نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. لتنمية والحل السياسي المنتظر

تاريخ النشر : الأربعاء ٤ أبريل ٢٠١٢

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

لجمعيات السياسية في سبات عميق بينما البلد في ازمة سياسية. ماذا تنتظر هذه الجمعيات؟ هل تنتظر اوامر لكي تتحرك او تتواصل مع غيرها من الجمعيات؟ هذا موضوع مقالنا هذا الاسبوع

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12430/article/17422.html

ماذا ينتظر البرلمان والتعديلات الدستورية تراوح بين اقرار وتأجيل، وماذا تنتظر الجمعيات السياسية وماذا تنتظر الحكومة للاتفاق على حل سياسي يُخرج البلد من الحالة الراهنة التي اثرت وستؤثر في الوضع الاقتصادي وتُعرض المجتمع لمزيد من التأزيم؟ الجميع يتحدث عن مصلحة وطنية وعن اهمية المواطنة والانتماء والتضحية من اجل الوطن ولكن اصبح ذلك حديثا لا يعني شيئا بالنسبة إلى المواطن والتاجر الذي يرى فرص بقاء شركته تتقلص والعامل الذي يشعر بأن وظيفته مهددة.

في الاسبوع الماضي حذر رجال اعمال بحرينيون (أخبار الخليج، 25-3-2012) من موجة تسريحات كبيرة للموطفين وقالوا «إننا لم نعد نحتمل المزيد من الصمود أو الاستمرار.. بسبب حالة الاحتقان السياسي والأمني السائدة في البلاد». يحتاج المستثمر الى «أفق يُشجع على الإقدام في الدخول في مشاريع جديدة». هذه المشاريع الجديدة تحتاج الى مناخ سياسي مستقر، نتوصل اليه من خلال حوار وحلول تنتج بيئة مستقرة يشعر فيها الجميع بأن حقوقه مصون ومشاركته فاعلة ومؤثرة. 

في خطاب جلالة الملك الذي القاه بمناسبة تسلمه تقرير لجنة متابعة تنفيذ توصيات بسيوني من رئيس مجلس الشورى، يؤكد جلالته اننا «عقدنا العزم بعدم تكرار الاحداث المؤلمة وان نأخذ منها الدروس والعبر وان نستخدم الافكار والرؤى الجديدة كمحفز للتغيير». فمتى يدرك بعض منتسبي وقيادات الجمعيات السياسية هذه المسئولية ويبادرون إلى ايجاد الحلول والتحاور مع نظرائهم لايجادها؟ وهل يدرك الساسة وقيادات الجمعيات السياسية على وجه الخصوص هذه المعاناة التي تعود على المواطنين «ناخبيهم» بالضرر الكبير؟ 

من متابعة سلوك بعض القيادات المتشددة في هذه الجمعيات وتصريحاتهم (المعلنة وغير المعلنة)، لا يبدو ان الرسالة وصلت. فهم يتسابقون على المواقف الرنانة والمثيرة التي تارة تقول سندخل الحوار وتارة ثانية لن ندخل الحوار ويضعون سلسلة وقائمة من الاشتراطات. هذه القيادات المتشددة في الجمعيات السياسية تختزل المجتمع في فئة صغيرة عالية الصوت تطالب بالتصعيد الطائفي من خلال بعض الاحتجاجات والاعتصامات والمساهمات في وسائل الاتصال الاجتماعية واثارة الزوابع في قضايا فردية هامشية تتصيد لها لزيادة شعبيتها ولارضاء بعض النفوس المريضة المهووسة طائفيا. هذه القيادات الموتورة تركز جل اهتمامها ونشاطها «السياسي» في متابعة هذه القضايا التي يراد منها تأجيج المشاعر واستعداء طائفة على اخرى. نتيجة ذلك هو مزيد من التصعيد الطائفي ومزيد من عدم الاستقرار وهروب اكبر عدد من الشركات الاجنبية واغلاق الوطنية منها ابوابها وتسريح عمالتها. هذا الوضع لا يمكن ان يستمر طويلا فاقتصادنا لا يتحمل ذلك والمجتمع الواعي المدرك لعواقب الامور يرفض هذا السلوك غير المسئول.

نقول للجمعيات السياسية المؤثرة التي مازالت لم تحسم امرها ان تتقدم ببرامج وحلول سياسية علنية تعطي المجتمع املا في مستقبل افضل واخراج البلد من ازمته وتنهي حالة الوجوم لدى القطاعات التجارية والاقتصادية. هذا يعني ان تضع لنفسها رؤية نابعة من مصلحة وطنية وليست طائفية، وان تعتبر من خطاب جلالة الملك الذي اشار الى ان الحل يكمن في «انتهاج الشفافية وقيم الديمقراطية واللحمة الوطنية وان يشعر الشعب بالتغيير الحقيقي والملموس»، وبالتالي على الجمعيات ان تضع حلولا لهذه المشاكل التي يعانيها المجتمع وتتناقض مع هذه القيم، وقد برزت هذه المشاكل ليس فقط في خطب جلالة الملك بل في الكثير من الحوارات والمقالات والمبادرات. 

على الجمعيات السياسية التي لم تحسم امرها بعد ان تحدد غايتها ورؤيتها للحل وان تدرك ان البلد يحتاج الى حل يضعه على عتبة الاستقرار والتنمية والتقدم يستفيد منه الجميع من خلال عمل مشترك يسهم فيه الجميع لتجنب تكرار ما حدث. نقول للجمعيات السياسية كفاها وقوفا على الهامش تنتظر ماذا يقول هذا الطرف او ذاك لتقوم بردة فعل لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تؤجج العواطف وتؤلب فئات المجتمع. ففي اي مجتمع متعدد تحدث تجاوزات من افراد موتورين يقومون بتصرفات لا انسانية، وفي المجتمعات المتوازنة يتم التعامل معها وفق القوانين والاجراءات المرعية التي تخضع للمعايير نفسها في جميع الحالات والتجاوزات ولا تستغل لإحداث ازمة وطنية.

ان الجمعية التي لا تحدد غايتها ورؤيتها تنتهي قبل موعدها وتضمحل لنفاد وقودها. الغاية هي الوقود الذي يحرك عناصر المؤسسة (الجمعية) وغياب الغاية الجامعة يجعل المؤسسة تائهة تتشبث بقضايا هامشية تقفز عليها كالغنيمة وتلوكها حتى يلفظها المجتمع، ولذلك نطرح على جمعياتنا السياسية السؤال الذي يدور في ذهن عقلاء القوم، ما هي قضيتها التي تقود عملها وتحكم سلوكها وتحدد نتائجها؟ ندرك ان بعض القيادات المتزمتة تفتقر الى مثل هذه القضية الجامعة وتفضل ان تتخذ من عواطف الناس تجارة رائجة، نكرر سؤالنا: ما هي القضية يا جمعياتنا السياسية؟ وما هي المشاكل التي وعدتم جماهيركم بمعالجتها؟ نناشدكم التركيز في هذه القضايا والمشاكل والتحاور مع نظرائكم للتوصل الى حلول جذرية لها. 

نقول للقيادات المتشددة: ان المجتمع يتطلع الى حياة حرة كريمة يتمتع فيها بحقوق المواطنة وبخيرات بلاده، ويلخص ذلك الشيخ خالد وزير الخارجية في قمة بغداد بقوله «إن أمتنا اليوم تواجه تحديات عديدة: تحديات الإصلاح والتطوير، وتحديات تحقيق تطلعات الشعوب التي لم تنظر إلى الوراء» ويواصل ان «الإصلاح والتطوير وبمشاركة الجميع هو الطريق الصحيح لتحقيق التعددية والتقدم والاستقرار السياسي والاجتماعي المطلوب». فمتى تفيق القيادات الطائفية المتشددة في جمعياتنا السياسية وتضع رؤاها بناء على هذه المطالب وليس بناء على مصالح آنية ضيقة لمكاسب جماهيرية وشعبية زائفة زائلة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *