نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

لحياة الأساسية في أهداف التنمية الاقتصادية

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٠ – 02:00

يعتبر رفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاه الاجتماعي أهم أهداف التنمية على مستوى العالم، وهو الغاية من النشاط الاقتصادي وهو الدافع خلف برامج الأمم المتحدة الإنمائية وخطط التنمية الوطنية في كل دول العالم. أهمية ذلك تكمن في أن ارتفاع مستوى المعيشة يمثل تقدم البشرية وتقدم الإنسان، كما أنه يمثل عصب الأمن والاستقرار.

اعتمد البنك الدولي تعريف الفقر في 1945 بأنه «أدنى مستوى من الدخل الذي يحتاج إليه المرء أو الأسرة حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في بلدٍ ما»، ويقول إن هذا التعريف مضلل ولا يقيس مستوى الفقر الحقيقي. في عام 1990 أصدرت الأمم المتحدة أول تقرير يتكلم عن الفقر ونسبته في العالم وحدّه الأدنى الذي اعتبر حينها دولارا واحدا في اليوم. ارتفع هذا إلى 1.25 دولار في 2005 إلى ما يقارب الدولارين في اليوم (1.90 دولار) عام 2015. 

ثبت لباحثي البنك الدولي أن حساب معدل الفقر على أساس الدخل فقط لا يمهد نحو إجراء مقارنات موضوعية وواقعية بين مستويات الفقر المعلنة ومستويات تحقيق الرفاهية داخل الدولة، وكان لا بد من وضع اعتبارات أخرى لتحقيق الموضوعية في حساب تلك المعدلات. اعتمد البنك معايير إضافية هي الانخراط في التعليم ومستوى التعليم وجودته ودمجهم في سوق العمل. الأفراد المتعرضون للخوف من الكوارث الطبيعية أو البشرية. سلامة وتوافر البنى التحتية والخدمات والماء والكهرباء والصرف الصحي. مستوى وتوافر الخدمات الصحية والرعاية الصحية للكبار- التعرض لتهديد الكوارث والصراعات الطائفية. واعتبر هذا الخط غير ثابت ويتم مراجعته بشكل دوري ليعكس التغيرات في نمط الاستهلاك وتغيرات في الأسعار وفي متطلبات الحياة.

فمثلا وفق حساب الدخل فقط، وجد التقرير أن معدل الفقر في العراق كان 2.5%، لكن مع تطبيق المعايير الجديدة وأخذ معايير الفقر النقدي والتعليم والخدمات الأساسية تحرك ليصل إلى 10.4%، ثم ارتفع إلى 28.4% عند الأخذ في الاعتبار المعايير جميعها. أي أن الفقر وفق البنك الدولي لا ينحصر في نقص المال النقدي فقط، بل يشمل أيضًا نقص عناصر الرفاهية الأساسية.

ونظرا إلى أهمية «خط الفقر الوطني»، فإن دولا مثل بريطانيا واليابان والنرويج وغيرها من الدول المتقدمة تعلن هذا الرقم إيمانا منها باستحالة العلاج من دون الإعلان. فمثلا سويسرا كان مستوى خط الفقر في 2014 عند 29.5 ألف دولار (11 ألف دينار) للعائلة المكونة من 4 أفراد. اليابان كان 8780 يورو في الشهر، وفي بريطانيا 16.5 ألف جنيه أي ما يعادل 400 دينار شهريا للفرد من دون أطفال. 

إلى الآن لا يوجد خط فقر في دول مجلس التعاون على الرغم من كثرة الخطط والمشاريع والبرامج والإحصائيات التي تقدمها هذه الدول، لكنها لا تتضمن معدلات خط الفقر. عدم ذكر خط الفقر لا يعني عدم وجود فقراء، ووجود الفقراء ليس غريبا في أي دولة، ولكن مسؤولية المجتمع والدولة في رعايتهم ورفع مستوى معيشتهم تحتاج إلى تعريف هذا الحد بشكل سليم ومراجعته دوريا مع تغير القوانين والأنظمة التي تؤثر على مستوى المعيشة مثل الضرائب وارتفاع تعريفة استهلاك الكهرباء وغيرها.

هذا القصور لم يعد مقبولا في مجتمعات تتطلع إلى حياة مستقرة وآمنة ومنتجة. ونحن في البحرين نطالب وزارة العمل بالتوجه نحو احتساب هذه الأرقام ونشرها بشكل دوري ومعرفة مدى تقدمنا في معالجتها. هذا سوف يكون في صالح الوزارة ويبين نشاطها وجهدها وتقدم أدائها، كما انه يكرس مبدأ الشفافية والمصداقية. أما ذكر أرقام غير واقعية، من خلال القول بأن 336 دينارا يكفي لعائلة مكونة من ستة أفراد في الشهر، فهذا يؤدي إلى تذمر وإلى تشكيك في صدقية ما يتم نشرة من بيانات . 

إن تصريح الوزير في رده على سؤال النائب عبدالله الذوادي كان محددا بأن 336 دينارا كاف لأسرة مكونة من 6 أفراد كحد أدنى لمتطلبات الحياة الأساسية، وذلك بناء على آخر دراسة تم اعتمادها في هذا المجال». كما يظهر من التصريح، فإن الدراسة أجراها (أو بمساعدة) البنك الدولي في 2010. غير أن النائب محمود البحراني في إحدى جلسات مجلس النواب «أخبار الخليج» يقول إن هذه الدراسة تمت في عام 2003، وإن الرقم المذكور حينها هو 56 دينارا للفرد أي 336 دينارا لستة أفراد. بينما شركة مكنزي بعد عام واحد (2004) قالت إن الحد الأدنى هو 374 دينارا. أورد وزير العمل توضيحا يقول فيه إن الرقم 336 دينارا هو الحد الذي تصرف فيه المساعدة الاجتماعية، فهل يمكن اعتبار هذا الرقم هو خط الفقر؟ التوضيح المطلوب الآن هو ما  متطلبات الحياة الأساسية الواردة في عبارة وزير العمل، وكيف تم احتسابها، وهل تشمل جوانب الرفاه الذي ينادي به البنك الدولي؟ وما هو التغيير الذي حدث في الأسعار والضرائب والكهرباء من 2003 إلى اليوم؟ وكيف أثر ذلك على الحد الأدنى للضمان الاجتماعي؟ وما هو خط الفقر بحسب تقدير الوزارة؟

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *