نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

كيف يصبح البحريني اولا في سوق العمل”- على مدى 15 سنة تتعامل الحكومة مع نفس القضايا دون وضع حلول لخلق فرص عمل مجزية للبحريني. الدور على المجتمع للضغط من اجل ايجاد الحلول.

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1074011

يستشعر المجتمع مشكلة حقيقية في سوق العمل تتكون من عدة قضايا مترابطة بعضها بعضا تؤثر في نهايتها على حياة المواطن وقدرته على بناء حياته وتحقيق أحلامه التي ظل يتغنى بها طوال مراحل الدارسة. يتجلى هذا الاستشعار في حراك مجتمعي متعدد التوجهات تمخض في الاسبوع الاول من مايو الحالي عن «مبادرة البحريني أولا» التي نظمتها مجموعة من النشطاء بالتعاون مع جمعية الاجتماعيين وحضرها وزير العمل ومجموعة من المختصين والمهتمين.

كانت المداخلة الرئيسية لوزير العمل السيد جميل حميدان. أورد الوزير في مداخلته عددا من القضايا تتعلق بفرص العمل للبحرينيين والمحافظة على معدل البطالة عند الحدود «الآمنة (4%)»، وعدم التخلي عن سياسة البحرنة.

فيما يتعلق بنظام البحرنة، فإن هذه السياسة كانت تعتمد على ضرورة توظيف نسبة من البحرينيين لكي يتم منح الشركة مزيدا من الرخص لجلب عمالة أجنبية. الدلائل تشير إلى أن الحكومة بصدد الاستغناء عمليا عن نظام البحرنة بعد أن تم منح الشركة حق استجلاب أي عدد من العمالة الأجنبية بمجرد دفع مبلغ 300 دينار لكل رخصة عمل إضافية. فما معنى ذلك وكيف يستقيم مع شعار البحرنة؟

أوضح الوزير أن الوزارة تعتمد على التدريب، وأنه من البرامج التي يمكن ان تأتي بنتائج اذا تم وضع نظام شهادات تحدد مستوى المتدرب ومدى قدرته، واكد أن ربط مخرجات التعليم والتدريب باحتياجات سوق العمل يمثل تحديا كبيرا لم تتمكن الوزارة من التغلب عليه بسبب صعوبة تحديد المستويات التي لا توجد لها معايير كما في الطب والهندسة مثلا.

يرى المتداخلون الاخرون ان التدريب في البحرين يركز على التدريس اكثر من التدريب العملي من جهة، ومن جهة اخرى فإن التدريب ينبغي ان تقوم به الشركات الكبيرة بعد أن يتم توظيف البحريني، كما كانت تفعل شركة (بابكو) في خمسينيات القرن الماضي (برنتس)، عندما وظفت أعدادا كبيرة من المواطنين وتم تدريبهم لمختلف التخصصات والمهن. هذا النوع من التدريب مفقود اليوم في البحرين. والشركات تصرّ على وجود المتدرب الناجز. هذا الاصرار أساسه توافر العمالة الآسيوية الرخيصة، وتوافر العمالة الرخيصة ليس مشكلة جديدة بدأت منذ الطفرة النفطية، وأخذت تتفاقم الى أن بلغت اليوم هذا المستوى الخطير.

في مقابلة صحفية لوزير العمل السابق الدكتور مجيد العلوي في شهر نوفمبر 2002 نشرت في الصحافة المحلية تحدث فيها عن ملفات «ساخنة» من بينها البطالة والعمالة الأجنبية وملف التدريب، والحد الأدنى للأجور، وتأهيل العمالة الوطنية وملف العمالة السائبة وملف بحرنة الوظائف. وقال بضرورة بحرنة قطاع التجزئة رأى الوزير حينها انه من الضروري حسم هذه المشاكل التي لا تحتمل التسويف او التأجيل. والآن وعلى الرغم من الدعوة الى عدم التأجيل مازالت هذه الملفات معنا بعد 15 سنة، ومازالت مثار جدل ولم تلق الحلول الشافية.

من الملاحظ ان الوزير  السابق العلوي في تلك المقابلة يشدد على اهمية تطبيق القانون على الجميع وكانه يستشعر بان هناك محاباة تتخطى القانون. فمثلا يقول ان نظام البحرنة لو طبق على الجميع مع حد أدنى للرواتب للبحريني لتمت معالجة المشكل، كما تحدث الوزير السابق عن بحرنة 50% من قطاع التجزئة (معارض السيارات والأثاث والأجهزة المختلفة). فهل تخلت وزارة العمل عن البحرنة؟ لماذا لم تتمكن الوزارة من معالجة هذه الحالات والحالات المشابهة لها طوال هذه الفترة؟ لا بد من وجود اسباب مؤسسية وقوية تقف حائلا دون تحقيق ذلك، هذا ما لم يتطرق اليه الوزير حميدان في ندوة «البحريني أولا».

وفي يناير عام 2011 نشرت الصحافة المحلية حديثا مع عدد من رجال الاعمال وتمت مناقشة نفس القضايا تقريبا، وتم طرح السؤال لماذا لا يكون البحريني هو الخيار المفضل. خلاصة تلك اللقاءات كانت ان تشخيص المرض في الدراسات والتطبيق الذي تقوم به وزارة العمل هو تشخيص خاطئ، وعلى حد تعبير أحدهم «بأن المريض بالسرطان لا يعطى أدوية للحمى فقط»، ولهذا يطالب بنقاش معمق لكي «نستطيع تشخيص الخلل حينها يمكن اصلاح سوق العمل». إلى الان لم يتم هذا النقاش المعمق ولم نصل إلى علاج شاف.

لا نرى من حديث الوزير حميدان ما يبشر بوجود رؤية مختلفة او حلول جذرية للمشكلة. فمثلا يقول الوزير ان البحرين «تواجه تحديات وان الشركات تتحدث عن ضغط المصروفات وعن أهمية جذب الاستثمار وعن الحرية الاقتصادية وجعل السوق حرا يختار من يشاء في التوظيف». في مثل هذه الظروف كيف يستطيع المواطن كسب معركة المنافسة؟ فالرأي المطروح هنا ليس فرض البحريني وانما ترك الاختيار للشركة لتوظيف المؤهل. والسؤال لماذا لم نتقدم كما نرجو في تأهيل البحريني؟

الآن ما نتيجة هذا اللقاء وكيف سيستفاد من المناقشات التي دارت في معالجة مشكلة «البحريني أولا»؟

نرى انه من الضروري أن يأخذ المجتمع زمام المبادرة في إبقاء الزخم في المجتمع وطرح التساؤلات في محافل عدة. من هذا المنطلق اقامت جمعية «جود» حلقة حوارية نظمتها الجمعية بالتعاون مع ناشطين آخرين تهدف إلى الإحاطة بمشكلة البطالة التي يعاني منها البحريني. فالعاطل يمثل قضية إنسانية له ولعائلته وللمجتمع.

الآن في ظل هذه الأوضاع ينبغي أن نطرح السؤال: كيف يمكن أن نجعل البحريني منافسا حقيقيا في سوق العمل؟ وكيف نجعل الأرض التي يلعب عليها البحريني تميل في صالحه بدلا من كونها تميل بشدة في صالح  العامل الأجنبي الذي يقل راتبه عن البحريني. هل الحل في رفع كلفة العامل الأجنبي ومن ثم نترك مجال المنافسة مفتوحا. ومن هذه الحوارات يجب الاصرار على طرح السؤال الثاني: أين النظرة الشاملة والإستراتيجية لمعالجة الوضع بشكل عام ليس فقط بالنسبة الى توظيف العاطل، ولكن لتوفير فرص عمل ذات نظرة مستقبلية تستوعب الأعداد الكبيرة التي تتخرج سنويا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *