نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

مؤتمر الشباب لأهداف التنمية المستدامة

أقيمت عدة مؤتمرات وحوارات ترسل رسالة الى المجتمعات الخليجية بأهمية الاستعداد للتغيير. فمثلا في المؤتمر الدولي للشباب، وفي جلساته يوم الأربعاء 24 أكتوبر الجاري، ناشد المؤتمر الشباب في التفكير في المستقبل المنتظر وكيف التعامل مع متطلبات حماية الأجيال القادمة. بالإضافة الى نشر وعي بين الشباب حول انقاذ الحياة الفطرية والاهتمام بالتوازن البيولوجي والايكولوجي. وناشدهم بمعالجة المشكلات التي تواجه الناس وإيجاد الحلول التي تمكنهم من العيش الكريم. كما دعى المؤتمر الى التوقف عن تبادل الاتهامات بين الدول عن مسئولية تراجع الموارد الطبيعية وتأثيرها السلبي على البيئة.

في هذا المؤتمر تحدث الحضور عن محاور عدة شملت حماية البيئة، والقضاء التام على الجوع، وتوفير العمل اللائق ونمو الاقتصاد والمساواة بين الجنسين. وركز بصفة خاصة على الشباب وحثهم على تطوير قدراتهم ومهاراتهم التي سوف تساعدهم في معرفة العالم والى اين يسير، وتسهم في تحديد مستقبل الأجيال القادمة، وان “لا نهدر اليوم لكي لا نخشى المستقبل”.

في منتدى اخر تحدث وزير النفط البحريني الشيخ محمد بن خليفة (على هامش مشاركته في ملتقى جائزة التميز للمرأة القيادية في صناعة النفط والغاز 2018 ) يدعو الى إيجاد كوادر في قطاع النفط وتطوير مهاراتهم وقدراتهم من خلال توفير التعليم والتدريب المناسب ودعم افضل المواهب والكفاءات النسائية وتطوير البرامج المشجعة على الابتكار والقيادة والانجاز لتحقيق النجاح الاقتصادي المستدام.

وفي منتدى الاستثمار العالمي في جنيف شارك وزير الصناعة في اعمال المائدة الوزارية المستديرة حول “ريادة الاعمال والتنمية المستدامة” تطرق الوزير الى ان قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وانه يمثل 93% من اجمالي عدد الشركات المحلية، وهو المحرك الرئيسي للنمو والتنويع الاقتصادي بقيادة مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والذي يهدف الى تعزيز القدرات التنافسية للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي؟ ويرى الوزير بان رأس المال البشري (تطوير قدرات ومهارات الشباب) هو النقطة الحاسمة في تحقيق النجاح التجاري وخلق البيئة الداعمة لريادة الاعمال الناشئة. 

لا يقتصر الحديث عن المستقبل على المسئولين في البحرين ولكن شمل مسئولين في دول الخليج يظهرون نفس الروح المتطلعة نحو مستقبل افضل. فمثلا يأمل سمو الأمير محمد بن سلمان ان “يتحول الشرق الأوسط الى أوروبا الجديدة” وان يكون في مقدمة العالم. 

أولا هذا التوجه والحديث عن المستقبل له وجاهة في انه ينظر الى المنطقة (الخليجية والاقليمية) على انها مترابطة وتنميتها يتطلب تنمية على مستوى أوسع من منطقة الخليج. لكن يجب ان يقتصر ذلك على الامة العربية والإسلامية الموجودة في الشرق الأوسط وليس دول الشرق الأوسط. 

ثانيا هذه التغيرات الكبيرة التي ينتظرها قادة البلاد والتي وضعوا لها مدة زمنية تقدر بخمس سنوات وفق حديث الأمير محمد بن سلمان تحتاج الى مقدمات والى تمهيد فما هو التمهيد الذي تراه القيادات الخليجية الشابة وهل نحن بصدد وضع الخطوات لهذا التمهيد؟ وما دور الشباب في هذا التحول؟ نرى ان اول خطوة في مراحل التمهيد هي شرح الصورة النهائية للمنطقة والتي سوف نتحول اليها، كيف سيكون الحال السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والبيئي بعد عملية التحول؟ كيف سيكون وضع الانسان الخليجي والعربي في هذه البلدان التي ترى القيادات الشابة ان التحول سوف يطالها؟

ثالثا ينم هذا الحديث عن نوع من التكامل في الخطاب بين مختلف البرامج التي يتم اقامتها، السؤال الى أي حد سوف يترجم هذا التكامل في الخطاب الى تكامل في الخطط والمشاريع التي تطور هذه القدرات الشبابية عمليا وتهيئهم للمستقبل؟ وماذا عن التعليم ومناهجه وأهدافه واستراتيجياته وهل هي متفقه مع هذه التطلعات القطاعية الاقتصادية؟ وما طبيعة التنسيق بين دول المجلس في هذا المجال لكي تعم الفائدة ويتحقق التكامل الفعلي والاستفادة من فتح الأسواق الخليجية على بعضها؟ 

لذلك نقول بان التحول يجب ان يكون منظما ومدروسا ووفق خطوات تناقش على مستوى المجتمع يشارك فيها الجميع وتوضع لها المعايير لمتابعة تنفيذها وتتبع نتائجها. اما الحديث عن انتقال دون ان توضح آلياته وخطواته وكيفية مشاركة المجتمعات فيه، فانه سوف يبقى في عقول البعض دون إحساس مجتمعي بتأثيره.

ان تنفيذ مثل هذا الحزمة من الإصلاحات هي عملية طويلة المدى وتحتاج الى إرادة سياسية وقناعة بحتمية التحول نحو الدولة المنتجة. على مستوى البحرين فان هذا التحول سوف يتطلب اولا تشكيل تكتل نيابي يتبنى هذا المسار الإصلاحي بتعاون وثيق مع الحكومة ومجلس الشورى والمجتمع المدني، ويؤمن بضرورة البدء في عملية إصلاح تنموي اقتصادي شاملة وتحديد مسئولية إدارة عملية الإصلاح وتنفيذها ويركز جهوده في خطوات واضحة تبدأ بتوضيح الصورة النهائية التي نسعى للوصول اليها، وتوضيح ملامح المستقبل الذي ينتظرنا، وماهي مواصفات هذا المستقبل وكيف نقيمها وماهي معايير قياسها؟ 

ثانيا ان لا ينحصر التحول في النمو المادي وانما يطال نوعية حياة الانسان المعنوية والإنسانية ويشمل جميع المواطنين؟ ثالثا يتطلب التحول خطوات واضحة تحدد مسارنا للوصول الى هذا المستقبل؟ ورابعا وضع مبادئ وقيم تقودنا نحو التوزيع العادل للمكاسب والمساهمات. وخامسا وأخيرا ان يكون اهم اهداف التحول هورفاهية الانسان والمجتمع وتحسين مستواه المعيشي من جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية. فالخيار امامنا هو أما التحول الناجح من الدولة الريعية الى الدولة المنتجة او البقاء ننتظر مصير النفط ومصيرنا يحدده غيرنا.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *