الطالب” و “إعطاء الطالب القدرة على التعلم الذاتي المستمر” و”تعزيز القيم الاخلاقية” كما تعددت وسائل تحقيقها منها وجود “المعلم الجيد والكتاب المناسب والبنية التحتية المدرسية”.و نظام إداري جيد يتمتع “بسرعة في الإنجاز والإتقان في العمل.

‬وفي مناسبات لاحقة (اخبار الخليج 26 يناير 2005 م) بين سعادة وزير التربية الجودة بانها تعني تقييم سبعة محاور هي 1) ‬السياسات والبحوث والتخطيط الاستراتيجي، 2) ‬والتنسيق والاتصالات والمعلومات التربوية، 3) ‬والمناهج والقياس والتقويم، ‬وطرائق التدريس وتدريب المعلمين ومديري ‬المدارس، ‬والمشاركة المجتمعية، ‬4) والتعليم المستمر، 5) ‬وكلفة التعليم والتمويل.، ‬6) ملاحقة كل جديد على الساحة التربوية العالمية، 7) ‬وتحديث وتطوير الأداء في ‬قطاعات الوزارة التربوية والإدارية والمالية والخدمية، ‬ومراجعة ذلك بشكل مستمر.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

ان ما ذكره الوزير يعتبر مدخلات للتعليم، اي انها محاور لعملية اصلاح، وليست مواصفات لمخرجات التعليم يمكن تقييمها ومعرفة تاثيرها على التنمية الشاملة المستدامة واتساقها مع الاستراتيجية الوطنية. ونتساءل بعد ان تنتهي الوزارة من تنفيذ هذه المشاريع هل سيصبح الطالب اكثر قدرة على التفكير المنطقي الناقد الباحث عن الحقيقة، وهل سيصبح اكثر قدرة على الابداع والاندماج في سوق العمل، وهل سيكون طالبا جامعيا اكثر ابتكارا وطموحا، وهل سيكون مواطنا اكثر انتاجا والتزاما ومشاركة في مجال العمل واكثر ادراكا لاهمية اخلاقيات المهنة؟ 

ومما يزيد الامر تعقيدا على المتابع لتحديد مفهوم جودة التعليم هو ان الوزير يرى بان جودة التعليم قد تحققت (اخبار الخليج 10 اغسطس 2006 في مقابلة مع على صالح). هذا الكلام يبدوا متناقضا مع ماقاله نائب رئيس الوزراء في عام 2007 من ان الخطة لتطوير التعليم تهدف الى تجويد التعليم وجعله اكثر مواءمة لمتطلبات سوق العمل. هذا يعطي انطباع بان هناك مفاهيم غير واضحة، ربما بسبب غياب معايير قياس محددة تمكن المعلم والمدرسة والمواطن وولي الامر من معرفة مستوى التطور في مخرجات التعليم من عام الى آخر. 

بالاضافة الى ذلك فان الوزارة لم تتطرق الى كيفية تحقيق جودة التعليم من خلال اسلوب التعليم وسياسة الامتحانات والتصحيح الذي يبدوا انه يضع كثير من الاهتمام على الحفظ والاستظهار. كما انها لم تحدد تعريف جودة التلعيم من وجهة نظر صاحب العمل والجامعات والمجتمع. فمثلا هل الحصول على الدرجات العالية التي تفوق 95% يمثل جودة في التعليم، ام هي المعرفة باستخدام تقنية المعلومات، ام الاداء في العمل بعد التوظيف، ام الاداء في الجامعات، ام مدى مناسبة المخرجات لسوق العمل، او النجاح في الحياة العملية. وفي كل من هذه المعايير ماهي المقاييس المستخدمة والتي يمكن ان تنشر بشكل دوري لتوضح التقدم في جودة التعليم وتبين الفرق بين عام 2001 عندما بدأت الخطط تفعل وبين اليوم بعد ان مضى عليها سبع سنوات. 

من ذلك تاتي أهمية اطلاق كلية البحرين للمعلمين ومبادرة وحدة تقييم جودة التعليم التي اعلن عنها معالي نائب رئيس الوزرءا في الاسبوع الماضي، كما تاتي اهمية الشفافية في نشر النتائج والاحصائيات التي تطرق لها سعادة د. نزار البحارنة في كلمته والتي نأمل ان تزيل الكثير من التساؤلات حول مفهوم جودة التعليم وتتيح للمهتم والباحث ان يساهم في تطويرهها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *