نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. لمشاكل الاقتصادية في المجالس الرمضانية

تاريخ النشر : 29 اغسطس  2011 طباعة 10

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

مرة اخرى تضرب المنطقة ازمة اقتصادية مصدرها الغرب وقد تؤثر في دول الخليج التي لم تتعاف بعد من ازمات اقتصادية وسياسية سابقة. في خلفية هذه الازمة الاقتصادية المرتقبة يدور حديث في مجالس البحرين حول الوضع الاقتصادي البحريني والخليجي والعربي والمشاكل التي يعانيها بسبب ازمات الغرب.

وهناك تياران في هذا الحديث. تيار يتناول الموضوع من حانب نتائج الاداء الاقتصادي وتاثيراته في المجتمع مثل التعليم والاسكان ومستوى الرواتب والتوظيف ويعدد الاخفاقات في هذه المجالات. وتيار اخر يتناول الموضوع من جانب الاستثمار الاستراتيجي ومدى فعاليته وتنوعه وتاثيره في المجتمع. فما هي الاخفاقات التي يعددها التيار الاول؟

اول الاخفاقات كما يرى اقتصاديون هو ان دول الخليج مازالت تتعامل بشكل منفرد في عالم يموج بالازمات. ولا بد من اجتياز حاجز الحدود الجغرافية، الى التكتل الاكبر، لان بقاء الدول منفردة سوف تنكسر الواحدة تلو الاخرى. فالدعوة الى الوحدة الخليجية هي ليست فقط ضرورة اقتصادية ولكن في ظل الاوضاع السائدة في المنطقة اصبحت ضرورة للامن القومي لكل من هذه الدول. ونتساءل عن مسئولية اخفاقنا في عدم السعي الى الوحدة الخليجية على مدار الثلاثين سنة الماضية؟ وكم سنة اخرى سوف ننتظر لنرى نوعا من التقارب المؤثر؟ وهل لدينا الوقت للانتظار؟

ثانيا كيفية مواجهة الازمات واجتيازها. تركز دول الخليج على ردة الافعال في مواجهة الازمات، فالبحرين مثلا سوف تقوم ببناء 15 الف وحدة سكنية وصرف مليار اضافي على البنية التحتية. وقد تلجأ دول الخليج الى اجراءات مماثلة. هذه الاجراءات بطبيعة الحال مرحب بها لانعاش السوق على المستويين القصير والمتوسط، ولكن هل هذا يكفي للمستقبل؟ كما ان نوع الانفاق يكاد يكون محصورا في قطاع الانشاء مما سيزيد العمالة الاجنبية. وهنا يطرح التساؤل الى متى ستبقى اجراءاتنا ردود افعال؟ ومتى نبدأ وضع الرؤية الخليجية المشتركة التي تخرجنا من هذه التبعية، ومن المسئول في حالة اخفاقنا في ذلك؟

ثالثا عدم معالجة مستوى البطالة في دول الخليج، وهو في اعتقادنا من اكبر الاخفاقات لان الهدف الاقتصادي هو الانسان وتوفير فرص عمل تحقق له حياة كريمة، فالخليج بحاجة الى 18 مليون وظيفة للعشر السنوات المقبلة تناسب المواطن الخليجي. فمثلا في البحرين تقول وزارة العمل ان مستوى البطالة هو 4% لكن الشواهد تظهر غير ذلك لاسباب عدة: اولا ان الرقم المذكور هو نسبة من القوى العاملة، ولكن ماذا عن فئة الشباب، كم نسبة الخريجين الذين لا يحصلون على عمل؟ وبحسب وكيل وزارة العمل (في مجلس غرفة التجارة) ان عدد العاطلين من الجامعيين يقارب 11 الف عاطل، ثانيا تمارس وزارة العمل نوعا من اخفاء البطالة تحت البساط من خلال اجبار الشركات على توفير وظائف وهمية لهم طالما تحدثنا عنها ولكن اليوم يتحدث عنها التجار انفسهم في المجالس الرمضانية. يقول احدهم “انك لا تجد البحريني المدرب ولكنهم يفرضون عليك غير المدرب. العامل المفروض غير منتج ولا يفيد”. ويقول اخر ان البعض “جعلهم يجلسون في بيوتهم وياتون فقط اخر الشهر لاستلام الراتب”.

الاخفاق الرابع يتمثل في مستوى التعليم الذي يقول عنه التجار في مجلس ابراهيم زينل ان ما يحدث في السوق هو نتيجة “سوء مستوى التعليم الذي لم يواكب متطلبات السوق. ليس هذا فقط بل ان التعليم اثر حتى في ثقافة المجتمع وغرس فيه الكسل، فاختصروا الطريق ودرسوا العلوم النظرية لانهم لا يريدون التعب مادام هناك من يحصل على اموال من دون عمل سواء كانت هذه الاموال مقابل التعطل او مخصصات من دواوين الدولة. ويواصل ان “السوق لم تعد تستفيد من مخرجات التعليم، وخريجوا الجامعة لدينا غير مؤهلين للعمل. والانكى من ذلك هو اننا نسمع هذا الحديث منذ التسعينيات. فمتى وكيف يتغير الوضع؟ وهل نعرف كيف نغيره ومسئولة من تغييره؟

خامسا : يتعلق بمستوى الاجور التي ظلت تراوح في مستويات متدنية بحيث نرى ان نصف المواطنين تقل رواتبهم عن 300 دينار وبما ان معظمهم في القطاع الخاص فان اوضاعهم لم تتحسن بالزيادة الاخيرة. وبحسب حديث وزير العمل في مجلس الغرفة الرمضاني فان نسبة من تقل رواتبهم عن 200 دينار هي 8.5% ويضيف ان البيانات تظهر ارتفاع عدد العاملين الذين تتراوح رواتبهم بين 250 و300 دينار، فهل زادت النسبة على النصف؟ ويتحدث وزير العمل في هذا اللقاء عن عوائق ومصاعب في التوظيف ومفاهيم خاطئة في المجتمع لكن لم يتحدث عن خطة الوزارة او الحكومة في مواجهة هذه المصاعب والعوائق وكيف سيتم تصحيح المفاهيم الخاطئة وعلى اي مستوى في الحكومة؟ كما لم يتحدث عن خطة الحكومة في توفير فرص عمل مجدية والارتقاء بالتعليم للاستفادة منها؟ فاين تكمن المسئولية؟

نرى ان هذه المشاكل هي في حقيقتها سياسية واقتصادية واجتماعية. يلخصها البعض في غياب التخطيط وعدم وجود رؤية واضحة تجنب البلاد بعض آثار الازمات. حددنا في مقال سابق (اخبار الخليج 16 اغسطس) مسئولية الاخفاقات في اربع جهات هي المؤسسات الحكومية بالدرجة الاولى وتليها الفئة الصامتة التي تخلت عن الدفاع عن مصالحها، وبعدها المعارضة التي هادنت في كثير من الاحيان، واخيرا الجمعيات السياسية الاسلامية التي استفادت من الاوضاع في مكاسب حزبية وشخصية. وفي هذا المقال نضيف فئتين الى هذه الجهات وهما المجتمع التجاري الذي تخلى عن دوره الناصح والمعارض القوي لاي سياسات تضر بالاقتصاد واكتفي بان يحصل على نصيب من الثروة. والفئة السادسة هي شيوخ الدين الذين تخلوا عن دورهم في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وجيروا الدين لمباركة كل سياسات سواء كانت صائبة ام خاطئة. نتيجة ذلك هي مشاكل واخفاقات تتراكم لتعكر البيئة السياسية والاقتصادية وتعيد المجتمع الى المربع الاول كلما تحرك خطوة الى الامام. قد تكون الصورة مزعجة نوعاما ولكنها متفائلة مقارنة بما يدور في المجالس الاقل حظوة اعلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *