نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

كثيرة هي المؤتمرات لكن الى الان لا جواب حول من المسئول عن الفشل في تنويع مصادر الدخل؟ أليست الحكومات؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13774/article/56884.html

في مؤتمر الصناعيين لدول مجلس التعاون الذي بدأ بتاريخ 26 نوفمبر الجاري في دولة الكويت، ألقى الأمين العام لمجلس التعاون كلمة قال فيها «ان الاستثمار هو المحرك الرئيسي للتنمية» وقال ان الاتفاقية الاقتصادية (1981) نصت على أهمية تنمية الاستثمارات المحلية والبينية والخارجية وتوفير بيئة استثمارية تتسم بالشفافية والاستقرار. ويؤكد الأمين العام على توفر المقومات اللازمة ويعدد هذه المقومات في الاستقرار السياسي والاجتماعي والازدهار الاقتصادي، وامتلاك النفط ومرونة سياستها النقدية وانخفاض معدل التضخم، ووجود بيئة تنافسية جذابة ومتنوعة. في نهاية المؤتمر تم اطلاق «خريطة صناعية لدول الخليج» لتكون دليلا لوضع السياسات الصناعية.

بدأت المؤتمرات الصناعية عام 1985 أي قبل ثلاثين سنة وأقيمت بانتظام كل سنتين تقريبا. شارك في المؤتمرات جميع الأطراف المعنية مثل الحكومات وغرف التجارة والمستثمرين والشركات الصناعية الكبرى في المنطقة. ناقشت المؤتمرات السابقة العديد من الموضوعات منها «مستقبل الصناعة في دول الخليج»، «الصناعات المعرفية والتقنيات الحديثة». وضعت المؤتمرات لنفسها أهدافا كبيرة منها تحديد سياسات واضحة لتطوير الخطط التنموية، ووضع استراتيجية طموحة لتطوير القطاع الصناعي والنهوض به وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع الصناعي. ومع ذلك مازالت مساهمة الصناعة في الناتج المحلي متواضعة لا تتعدى عشرين في المائة في احسن الحالات، ويعتمد على صناعات تحويلية تعتمد في الأساس على النفط كأهم مُدخل لها مثل تكرير النفط وصناعة مشتقاته أو البتروكيماويات.

معظم الأهداف التي تبنتها المؤتمرات تتمحور حول جذب الاستثمار الأجنبي والذي بلغ (عام 2014) 27 مليار دولار فقط، ونتساءل في ظل وجود ثلاثة تريليونات دولار من فوائض النفط الخليجي، لماذا نعتمد على جذب الاستثمارات الأجنبية في خططنا التنموية؟ هل هو نقص في القدرات الإبداعية أم قلة الأفكار المبتكرة أم نقص الثقة في النفس أم باختصار اصبح الاعتماد على الأجنبي في دم الوعي الخليجي؟

أما التوصيات التي خرج بها المؤتمر فنذكر منها: وضع سياسات لاستقطاب وتحفيز المستثمرين الأجانب في قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، تأكيد الشراكة الفاعلة بين القطاعين الحكومي والخاص، انشاء صندوق تمويل لاستدامة قطاع السكك الحديدية، ضبط تشريعات حقوق الملكية الفردية في مجال الصناعة، وضع معايير الاستفادة من الاستثمارات الخارجية. ومن الأفكار التي تمخضت عن الجلسات انشاء مراكز أبحاث متخصصة تساعد على الابتكار وتنافسية الصناعة الخليجية وضمان تطورها.

هذه الأفكار والتوصيات يتم تداولها منذ الثمانينيات بعد صدور الاتفاقية الاقتصادية ولم يتحقق حتى الآن ما يمكن ان يقال انها مراكز أبحاث تقود حركة صناعية، ولم توضع سياسات صناعية قادرة على التنسيق بين دول المجلس لمنع التنافس الشرس فيما بينها بالإضافة إلى التنافس مع الصناعات الاجنبية. كذلك ومنذ السبعينيات تتركز جهود التصنيع في البتروكيماويات والأسمنت والحديد والصلب، أي انها تعتمد على النفط ومشتقاته التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة. هذا يعني ان الميزة التنافسية الوحيدة للخليج تكمن في الصناعات التي تعتمد على النفط وليس على إنتاجية القوى العاملة في الخليج أو المحتوى المعرفي.

من ضمن القضايا التي أثيرت على هوامش المؤتمرات حول التصنيع قضية «جدلية الإنتاج والصناعة» الذي نشر في «المجلة» في عام 2009، يبدأ التقرير بالقول ان السعودية أصبحت من أكبر منتجي البتروكيماويات وبحلول عام 2020 قد تصبح اكبر منتج لها. وتملك البحرين والامارات اثنين من أكبر مصانع الالمنيوم في العالم كما تعتبر منطقة الخليج من أكبر منتجي الأسمنت، والصلب. انشاء هذه الصناعات كان ممكنا بفضل أولا إيرادات النفط التي بلغت 467 مليار دولار في 2008، ثانيا كانت مبادرة حكومية مباشرة أو غير مباشرة. ثالثا اعتمد نجاحها على قربها من الأسواق الاسيوية الكبرى. يؤكد التقرير ان دول الخليج تعلم ان القوة الاقتصادية الإنتاجية هذه سوف تعوضها عن نقص جيوشها وقلة سكانها. ومع ان ذلك يشير إلى ادراك العلاقة بين التصنيع والامن، فإننا مازلنا بعيدين عن تحقيق تنوع اقتصادي يمكن الاعتماد عليه بعد النفط، ويرى التقرير ان ذلك راجع إلى «عدم وجود رؤية خليجية موحدة لمستقبل المنطقة الاقتصادي مما افرز أنماط نمو مختلفة لكل من دول الخليج».

فمثلا انتهجت الكويت وقطر والامارات المشاريع المشتركة مع الشركات الغربية التي تقدم التقنية والإدارة وتقوم بالتسويق. هذه المشاريع ناجحة لكن يديرها الأجانب وبالتالي تأثيرها محدود على توفير فرص عمل للخليجيين. أي ان الهدف الأساسي هو رفع القيمة المضافة وزيادة الاحتياطات النقدية، وليس خلق قاعدة صناعية لأجيالها المستقبلية. النموذج الثاني الذي انتهجته دبي هو «تأسيس المشروع وسوف يأتي العملاء»، مثل تأسيس الموانئ والمناطق الصناعية وفتحها للأجانب والخدمات السياحية. النموذج الثالث انتهجته السعودية وهو عدم تصدير الغاز الطبيعي واستخدامه للتنمية المحلية لإنتاج الكهرباء وتحلية الماء وكمواد خام لصناعة الكيماويات.

وبعد كل ذلك يبقى السؤال: إلى أي حد نجحت دول المجلس في خلق البيئة المناسبة التي عبر عنها الأمين العام لمجلس التعاون والتي «تتسم بالاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي»؟ والسؤال الثاني: لماذا لم يتحول مجلس التعاون إلى اقتصاد انتاجي بالرغم من وجود الادراك لدى جهات عديدة ومن ضمنها غرف التجارة ووزارات الصناعة والجهات الحكومية الأخرى؟ ماذا استفادت الصناعة الخليجية من هذه المؤتمرات؟ نجاح الدول في التنمية بشكل عام وفي الصناعة بصفة خاصة يعتمد على أربعة فاعلين أساسيين وهم المستثمرون والبنوك ومنتجو المعرفة والحكومات، فأين التقصير في عدم تحول الخليج إلى اقتصاد انتاجي صناعي؟ لم نر فيما كتب عن المؤتمر ما يدعو إلى الاطمئنان بأن هذه الأسئلة مطروحة ويتم التعامل معها بجدية بحيث نحدد الجهات المقصرة أو أين يكمن الخلل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *